تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الذال المعجمة مع الواو والياء

صفحة 431 - الجزء 19

  والتَّذْكِيَةُ: الذَّبْحُ.

  قالَ الراغبُ: حقيقَةُ التَّذْكِيَةِ إخْراجُ الحرارَةِ الغَرِيزِيَّةِ لكنْ خُصّ في الشَّرْعِ بإِبْطالِ الحياةِ على وَجْهٍ دُونَ وَجْه، ويدلُّ على هذا الاشْتِقاقِ قَوْلهم في المَيِّتِ خامِدٌ وهامِدٌ، وفي النارِ الهامِدَةِ مَيِّتَةٌ.

  كالذَّكا والذَّكاةِ؛ ويقالُ: هُما اسْمانِ، والعَرَبُ تقولُ: ذَكاةُ الجَنِينِ ذَكاةُ أُمِّه أَي إذا ذُبِحَتْ ذُبِحَ.

  وفي المِصْباح: أَي ذَكاةُ الجَنِينِ هي ذَكاةُ أُمِّه، فحذِفَ المُبْتدأُ الثاني إيجازاً لفَهْم المعْنى.

  وقالَ المطرزي: النَّصْبُ في قوْلِه: ذَكاةَ أُمِّه خَطَأ.

  وفي التَّهذِيبِ: ومعْنَى التَّذْكِيَة أن يُدْرِكَها وفيها بَقِيَّةٌ نَشْخُبُ معها الأوْداجُ، وتَضْطَربُ اضْطَرابَ المَذْبوحِ الذي أُدْرِكَ ذَكاتُه؛ قالَ: وأَهْلُ العِلْم يقولون: إنْ أَخْرَجَ السبُعُ الحِشْوَةَ أَو قَطَع الجَوْفَ فخَرَجَتْ فلا ذَكاةَ لذلكَ، وتأْويلُه أَن يصيرَ في حالةِ ما لا يُؤَثِّرُ في حياتِهِ الذَّبْحُ.

  وكغَنِيِّ: الذَّبيحُ. يقالُ: جَدْيٌ ذَكِيٌّ.

  قالَ ابنُ سِيدَه: وإنِّما أثبت هذه الكَلِماتِ في الواوِ وإنْ كانَ لَفْظُها الياء لأنَّا وَجَدْنا ذكو على ما انْتَظَمه هذا الباب، وأمَّا ذكي فعدم، وقد ذَكَرْتُ أنَّ الذَّكِيَّةَ نادِرٌ.

  ويقالُ: ذَكَّى الرَّجُلُ تَذْكِيَةً، أَي أَسَنَّ وبَدُنَ، فهو مُذَكّ.

  قالَ ابنُ سِيدَه: والمُذَكِّي أَيْضاً: المُسِنُّ مِن كلِّ شيءٍ، وخَصَّ بعضُهم ذات الحافِرِ، وقيلَ: هو أن يُجاوِزَ القُرُوحَ بسَنَةٍ.

  وقالَ الراغبُ: خُصَّ⁣(⁣١) الرَّجُل بالذَّكاءِ لكَثْرَةِ رِياضَتِه وتَجارِبِه، وبحسَبِ هذا الاشْتِقاقِ لا يُسَمَّى الشيخُ مُذكّياً إلَّا إذا كانَ ذا تَجارِب ورِياضياتٍ، ولمَّا كانتِ التّجاربُ والرِّياضاتُ قلَّما تُوجَدُ إلَّا في الشّيوخِ لطُولِ عمرِهم اسْتُعْمل الذَّكاءُ فيهم.

  والمَذاكِي من الخَيْلِ: العتاقُ المَسانُّ التي أَتى عليها بعدَ قُروحِها سَنَةٌ أَو سَنَتانِ، الواحِدُ مُذَكِّي، مثْلُ المُخْلِفِ من الإِبِلِ.

  ومنه المَثَلُ: جَرْيُ المُذَكِّياتِ غِلابٌ⁣(⁣٢)؛ ويُرْوَى: جَرْيُ المَذاكِي؛ وقيلَ: المُذَكِّي مِن الخَيْلِ الذي يَذْهَب حُضْرُه ويَنْقَطِعُ.

  ومِسْكٌ ذَكِيٌّ وذاكٍ وذَكِيَّةٌ: ساطِعٌ رِيحُه؛ وأَصْلُ الذَّكاءِ في الرِّيحِ شِدَّتُها مِن طيبٍ أَو نَتَنٍ.

  قالَ ابنُ الأنْبارِي: والمِسْكُ والعَنْبر يُذَكَّران ويُؤَنَّثان؛ قالَهُ أَبو هفان.

  وسحابَةٌ مُذْكِيَةٌ، كمُحْسِنَةٍ؛ وفي التكمِلَةِ بالتَّشْدِيدِ⁣(⁣٣) لمُحَدِّثَةٍ؛ مَطَرَتْ مَرَّةً بعد مرَّةٍ أُخْرَى.

  والذَّكاوِينُ: صِغارُ السَّرْجِ، جَمْعُ ذَكْوانةٍ؛ كما في المُحْكَم.

  وابنُ ذَكْوانَ: المُقْرِئُ رَاوِي ابنِ عامِرٍ، مَشْهورٌ.

  وذَكْوَةُ: مَأْسَدَةٌ في بلادِ قَيْس.

  وفي المُحْكَم: قَرْيةٌ.

  * وممَّا يُسْتدركُ عليه:

  أَذْكَيْتُ الحَرْبَ: أَوْقَدْتُها.

  وقولُه تعالى: {إِلّا ما ذَكَّيْتُمْ}⁣(⁣٤)، مَعْناه ما أَدْرَكْتُم ذَكاتَه.

  وذَكْوانُ: اسمُ قَبِيلَةٍ من سُلَيْم.

  وأيْضاً: جَدُّ أَبي بكرٍ محمدِ بنِ أَحْمدَ بنِ عبدِ الرحمنِ الذَّكْوانيّ الأَصْبهانيّ عن أَبي بكْرٍ أَحْمَدَ بنِ موسَى التَّمِيميّ؛ وأَيْضاً جَدُّ أَبي جَعْفرٍ أَحْمَدَ بنِ⁣(⁣٥) الحُسَيْن بنِ حفص الذَّكْوانيّ الهَمْدانيّ ثِقَة رَوَى عن جَدِّه؛ وابنُ عَمِّه أَبو محمدٍ عبدُ اللهِ بنُ الحَسَنِ بنِ حفص، محدِّثُونَ.


(١) في المفردات: حُظي.

(٢) ويروى: «غلاء» والغلاء بالكسر أمد جري الفرس وشوطه.

(٣) كذا والذي في التكملة المطبوع «كمحسنة» ضبط قلم.

(٤) سورة المائدة، الآية ٣.

(٥) في اللباب: أحمد بن محمد بن الحسين.