تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[جشو]:

صفحة 287 - الجزء 19

  وفي الحدِيثِ: البَدْاءُ مِن الجَفاءِ والجفَاءُ في النارِ.

  وفي الحدِيثِ الآخرِ: مَنْ⁣(⁣١) بَدَا جَفَا، أَي غَلُظ طَبْعُه لقلَّةِ مُخالَطَةِ الناسِ.

  وفيه جَفْوَةٌ، ويُكْسَرُ: أَي جَفاءٌ.

  قالَ الليْثُ: الجَفْوةُ أَلْزَم في تَرْكِ الصلّةِ مِن الجَفاءِ.

  وفلانٌ ظاهِرُ الجِفْوةِ، بالكسْرِ: أَي الجَفَاء.

  فإن كانَ مَجْفُوّاً قيلَ به جَفْوَةٌ، بالفَتْح.

  وجَفَا مالَهُ: لم يُلازِمْهُ.

  وجَفَا السَّرْجَ عن فَرَسِه: رَفَعَه عنه، كأَجْفاهُ، هكذا في النسخ وهو خِلافُ ما عليه الأُصُول بأنَّ جَفَا لازِمٌ؛ ففي الصِّحاح: جَفَا السَّرْج عن ظَهْرِ الفَرَسِ وأَجْفَيْتُه أَنا إذا رَفَعْتَه عنه.

  وفي المُحْكَم: وأَجْفَيْت القَتَب عن ظَهْرِ البَعيرِ فجَفَا؛ فكَلامُهما صَرِيحٌ في أَنَّ جَفا لازِمٌ؛ فالذي ذَهَبَ إليه المصنِّفُ خَطَأٌ ظاهِرٌ.

  وشاهِدُ أَجْفاهُ قَوْلُ الراجز أَنْشَدَه الجوْهرِيٌ:

  تَمُدُّ بالأَعْناقِ أَو تَلْوِيها ... وتَشْتَكي لَوْ أنَّنا نُشْكِيها

  مَسَّ حَوايا قلما نُجْفِيها⁣(⁣٢)

  أَي قلما نَرْفَع الحَوِيَّة عن ظَهْرِها.

  والجَفاءُ يكونُ في الخِلْقَةِ والخُلُق؛ يقالُ: رجُلٌ جافِي الخِلْقَةِ وجافِي الخُلُقِ، أَي كَزٌّ غَلِيظُ⁣(⁣٣) العِشْرةِ خرقٌ في المُعامَلَةِ مُتحامِلٌ عند الغَضَبِ والسَّوْرةِ على الجَلِيسِ. وفي صفَتِهِ : «ليسَ بالجافِي المُهِين»، أَي ليسَ بالغلِيظِ الخِلْقةِ والطَّبْع، أَي ليسَ بالذي يَجْفُو أَصْحابَه، والمَهِين تقدَّمَ في النونِ.

  واسْتَجْفَى الفِراشَ وغيرَهُ: عدَّهُ جافِياً، أَي غلِيظاً أَو خَشِناً.

  وأَجْفَى الماشِيَةَ، فهي مُجْفاةٌ: أَتْعَبَها؛ وفي الصِّحاحِ: تَبِعَها⁣(⁣٤)؛ ولم يَدَعْها تأْكُلُ، ولا علَفَها قبْلَ ذلِكَ، وذلِكَ إذا سَاقَها سَوْقاً شَديداً؛ عن أَبي زيْدٍ.

  * وممَّا يُسْتدركُ عليه:

  جافَى جَنْبَه عن الفِراشِ فتَجافَى.

  وجافَى عَضُدَيْه عن جَنْبَيْهِ: باعَدَهُما.

  وجَفاهُ: بَعُدَ عنه؛ ومنه قَوْلُ محمد بنِ سوقَةَ: لمَّا قلَّ مالي جَفانِي إخْواني.

  وأَجْفاهُ: أَبْعَدَه؛ ومنه الحدِيثُ: «اقْرَؤُا القُرْآنَ ولا تَجْفُوا عنه»، أَي لا تَبْعدُوا عن تِلاوَتِه.

  وجَفاهُ: فَعَلَ به ما ساءَهُ.

  واسْتَجْفاهُ: طَلَبَ منه ذلِكَ.

  والأدَبُ صِناعَةٌ مَجْفُوُّ أَهْلُها.

  وجفَتِ المرْأَةُ وَلَدَها: لم تَتَعاهَدْه.

  وفي الحدِيثِ: «مَنْ حَجَّ ولم يَزُرْني فقد جَفا»⁣(⁣٥)، أَي فَعَل ما يَسُوءني.

  وجَفَا ثَوْبه: غَلُظَ؛ وكَذلِكَ القَلَم إذا غَلُظَ قَطّه.

  وهو مِن جُفَاةِ العَرَبِ.

  وأَصابَتْه جَفْوَةُ الزَّمنِ وجَفَواتُه⁣(⁣٦)؛ وهو مَجازٌ.

  والجَفْوَةُ: المَرَّةُ الواحِدَةُ مِن الجَفاءِ، كغُرابٍ: ما يُرْمى به الوادِي أَو القِدْرِ مِن الغثاءِ.

  وأَجْفَتِ القِدْرُ زبدَها: رَمَتْه؛ وكَذلِكَ جَفَتْ.


(١) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: من بدا، بالدال المهملة، أي خرج إلى البادية بخلاف البذاء في الحديث قبله فإنه بالذال المعجمة، ومعناه: الفحش من القول. ا هـ نهاية».

(٢) الصحاح، وفي اللسان:

مس حوايانا فلم نجفيها

والثاني والثالث في الأساس وفيها:

غمز حوايا قلما نجفيها

(٣) في القاموس: «غليظٌ» منونة، وتصرف الشارح بالعبارة فاقتضى تخفيفها.

(٤) كذا، وفي الصحاح: أتعبها، كالأصل.

(٥) اللسان: جفاني.

(٦) في الأساس: وجفاوته.