تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[صمي]:

صفحة 609 - الجزء 19

  المُجْمل نقلَهُ صاحِب المِصْباح؛ على هذا القَوْلِ وكذا قَوْل الزجَّاج السَّابق هي يائيَّةٌ لا واوِيَّةٌ. وقيلَ: هي مِن الصَّلْي، ومَعْنى صَلَّى الرَّجُل أَزَالَ عن نَفْسِه، بهذه العِبادَةِ، الصَّلى⁣(⁣١) الذي هو نارُ اللهِ المُوَقَدَةُ، وبناءُ صَلّى كبِناءِ مَرَّض وقَرَّد لإزالَةِ المَرَضِ والقرادِ؛ وهذا القَوْلُ ذَكَرَه الرَّاغبُ في المُفْرداتِ لبعضِهم، وعلى هذا القَوْل أَيْضاً فهي يائيَّةٌ. وقالَ الفَخْرُ الرَّازي: اخْتُلِفَ في وَجْه تَسْمِيتِها على أَقْوالٍ والأَقْربُ أنَّها مأَخوذَةٌ مِن الدُّعاءِ، إذ لا صَلاةَ إلَّا وفيها الدُّعاء وما يَجْرِي مجراهُ.

  *فائدة*

  قَوْلُنا: اللهُمَّ صَلِّ على محمدٍ، مَعْناه عَظِّمْه في الدُّنيا بإعْلاءِ ذِكْره وإظْهار دَعْوتِه وإبْقاءِ شَرِيعَتِه، وفي الآخِرَةِ بتَشْفِيعِه في أُمَّتِه وتَضْعيفِ أَجْرِه ومَثُوبتِه؛ وقيلَ: المَعْنى لمَّا أَمَّرَنا اللهُ ø، بالصَّلاةِ عليه ولم نَبْلغْ قَدْرَ الواجِبِ من ذلكَ أَحَلْناه على اللهِ: اللهُمَّ صَلِّ أَنْت على محمدٍ لأنَّكَ أَعْلَم بما يليقُ به. وقالَ بعضُ العارِفِين: الصَّلاةُ عليه ، جُعِلَتْ وَسِيلَة للتَّقرُّبِ منه، كما جُعِلَتْ هَدايا الفُقراءِ إلى الأُمراء وَسائِل ليَتَقرَّبوا بها إليهم وليَعُودَ نَفْعُها إليهم، إذ هو ، بَعْد صَلاةِ اللهِ عليه لا يَحْتاجُ إلى أَحَدٍ، وإنَّما شُرِّعَتْ تعبُّداً للهِ وقرْبةً إليه ووَسِيلةً للتَّقرُّبِ إلى الجنابِ المَنِيعِ ومَقامِه الرَّفِيعِ، وحَقِيقَتها منه إليه إذ ما صَلَّى على محمدٍ إلَّا محمدٌ ، لأنَّها صَدَرَتْ منهم بأَمْرِهِ مِن صُورَةِ اسْمِه، انتَهَى.

  وقد اخْتُلِفَ في هذا الدُّعاءِ هل يَجوزُ إطْلاقُه على غَيْر النبيِّ أَمْ لا؟ والصَّحِيحُ أنَّه خاص به، فلا يقالُ لغيرِهِ.

  وقالَ الخطابي: الصَّلاةُ التي بمَعْنى التَّعْظِيم والتَّكْريمِ لا تقالُ لغيرِهِ؛ ومنه: اللهُمَّ صَلِّ على آلِ أَبي أَوفى؛ وقيلَ فيه: إنَّه خاصٌّ به، ولكنَّه هو آثَرَ به غَيْرَه، فأَمَّا سِواهُ فلا يَجوزُ له أنْ يخصَّ به أَحَداً.

  * وممَّا يُسْتدركُ عليه:

  المُصَلَّى، كمعَلَّى: يُطْلَقُ على موضِعِ الصَّلاةِ وعلى الدُّعاءِ وعلى الصَّلاةِ، وقوْلُه تعالى: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى}⁣(⁣٢)، يَحْتَمِلُ أَحَدَ هذه المَعانِي.

  وأَيْضاً: موضِعٌ بالمدينَةِ.

  وبَنُو المُصَلى، على صيغَةِ اسْم الفاعِل: بُطَيْنٌ بمِصْر.

  وأَبو بكْرٍ محمدُ بنُ محمدِ بنِ عبدِ الحميدِ البَلخيُّ كانَ يقالُ له الصلواتي، لأنَّ أَحَدَ أَجْدادِهِ كانَ يُكْثرُ الصَّلاةَ، أَو الصَّلاةَ على النبيِّ ، رَوَى عنه ابنُ السّمعاني.

  وجِئْتُ في أَصلائِهم: أَي أَدْبارِهم.

  وصَلَتِ الفَرَسُ: اسْتَرْخَى صَلَواها، مثْلُ أَصْلَتْ وصَليَتْ؛ عن الزجَّاج.

  [صمي]: ى الصَّمَيان، محرَّكةً: التَّقَلُّبُ والوَثْبُ؛ نقلَهُ الجوهريُّ وابنُ سِيدَه.

  وقالَ أَبو إسْحاق: أَصْلُ الصَّمَيان، لُغَةٌ؛ السُّرْعَةُ والخِفَّةُ؛ وقد صَمَى وأَصْمَى إذا أَسْرَعَ.

  والصَّمِيان: الشُّجاعُ الصَّادِقُ الحَمْلَةِ، جَمْعُه صِمْيان، عن كُراعٍ.

  وقالَ الزَّمَخْشريُّ: هو الرَّجُلُ التمضاء⁣(⁣٣) على الأُمُورِ.

  وفي التَّهْذيبِ: ذو التّوَثبِ على الناسِ.

  وأَصْمَى الصَّيْدَ: رَماهُ فقَتَلَهُ مَكانَهُ، أَي وهو يَراهُ؛ ومنه حديثُ الصَّيْد: «كُلْ ما أَصْمَيْت ودَعْ ما أَنْمَيْت».

  قالَ أَبو إسْحاق: الإصْماءُ أنْ تَرْمِيه فيَموتَ بينَ يَدَيْك لم يَغبْ عنْك، والإنْماءُ أن يَغِيبَ فيُوجدَ مَيِّتاً. وقيلَ: مَعْناه كُلْ ما أَصابَهُ السَّهْمُ وأَنْتَ تَراهُ فأَسْرَع في الموْتِ فرَأَيْتَه، ولا مَحالَة أنَّه ماتَ برَمْيكَ.

  واقْتَصَرَ الأزهري في التَّفْسيرِ على الكَلْب فقالَ: المَعْنى كُلْ ما قَتَله كَلبُك وأَنتَ تَراهُ، وإنَّما هو على سَبِيلِ التَّمْثيلِ، والسَّهْم مُلْحَقٌ به. وظاهِرُ الحديثِ عامٌّ فيما، نبَّه عليه صاحِبُ المِصْباحِ.


(١) في المفردات: «الصِّلاء».

(٢) سورة البقرة، الآية ١٢٥.

(٣) في الأساس: مضّاء.