تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الحاء مع الواو والياء

صفحة 358 - الجزء 19

  والحَيُّ: فَرْجُ المرْأَةِ؛ نَقَلَه الأزْهرِيُّ.

  قالَ: ورأَى أَعْرابيُّ جهازَ عَرُوسٍ فقالَ: هذا سَعَفُ الحَيِّ، أَي جِهازُ فَرْجِ المرْأَةِ.

  وحَكَى اللَّحْيانيُّ: ضُرِبَ ضَرْبَةً ليس بحاءٍ منها، كذا في النسخِ والصَّوابُ ليسَ بحائِي منها، أَي ليسَ يَحْيَى* منها، قالَ: ولا يقالُ ليسَ بحَيِّ منها إلَّا أن يُخْبِرَ أنَّه ليسَ بحَيٍّ، أَي هو مَيِّتٌ، فإن أَرَدْتَ أنَّه لا يَحْيَى قُلْتَ ليسَ بحائِي، وكذلِكَ أَخَوَاتُ هذا كقَوْلِكَ عُدْ فُلاناً فإنَّه مرِيضٌ تُريدُ الحالَ، وتقولُ: لا تَأْكُلْ كذا مِن الطَّعامِ فإنَّكَ مارِضٌ، أَي أنَّكَ تَمرَضُ إن أَكَلْتَهْ.

  وأَحْياهُ إحْياءً: جَعَلَهُ حَيّاً؛ ومنه قَوْلُه تعالى: {أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى}.

  واسْتَحْياهُ: اسْتَبْقاهُ هو اسْتَفْعَل مِن الحَياةِ، أَي تَرَكَهُ حَيّاً، وليسَ فيه إلَّا لُغَة واحِدَةٌ؛ ومنه قَوْلُه تعالى: {وَيَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ}⁣(⁣١)، أَي يَتْركهنَّ أَحْياءً.

  وفي الحديثِ: «اقْتُلُوا شُيُوخَ المُشْرِكِين واسْتَحْيُوا شَرْخَهم، أَي اسْتَبْقُوا شَبابَهم ولا تَقْتُلُوهم.

  قيلَ: ومنه قَوْلُه تعالى: إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً⁣(⁣٢)، أَي لا يَسْتَبْقي، كذا وُجِدَ بخطِّ الجَوهريُّ.

  وطَريقٌ حَيٌّ: أَي بَيِّنٌ، والجَمْعُ أَحْياءٌ؛ قالَ الحُطَيْئة:

  إذا مَخَارِمُ أَحْياءٍ عَرَضْنَ لَه⁣(⁣٣)

  وحَيِيَ، كرَضِيَ: اسْتَبَانَ. يقالُ: إذا حَيِيَ لكَ الطَّريقُ فخُذْ يَمْنَةً.

  وأَرضٌ حَيَّةٌ: مُخْصِبةٌ، كما قالوا في الجَدْبِ مَيِّتَةٌ.

  وأَحْيَيْنا الأرضَ: وَجَدْناها حَيَّةً خصْبَةً غَضَّةَ النَّباتِ.

  والحَيَوانُ، مُحرَّكةً: جِنْسُ الحَيِّ، أَصْلُه حَيَيانٌ، فقُلِبَتِ الياءُ التي هي لامٌ واواً اسْتِكْراهاً لتَوالِي الياءَيْن لتَخْتلفَ الحَرَكاتُ؛ هذا مَذْهَبُ الخَلِيلِ وسِيْبَوَيْه؛ وذَهَبَ أَبو عُثمان إلى أنَّ الحَيوانَ غيْرُ مُبْدلِ الواوِ وأنَّ الواوَ فيه أَصْلٌ وإن لم يكنْ منه فعل، وشبه هذا بقَوْلِهم فَاظَ المَيْتَ يَفِيظُ فَيْظاً وفَوْظاً، وإن لم يَسْتَعْمِلُوا من فَوْظٍ فِعْلاً، كَذلِكَ الحَيَوانُ عنْدَهُ مَصْدَر لم يُشْتَقّ منه فِعْل.

  قالَ أَبو عليِّ: هذا غَيْرُ مرضيِّ من أَبي عُثْمان من قِبَل أنَّه لا يَمْتَنع أن يكونَ في الكَلامِ مَصْدَر عَيْنه واوٌ فاؤُه ولامُه صَحِيحانِ مِثْل فَوْظٍ وصَوْغٍ وقَوْلٍ ومَوْتٍ وأَشْبَاه ذلكَ، فأَمَّا أن يُوجدَ في الكَلامِ كَلِمَة عَيْنها ياء ولامُها واو فلا، فحَمْلُه الحَيَوانَ على فَوْظٍ خَطَأٌ، لأنَّه شَبَّه ما لا يُوجَد في الكَلامِ بما هو مَوْجُود مُطَّرد.

  قالَ أَبو عليِّ: وكأنَّهم اسْتَجازُوا قَلْبَ الياءِ واواً لغَيْرِ علَّةٍ، وإن كانتِ الواوُ أَثْقَل من الياءِ، ليكون ذلكَ عوضاً للواوِ من كَثْرةِ دُخُولِ الياءِ وغَلَبتها عليها.

  والمُحاياةُ: الغِذاءُ للصَّبِّيِّ بما به حَيَاته.

  وفي المُحْكَم: لأنَّ حَياتَه به.

  والحَيُّ: البَطْنُ من بُطُونِهم، أَي العَرَب، ج أَحْياءٌ.

  قالَ الأَزْهرِيُّ: الحَيُّ يَقَعُ على بَني أَبٍ كَثُرُوا أَو قَلُّوا، وعلى شَعْبٍ يجمَعُ القَبائِلَ؛ ومنه قوْلُ الشاعِرِ:

  قاتَلَ اللهُ قيسَ عَيْلانَ حَيّاً ... ما لَهُمْ دُونَ عذرَةِ مِنْ حِجابِ⁣(⁣٤)

  والحَيَا، مَقْصوراً: الخِصْبُ وما يَحْيَى به الأَرْضُ والنَّاسُ.

  وقال اللَّحْيانيُّ: هو المَطَرُ لإحْيائِهِ الأَرْضَ، وإذا ثَنَّيْت قُلْت حَيَيان، فتُبَيِّن الياءَ لأَنَّ الحرَكَةَ غَيْرُ لازِمَةٍ، وإنَّما سُمِّي الخِصْب حَياء لأنَّه يَتَسَبَّب عنه. ويُمَدُّ فيهما، والجَمْعُ أَحْياءٌ.

  والحَيَا: اسمُ امْرأَةِ؛ قال الرَّاعي:


(*) كذا، وبالقاموس: يَحْيَا.

(١) سورة القصص، الآية ٤.

(٢) سورة البقرة، الآية ٢٦.

(٣) ديوانه ط بيروت ص ١٣ وضبط أحياء بالرفع، وعجزه:

لم ينب عنها وخاف الجور فاعتتبا

(٤) اللسان والتهذيب وفيهما «عذرة» بدل «عذرة».