فصل الجيم مع الواو والياء
  وَلقد جَنَيْتُكَ أَكْمُؤاً او عَساقِلاً ... ولقد نَهَيْتُك عن بَناتِ الأَوْبَرِ(١)
  وكلُّ ما يُجْنَى، حتى القُطْنُ والكَمْأَةُ، فهو جَنَى وجَناةٌ.
  قالَ الراغبُ: وأَكْثَر ما يُسْتَعْمل الجنى فيمَا كانَ غَضّاً، انتَهَى.
  وهو على هذا من بابِ حُقِّ وحُقَّة؛ وقيلَ: الجَنَاةُ واحِدَةُ الجَنَى، وشاهِدُ الجَنَى قوْلُه تعالى: {وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ}(٢).
  ويقالُ: أَتانا بجَنَاةٍ طَيِّبةٍ لكلِّ ما يُجْتَنَى مِن الشَّجَر.
  وفي الحدِيثِ: «أَنَّ عليّاً، ¥، دخَلَ بيتَ المالِ فقالَ يا حَمْراءُ ويا بَيْضاءُ احْمَرِّي وابْيَضِّي وغُرِّي غيْرِي:
  هذا جَنَايَ وخِيارُه فيه ... إذ كُلُّ جانٍ يَدُه إلى فِيهْ(٣)
  ويُرْوَى وهجانه فيه، وقد تقدَّمَ في النونِ.
  وذَكَرَ ابنُ الكَلْبِي أَنَّ المَثَلَ لعَمْرو بنِ عَدِيِّ اللّخْمِيِّ ابنِ أُخْت جَذِيمَة، وهو أَوَّل مَنْ قالَهُ، وأَنَّ جَذِيمَةَ نَزَلَ مَنْزلاً وأَمَرَ الناسَ أَن يَجْتَنُوا له الكَمْأَة، فكان بعضُهم يَسْتأْثرُ بخيرِ ما يَجِدُ يَأْكُلُ طَيِّبُها، وعَمْرٌو يأْتِيه بخيرِ ما يَجِدُ ولا يأْكُلُ شيئاً، فلمَّا أَتى بها خالَهُ جَذيمَةَ قالَ هذا القَوْلَ، وأَرادَ عليٌّ، ¥ بقوْلِه ذلِكَ أَنَّه لم يَتَلَطَّخْ بشيءٍ مِن فيءِ المُسْلمين بل وَضَعَه مَواضِعَه.
  والجَنَى: الذَّهَبُ، وقد جَنَاهُ، قالَ في صفَةِ ذَهَب:
  صَبيحَةِ دِيمَةٍ يَجْنِيه جانِي
  أَي يَجْمَعُه مِن معْدَنِه.
  والجَنَى: الوَدَعُ كأَنَّه جُنِيَ من البَحْرِ.
  والجَنَى: الرُّطَبُ، وأَنْشَدَ الفرَّاءُ:
  هُزِّي إليكِ الجِذْعَ يُجْنِيكِ الجَنَى(٣)
  والجَنَى: العَسَلُ إذا اشْتِيرَ، ج أَجْناءٌ، قالتِ امْرأَةٌ من العَرَبِ:
  لأَجْناءُ العِضاهِ أَقَلُّ عاراً ... من الجُوفانِ يَلْفَحه السَّعيرُ(٤)
  ومِن المجاز اجْتَنَيْنا ماءَ مَطَرٍ؛ حَكَاه ابنُ الأعْرابيّ قالَ: وهو مِن جيِّدِ كَلامِ العَرَبِ ولم يُفَسِّرْه.
  قالَ ابنُ سِيدَه: وعنْدِي أَنَّه أَرادَ وَرَدْناهُ فَشَرِبْناهُ أو سَقَيْناه رِكابَنا، قالَ: ووَجْهُ اسْتِجادَة ابن الأعْرابيِّ له أنّه مِن فصِيحِ كلامِ العَرَبِ.
  وأَجْنَى الشَّجرُ: صارَ له جَنىَ يُجْنَى فيُؤْكَلُ، قالَ الشَّاعِرُ:
  أَجْنَى له باللِّوَى شَرْيٌ وتَنُّومُ(٥)
  وأَجْنَى الثَّمَرُ: أَي أَدْرَكَ.
  وأَجْنَتِ الأرْضُ: كَثُرَ جَناها، وهو الكَلأُ والكَمْأَةُ.
  وثَمَرٌ جَنِيٌّ، كغَنِيِّ؛ كذا في النسخِ، وفي المُحْكَم: تَمْرٌ جَنِيٌّ؛ جُنِيَ من ساعَتِه؛ ومنه قوْلُه تعالى {تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا}(٦).
  وقيلَ: الجَنِيُّ الثَّمَرُ المُجْتَنى ما دامَ طَرِيّاً.
  وتَجَنَّى فلانٌ عليه ذَنْباً: إذا ادَّعَى ذَنْباً لم يَفْعَلْه، أَي تَقَوّله عليه وهو بَرِيءٌ؛ وكَذلِكَ التَّجَرُّمُ.
  والجَنِيَّةُ، كغَنِيَّةٍ: رداءٌ مُدَوَّرٌ من خَزِّ.
  وأَحمدُ بنُ عيسَى المُقْرِي يُعْرَفُ: ب ابنِ جَنِيَّةَ، مُحدِّثٌ؛ صَوابُه بكسْرِ الجيمِ وتَشْديدِ النونِ المَكْسورَةِ والياء الأَخِيْرَة أَيْضاً، ضَبَطَه الحافِظُ وهو الصَّوابُ، وقد أَشَرْنا إليه في النونِ، وقد رَوَى هذا عن أَبي شَعيبٍ الحرَّانيّ.
  وتَجْنَى، كتَسْعَى: د، وضَبَطَه الصَّاغانيُّ بخطِّه بكسْرِ النونِ.
(١) اللسان والتهذيب.
(٢) الشطران في اللسان والتهذيب والنهاية، وقد وردا رجزاً، وفي المطبوعة المصرية ورد قوله نثراً.
(٣) اللسان والتهذيب.
(٤) اللسان.
(٥) اللسان والتهذيب.
(٦) سورة مريم، الآية ٢٥.