تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[علي]:

صفحة 703 - الجزء 19

  ويُرْوى: وعلى الخَيْل؛ قالَ سِيْبَوَيْه: أَلِفُها مُنْقَلبةٌ من واوٍ، إلَّا أَنَّها تُقْلَب مع المُضْمِر ياءً، تقولُ عَلَيكَ، وبعضُ العَرَبِ يَتْركُها على حالِها، قال الراجِزُ:

  طارُوا عَلاهُنَّ فَطِرْ عَلاها⁣(⁣١)

  ويقالُ: هي لُغَةُ بالحارِثِ بنِ كعبٍ، انتَهَى.

  وقالَ السَّبكي: الأصَحُّ أَنَّها قد تكونُ اسْماً بمعْنَى فَوْق أي بقلَّةٍ، وتكونُ حَرْفاً بكثرةِ للاسْتِعلاءِ حسًّا نحْو: {كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ}⁣(⁣٢)؛ أَو مَعْنًى نَحْو: فضلنا بَعْضَهم على بعضٍ.

  والمُصاحِبَةِ كَمَعْ نَحْو قولِه تعالى: وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ⁣(⁣٣) أَي مع حُبِّه.

  * قُلْت: وبه فُسِّر الحديثُ: «زكاةُ الفطْرِ عَلَى كلِّ حُرِّ وعَبْدٍ صاعٌ»، قالَ ابنُ الأثير: قيلَ: عَلَى هنا بمعنى مع لأنَّ العَبْدَ لا تجبُ عليه الفطْرَةُ وإنَّما تجبُ على سيِّدِه.

  والمُجاوَزَةِ كعَنْ، كقوْلِ القحيفِ العُقَيْلِي:

  إِذا رَضِيَتْ عليَّ بَنُو قُشَيْرٍ ... لَعَمْر اللهِ أَعْجَبَنِي رِضَاها⁣(⁣٤)

  أَي عَنِّي، وإنَّما عدَّاهُ بعَلَى لأنَّه إذا رَضِيَت عنه أَحَبَّته أَقْبَلَتْ عليه، فلذا اسْتعملَ على بمعْنَى عن.

  قالَ ابنُ جنِّي: وكانَ أَبو عليِّ يَسْتَحْسن قولَ الكِسائي في هذا لأنَّه قالَ: لمَّا كانَ رَضِيَت ضِدّ سَخَطَتْ عدَّاهُ بعَلَى حَمْلاً للشيءِ على نَقِيضِه كما يحْملُ على نظِيرِه، وقد سَلَكَ سِيْبَوَيْه هذه الطَّريق، في المَصادِرِ كَثِيراً فقال: وقالوا كذا كما قالوا كذا وأَحَدُهما ضِدٌّ للآخَر.

  * قُلْت: ومنه أَيْضاً الحديثُ: «مَنْ صامَ الدَّهْرَ ضُيِّقَتْ عليهِ جَهنَّمُ»، أَي عنه فلا يَدْخلُها، ولا يجوزُ حَمْله على حَقِيقَتهِ لأنَّ صَوْمَ الدَّهْر بالجمْلةِ قرْبَةٌ؛ وكذا حديثُ أَبي سُفْيان: «لولا أَنْ يَأْثُروا عليَّ الكَذِبَ لكَذَبْتُ»، أَي يَرْوُوا عَنِّي. والتَّعْليلِ، كاللَّامِ نحْو قوْلِه تعالى: وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى ما هَداكُمْ⁣(⁣٥)، أَي لِمَا هَدَاكُم.

  والظَّرْفِيَّةِ: كفى نَحْو قَوْلِه تعالى: وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلى حِينِ غَفْلَةٍ⁣(⁣٦)، أَي في حِين غَفْلَةٍ.

  وبمعْنَى من كقَوْله تعالى: إِذَا اكْتالُوا عَلَى النّاسِ يَسْتَوْفُونَ⁣(⁣٧)، أَي مِن الناسِ؛ نقلَهُ الجوهريُّ.

  وفي التَّهذيبِ: عن الناسِ.

  وتكونُ بمعْنَى الباءِ كقَوْلهِ تعالى: عَلى أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَّ⁣(⁣٨). أَي بأَنْ لا، ومنه أَيْضاً قولُ أَبي ذُؤَيْبٍ الهُذَلي:

  يَفِيضُ على القِداحِ⁣(⁣٩) ...

  إلى آخِرِه، أَي بالقِدَاح.

  والاسْتِدْراكِ مِثْل لكنَّ نَحْو قوْلِهم: فلانٌ جَهَنَّمِيٌّ، ونَصُّ السّبكي: فلانٌ لا يَدْخلُ الجنَّة، على أَنَّه لا يَيْأَسُ من رحمةِ اللهِ، أَي لكنَّه.

  وتكونُ زائِدَةً للتَّعْوِيضِ، كقوْلِه:

  إنَّ الكَرِيمَ وأَبِيكَ يَعْتَمِلْ ... إن لم يجِدْ يوماً عَلى مَنْ يَتَّكِل⁣(⁣١٠)

  أَي من يَتَّكِلُ عليه، فحَذَفَ عليه وزَادَ على قَبْلِ المَوْصولِ عِوَضاً.

  وقالَ السّبكي: وتكونُ للزِّيادَةِ كقوْلِه: لا أَحْلِف على يَمِينٍ، أَي يَمِيناً.

  وتكونُ اسْماً بمعْنَى فُوَيْقٍ⁣(⁣١١)، كقولِ الشاعرِ، وهو مزاحِمٌ العُقَيْليّ يَصِفُ قَطاةً:


(١) اللسان والصحاح.

(٢) سورة الرحمن، الآية ٢٦.

(٣) سورة البقرة، الآية ١٧٧.

(٤) صدره من شواهد القاموس، والبيت في المغني ص ١٩١.

(٥) سورة البقرة، الآية ١٨٥.

(٦) سورة القصص، الآية ١٥.

(٧) سورة المطففون، الآية ٢.

(٨) سورة الأعراف، الآية ١٠٥.

(٩) اللسان وتمامه:

وكأنهن ربابة وكأنه ... يَسَرُ يفيض على القِداح ويصدعُ

(١٠) من شواهد القاموس والمغني ص ١٩٢.

(١١) فوق: هكذا رأيته في نسخة المؤلف، ا ه. شنقيطي (هامش القاموس)، وفي المغني ص ١٩٢: فوق.