تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[وجب]:

صفحة 464 - الجزء 2

  وهو مُسْتَوْجِبُ الحَمْدِ، أَي: وَلِيُّهُ، ومُسْتَحِقُّهُ.

  والوَجِيبَةُ: الوَظِيفَةُ، وهي ما يُعَوِّدُهُ الإِنسانُ على نَفْسهِ، كالّلازِم والثّابت. والذي في الأَساس: الوَجْبَةُ، وسيأْتي، وعلى الأَوّل يكون من زياداته.

  وعن أَبي عمرٍو: الوَجِيبَةُ: أَنْ تُوجِبَ البَيْعَ، ثم تَأْخُذَهُ أَوّلاً فَأَوَّلاً، وقيل: على أَنْ تَأْخُذَ منه بعضاً في كلِّ يومٍ حَتَّى تَسْتَوْفِيَ وَجِيبَتَكَ.

  وفي الحديث: «إِذا كان البيعُ عن خِيارٍ فقد وَجَبَ»، أَي: تَمَّ وَنَفَذَ. يقال: وَجَبَ البَيعُ وُجُوباً، وأَوْجَبَهُ إِيجَاباً: أَي لَزِمَ وأَلْزَمَهُ، يعني: إِذا قال بعدَ العَقْدِ: اخْتَرْ رَدَّ البَيْعِ، أَو⁣(⁣١) إِنْفَاذَهُ، فاخْتَارَ الإِنْفَاذَ، لَزِمَ وإِنْ لم يَفْتَرِقَا.

  والمُوجِبَةُ: الكَبِيرَةُ من الذُّنُوبِ الّتي يُسْتَوْجَبُ بها العَذَابُ. وقيل: إِنَّ المُوجِبَةَ تكونُ من الحَسَنَات والسَّيِّئات، وهي الَّتي تُوجِبُ النّارَ، أَو الجَنَّةَ، ففيه لَفٌّ ونَشْرٌ مُرتَّبٌ. وفي الحديث: «الّلهُمَّ، إِنّي أَسأَلُكَ مُوجِبَاتِ رَحْمَتِك».

  وأَوْجَبَ الرَّجَلُ: أَتَى بِهَا، أَي بالمُوجِبَةِ من الحسنات والسَّيَّئات، أَو عَمِل عَمَلاً يُوجِبُ له الجَنَّةَ، أَو النّارَ؛ ومنه الحديث: «مَنْ فَعَل كَذَا وكَذا، فقد أَوْجَبَ» وفي حديث مُعَاذ «أَوْجَبَ ذُو الثَّلاثَةِ والاثْنَيْنِ»، أَي: من قَدَّم ثلاثةً من الوَلَد، أَو اثنَيْنِ، وَجَبَتْ له الجَنَّةُ. وفي حديثٍ آخَرَ: «أَنَّ قوماً أَتَوُا النَّبِيَّ، ، فقالُوا: يا رسولَ اللهِ، إِنَّ صاحباً لنا أَوْجَبَ»، أَي: رَكِبَ خَطِيئَةً استوجب بها النّارَ، «فقال: مُرُوهُ فَلْيُعْتِقْ رَقَبَةً».

  وَوَجَبَ الحائطُ، يَجِبُ، وَجْبَةً، ووَجْباً: سَقَطَ. وقال اللِّحْيَانِيُّ: وَجَبَ البَيتُ، وكُلُّ شَيْءٍ: سَقَطَ، وَجْباً، ووَجْبةً.

  ووَجَبَ وَجْبَةً: سقَطَ إِلى الأَرْض، ليست الفَعْلَةُ فيه للمَرَّة الواحدة، إِنّما هو مصدر كالوُجُوب. وفي حديثِ سَعِيد: «لولا أَصْواتُ السّافِرَةِ⁣(⁣٢) لَسَمِعْتُمْ وَجْبَةَ الشَّمْسِ»، أَي: سقُوطَها مع المَغِيب. وفي حديثِ صِلَةَ «فإِذا بِوَجْبَةٍ» وهي صوتُ السُّقُوط. وفي المَثَل «بكَ الوَجْبةُ. وبِجَنْبِه فَلْتَكُنِ الوَجْبَةُ.» وقولُه تعالَى: {فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها}⁣(⁣٣) قيل: معناه سَقطتْ جُنُوبُها إِلى الأَرْض وقيل: خَرجتْ أَنْفُسُها فسقَطَتْ هي، {فَكُلُوا مِنْها}.

  ووَجَبَتِ الشَّمْسُ، وَجْباً، ووُجُوباً: غابَتْ، الأَوّل عن ثعلب.

  ووَجَبَتِ العَيْنُ: غارَتْ، على المَثَل، فهو مجازٌ.

  ووَجَبَ عنه: رَدَّهُ، وفي نوادر الأَعْرَاب: وَجَبْتُهُ عن كَذَا، [ووَكَبْتُهُ]⁣(⁣٤) إِذا رَدَدْتَهُ عنه، حَتَّى طالَ وُجُوبُهُ ووُكُوبُهُ عليه⁣(⁣٥).

  ووَجَب القَلْبُ، يَجِبُ، وَجْباً، ووَجِيباً، ووُجُوباً، وَوَجَبَاناً، محرَّكَةَ: خَفَقَ، واضطَربَ. وقال ثعلب: وَجَبَ القَلْبُ وَجِيباً، فقط. وفي حديث عليٍّ: «سَمِعْتُ لها وَجْبَةَ قَلْبِهِ»، أَي خَفَقَانَهُ. وفي حديث أَبي عُبَيْدَةَ ومُعَاذٍ: «إِنَّا نُحَذِّرُكَ يَوْماً تَجِبُ فيه القُلُوبُ».

  وأَوْجَب اللهُ تَعَالى قَلْبَهُ، عن اللِّحْيَانيّ وحدَهُ.

  وقال ثعلب: وجَبَ الرَّجُلُ، بالتَّخْفيف: أَكَلَ أَكْلَةً واحِدَةً في النَّهارِ. وعبارةُ الفَصِيح: في اليوم، وهو أَحسنُ، لِعُمُومِه.

  ووَجَبَ أَهلَهُ: فَعَلَ بهم ذلك، كَأَوْجَبَ، ووَجَّبَ، بالتَّشْديد. وهو مَجازٌ.

  ووَجَبَ الرَّجُلُ، وُجُوباً: ماتَ قال قَيْسُ بن الخَطِيمِ يَصِفُ حَرباً وقَعتْ بينَ الأَوْسِ والخَزْرَجِ يَوْمَ بُعاثٍ⁣(⁣٦):

  وَيَوْمَ بُعَاثٍ أَسْلَمَتْنَا سُيُوفُنا ... إِلَى نَسَبٍ في جِذْمِ غَسّانَ ثاقِبِ⁣(⁣٧)

  أَطاعَتْ بنُو عَوْفٍ أَمِيراً نَهَاهُمُ ... عن السِّلْمِ، حَتَّى كانَ أَوّلَ وَاجِبِ


(١) عن النهاية، وبالأصل «وانقاذه» واشار إلى ذلك بهامش المطبوعة المصرية.

(٢) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله السافرة. قال في النهاية: السافرة أمة من الروم، هكذا جاء متصلاً بالحديث».

(٣) سورة الحج الآية ٣٦.

(٤) زيادة عن اللسان.

(٥) اللسان: عنه.

(٦) في الأصل «بغاث» وما أثبتناه عن اللسان ومعجم البلدان. وبهامش المطبوعة المصرية: «قال المجد: بعاث بالعين والغين كغراب ويثلث، موضع بقرب المدينة، ويومه معروف».

(٧) عجزه في اللسان:

إلى نشبٍ في حزم غسان ثاقب