تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[صكو]:

صفحة 605 - الجزء 19

  ابنُ سِيدَه فقالَ: وصَلَيْتُه وله: مَحَلْتُ به وأَوقَعْتُه في هَلَكَةٍ، وليسَ في كلِّ مِن الأصُولِ الثَّلاثَةِ ما ذَكَرَه المصنِّفُ مِن المُدارَاةِ والمُخاتَلَةِ، وكأنَّه أَخَذَ ذلكَ من لَفْظِ المَحْل.

  وفي الأساسِ: ومِن المجازِ: صَلَيْتُ بفلانٍ إذا سَوَّيتَ عليه مَنْصوبةً لتُوقِعَهُ.

  وصَلِيَ فلانٌ النَّارَ، كَرضِيَ، وصَلِيَ بها، وعليه اقْتَصَرَ الجوهريُّ؛ صُلِيّاً وصِليّاً، بالضمِّ والكسْر مع تَشْديدِ الياءِ فيهما، وصَلاءً، هكذا بالمدِّ في النسخِ والصَّوابُ صَلى بالقَصْرِ كما هو نَصُّ المُحْكم والمِصْباح، ويُكْسَرُ عن ابنِ سِيدَه أَيْضاً: قاسَى حَرَّها وشِدَّتَها؛ كتَصَلَّاها؛ وأنْشَدَّ ابنُ سِيدَه:

  فَقَدْ تَصَلَّيْت حَرَّ حَرْبِهِم ... كما تَصَلَّى المَقْرورُ مِنْ قَرَسِ⁣(⁣١)

  وفَرَّقَ الجوهريُّ بينَ صلى النَّارَ وبَيْنَ صَلِيَ بها، فقالَ: صلى النَّارَ يَصْلَى صُلِيّاً احْتَرَقَ؛ ومنه قولُه تعالى: {هُمْ أَوْلى بِها صِلِيًّا}⁣(⁣٢)؛ وقولُ العجَّاج:

  تَاللهِ لَو لا النارُ أنْ نَصْلاها⁣(⁣٣)

  قالَ: ويقالُ أَيْضاً صَلِيَ بالأَمْرِ إذا قاسَى حَرَّهُ وشِدَّتَه؛ ومنه قولُ أَبي الغولِ الطُّهَوِيّ:

  ولا تَبْلَى بَسالَتُهُمْ وإنْ هُمْ ... صَلُوا بالحَرْبِ حِيناً بَعْدَ حِينِ⁣(⁣٤)

  وفي المِصْباح: صَلِيَ بالنَّارِ وصَلِيها، صَلِيَ من بابِ تَعِبَ: وَجَدَ حَرَّها. وقال الرَّاغبُ: صَلِيَ بالنَّارِ وبكذا: أَي بُلِيَ به، ومنه:

  يصْلى⁣(⁣٥) {ناراً حامِيَةً}؛ {... وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً}⁣(⁣٦)؛ {... اصْلَوْهَا الْيَوْمَ}⁣(⁣٧)؛ {... لا يَصْلاها إِلَّا الْأَشْقَى}⁣(⁣٨).

  وأَصْلاهُ النَّارَ وصَلاهُ إيَّاها وصَلاهُ فيها وصَلاهُ عليها صَلْياً وصُلِيّاً: أَدْخَلَهُ إيَّاها وأَثْواهُ فيها؛ ومنه قولُه تعالى: {فَسَوْفَ نُصْلِيهِ ناراً}⁣(⁣٩)؛ {... وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً}؛ وقُرِئَ هذه بالتَّشَديدِ أَيْضاً؛ وإذا عُدِّي بفي أَو على فإنَّما هو بمعْنَى شَواهُ وأَحْرَقَه.

  والصَّلاءُ، ككِساءٍ: الشِّواءُ لأنَّه يُصْلَى بالنَّارِ؛ كما في الصِّحاح.

  والصَّلاءُ: الوَقُودُ على فعولٍ، وهو ما تُوقَدُ به النَّارُ.

  أَو النارُ، يقالُ: هو أَحْسَنُ مِن الصَّلاءِ في الشِّتاء؛ كالصَّلَى بالقَصْرِ فيهما أَي في الوَقُودِ والنارِ.

  وقالَ الأزهري: إذا كَسَرْت مَدَدْتَ، وإذا فَتَحْتَ قَصَرْتَ؛ ومثْلُه في الصِّحاحِ.

  واصْطَلَى بالنَّارِ: اسْتَدْفَأَ بها؛ ومنه قولُه تعالى: {لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ}⁣(⁣١٠)، أَي أنَّهم كانوا في شِتاءٍ فلذا احْتاجُوا إلى الاصْطِلاءِ.

  وصَلَّى عَصاهُ على النَّارِ تَصْلِيَةً وتَصَلَّاها: لَوَّحَ.

  وفي الصِّحاح: لَيَّنَها وقَوَّمَها؛ قالَ قيْسُ بنُ زهَيْرٍ:

  فلا تَعْجَلْ بأَمْركَ واسْتَدِمْهُ ... فما صَلَّى عَصاكَ كَمُسْتَدِيمِ⁣(⁣١١)

  وفي الأساس: صَلَّيْتُ القَناةَ: قَوَّمْتها بالنارِ.

  وأرْضٌ مَصْلاةٌ: كثيرَةٌ الصِّلِّيانِ لنَبْتٍ ذُكِرَ في حَرْفِ اللَّامِ لاخْتِلافِهم في وَزْنِه فِعِّلان أَو فِعْلِيان، وهذا النَّبْتُ يُسَمَّى خُبْزَة الإِبِلِ، وقد تقدَّمَ.


(١) البيت لأبي زبيد الطائي كما في اللسان والصحاح والتهذيب، وهو في شعره في شعراء إسلاميون ص ٦٤٠ برواية «وقد تصليت ...» وانظر تخريجه فيه.

(٢) سورة مريم، الآية ٧٠.

(٣) الصحاح واللسان والتكملة، قال الصاغاني: وليس الرجز. للعجاج وإنما هو للزفيان، وبعده في اللسان:

أو يدعو الناس علينا الله ... لما سمعنا لأمير قاها

(٤) اللسان والصحاح وفيهما: قال الطهوي.

(٥) سورة الغاشية، الآية ٤ وفيها «تَصْلى».

(٦) سورة النساء، الآية ١٠.

(٧) سورة يس، الآية ٦٤.

(٨) سورة الليل، الآية ١٥.

(٩) سورة النساء، الآية ٣٠.

(١٠) سورة النمل، الآية ٧ وسورة القصص، الآية ٢٩.

(١١) الصحاح واللسان وفيه «عصاه» وعجزه في التهذيب.