تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[عني]:

صفحة 711 - الجزء 19

  وشَرِبَ اللّبَنَ شَهْراً فلم يَعْنَ فيه. وذُكِرَ فيه لُغَةٌ أُخْرَى عَنا يَعْنُو نَجَعَ أَيْضاً، ذَكَرْناها في الذي سَبَقَ. ثم رأَيْتُ ابنَ سِيدَه وكذا الصَّاغاني ذَكَرا هذه اللُّغَةَ فقالا: وعَنَى فيه الأكْلُ يَعْنَى، شاذَّة؛ نَجَعَ؛ وإيَّاهُما تَبعَ المصنِّفُ، فقولُ شيْخِنا، غَيْر مَسْموعَة مِن أَحَدٍ، مَرْدُودٌ.

  وعَنَتِ الأَرضُ بالنَّباتِ تَعْنِي: أَظْهَرَتْهُ، أَو ظَهَرَ فيها النَّباتُ؛ وهذه اللّغَةُ ذكَرَها الجوْهرِي عن الكِسائي.

  يقالُ: لم تَعْنِ بِلادُنا بشيءٍ إذا لم تَنْبِت شيئاً.

  وفيه لُغَةٌ أُخْرَى عَنَتْ تَعْنُو بهذا المَعْنى تقدَّمَ عن ابنِ السِّكِّيت.

  وعَنَى بالقَوْلِ كذا يَعْني: أَرادَ وقَصَدَ؛ قالَ الزَّمخشريُّ: ومنه المَعْنِيُّ.

  ومَعْنَى الكَلامِ ومَعْنِيُّه، بكسْرِ النُّونِ مع تَشْديدِ الياءِ، ومَعْناتُه ومَعْنِيَّتُه واحِدٌ أَي فَحْواهُ ومَقْصدُهُ، والاسْمُ العَناءُ.

  وفي الصِّحاح: تقولُ: عَرَفْت ذلكَ في مَعْنى كَلامِه وفي مَعْناةِ كَلامِه وفي مَعْنِيِّ كَلامِه: أَي في فَحْواهُ، انتَهَى.

  وفي مَعْنِيَّتُه، ذكَرَه ابنُ سِيدَه.

  وقالَ الأزْهري: مَعْنى كلِّ شيءٍ مِحْنَتُه وحالُه التي يَصِيرُ إليها أَمْرُه.

  وقالَ الراغبُ: المَعْنَى إظْهارُ ما تَضمَّنه اللّفْظُ مِن قوْلِهم: عَنَتِ الأرضُ بالنَّباتِ أَظْهَرَتْه⁣(⁣١) حَسناً.

  وفي المِصْباح: قالَ أَبو حاتِمٍ: وتقولُ العامَّةُ: لأيِّ مَعْنًى فَعَلْت؟ والعَرَب لا تَعْرِف المَعْنى ولا تَكادُ تتكلَّم به، نعم قالَ بعضُ العَرَبِ: ما مَعْنِيّ هذا، بكسْرِ النونِ وتشْديدِ الياء.

  وقالَ أبو زيدٍ: هذا في مَعْناةِ ذاكَ وفي مَعْناهُ سَواءٌ، أَي في مُمَاثِلتِه ومُشَابَهتِه دَلالَة ومَضْموناً ومَفْهوماً.

  وقال الفَارَابي أَيْضاً: ومَعْنَى الشيء ومَعْناتُه واحِدٌ ومَعْناهُ وفَحْواهُ ومُقْتضاهُ ومَضْمونُه كُلُّه هو ما يدلُّ عليه اللّفْظ. وفي التَّهذيبِ عن ثَعْلَب: المَعْنى والتَّفسِير والتَّأْوِيل واحِدٌ، وقد اسْتَعْمل الناسُ قوْلَهم هذا مَعْنَى كَلامِه وشبهه، ويُرِيدُون هذا مَضْمونَهُ ودَلالَتَه وهو مُطابقٌ لقوْلِ أَبي زيدٍ والفارَابِي، وأَجْمَع النّحاةُ وأَهْلُ اللغةِ على عِبارَةٍ تَداوَلُوها وهي قوْلهم: هذا بمعْنَى هذا، وهذا في المَعْنَى واحِدٌ، وفي المَعْنى سَواءٌ، وهذا في مَعْنى هذا أَي مُماثِلٌ له أَو مُشابِهٌ، انتَهَى.

  ويُجْمَعُ المَعْنى على المَعانِي ويُنْسَبُ إليه فيُقالُ المَعْنَوِيُّ، وهو ما لا يكونُ للِّسانِ فيه حَظوٌّ، إنّما هو مَعْنَى يُعْرفُ بالقَلْبِ.

  وقالَ المناوِي في التوقيف: المَعانِي هي الصُّورُ الذّهْنيَّةُ مِن حيثُ وضع بإزائِها الألْفاظُ والصُّورَةُ الحاصِلَةُ من حيثُ أنَّها تقصدُ باللفْظ تسَمَّى مَعْنًى، ومن حيثُ حُصولها من اللفْظِ في العَقْل تسَمَّى مَفْهوماً، ومن حيث أنَّها مَقُولةٌ في جوابِ ما هو تسَمَّى ماهِيَّة، ومِن حيثُ ثُبوتها في الخارِجِ تسَمَّى حَقِيقَة، ومن حيثُ امْتِيازها عن الأعْيانِ تسَمَّى هَوِيَّة.

  وقالَ أَيْضاً: علْمُ المَعانِي عِلْمٌ يُعْرَفُ به إيرادُ المَعْنى الواحِدِ بطُرُقٍ مُخْتَلفَةٍ في وُضوحِ الدَّلالةِ عليه.

  وعَنَا* عَناءً، هكذا هو بالفَتْح في الماضِي في النُّسخ ومثْلُه في المُحْكم؛ وفي الصِّحاح وتَهْذِيبِ ابن القطَّاع: عَنِيَ بالكسْرِ عَناءً، وتَعَنَّى: نَصِبَ، أَي تَعِبَ.

  وأَعْناهُ وعَنَّاهُ تَعْنِيَةً، وفي الصِّحاح: عَنَّيْتَه تَعْنِيَةً فتَعَنَّى، انتَهَى؛ وقولُ الشاعِر:

  عَنْساً تُعَنِّيها وعَنْساً تَرْحَلُ

  أَي تَحْرُثُها وتُسْقِطُها.

  والعَنْيَةُ، بالفتحِ: العَناءُ، نقلَهُ ابنُ سِيدَه.

  وتعَنَّاها: تَجَشَّمها.

  وفي الصِّحاح: تَعَنَّيْتُه فتَعَنَّى: أَي يتَعَدَّى وأَنْشَد الجوهريُّ في المتعدِّي قولَ الشاعِرِ:

  فقُلْتُ لها الحاجاتُ يَطْرَحْنَ بالفَتَى ... وهَمِّ تَعَنّاني مُعَنًّى رَكائبُهْ⁣(⁣٢)


(١) في المفردات: أنبتته حسناً.

(٢) الصحاح، وفي اللسان: «وهمّ تعنّاه».

(*) كذا، وبالقاموس: عَنَى.