تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الفاء مع الواو والياء

صفحة 39 - الجزء 20

  والفِتْيانُ، بالكسْرِ: قَبيلةٌ من بَجِيلَةَ، وهُم بَنُو فِتْيانِ ابنِ مُعاوِيَةَ بنِ زيْدِ بنِ الغَوْثِ، وفيهم يقولُ ابنُ مُقْبل:

  إذا انْتَجَعَتْ فِتْيانُ أَصْبَح سرْبُهم ... بخَدْجاءِ عَيْشٍ آمِناً أَن ينفرَا

  منهم: أَبو عاصمٍ ربيعَةُ، كذا في النُّسخِ والصَّوابُ رفاعَةُ بنُ شدَّادِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ قَيْسِ بنِ حيالِ⁣(⁣١) بنِ بَدَّا ابنِ فِتْيان الفِتْيانِيُّ مِن أَصْحابِ عليِّ، ¥، قالَهُ ابنُ الكَلْبي. وقالَ مُسْلم: سَمِعَ عمرو بن الحمْقِ، وعنه السّدي، وعبدُ الملِكِ بنُ عُمَير وبيانُ بنُ بِشْر.

  والفُتُوَّةُ، بالضَّمِّ والتَّشديدِ، وإنَّما أَعراهُ عن الضّبْطِ لشُهْرتِه، وقد تقدَّمَ الكَلامُ على واوِه: الكَرَمُ والسَّخاءُ، هذا لُغَة، وفي عُرْفِ أَهْلِ التَّحْقِيقِ أَنْ يُؤْثرَ الخَلْقَ على نفْسِه بالدُّنْيا والآخِرَةِ.

  وصاحِبُ الفُتُوَّة، يقالُ له: الفَتَى، ومنه: لا فَتَى إلّا عليّ، وقولُ الشاعِرِ:

  فإنّ فتى الفتيان من رَاحَ واغْتَذَى ... لضرّ عدوٍّ أو لنَفْعِ صَدِيقِ

  وعُبِّرَ عنها في الشَّريعةِ بمكارِمِ الأخْلاقِ، ولم يَجِئْ لَفْظُ الفُتُوَّة في الكِتابِ والسُّنَّةِ، وإنّما جاءَ في كَلامِ السَّلَفِ، وأَقْدَمُ مَنْ تكلَّمَ فيها جَعْفَرُ الصّادِقِ، ثم الفضيلُ، ثم الإمامُ أَحمدُ وسهلُ والجُنَيدُ، ولهم في التَّعْبيرِ عنها أَلْفاظٌ مُخْتَلفَةٌ والمآلُ واحِدٌ.

  ويقالُ: هو فَتًى بَيِّن الفُتُوَّةِ.

  وقد تَفَتَّى وتَفاتَى، نقلَهُ الجَوْهرِي.

  وفَتَوْتُهُمْ أَفْتُوهُم: غَلَبْتُهُمْ فيها، أَي في الفُتُوَّةِ.

  والفُتَيُّ، كسُمَيٍّ، هكذا هو مَضْبوطٌ في نسخِ التَّهذيبِ، وفي ياقوتة الغمر: بخَطِّ توزون مُسْتَمْلي أَبي عُمَر. بكسْرِ التاءِ، قَدَحُ الشُّطَّارِ، عن ابنِ الأعْرابي نقلَهُ الأزْهري، وهو ما يُكالُ به الخَمرُ. قالَ الزَّمَخْشري: يقالُ: شَرِبَ بالفُتَيِّ، وهو قَدَحُ الشُّطَّارِ، سُمِّي به لصغرِه، وهو مجازٌ.

  والمُفْتِي، كمُحْسِنٍ: مِكْيالُ هِشامِ بنِ هُبَيْرَةَ، نقلَهُ ابنُ سِيدَه والأزْهرِي عن الأصْمعي، قالَ: والعُمَرِيُّ هو مِكيالُ اللّبَنِ، والمدّ الهِشامِيّ هو الذي كانَ يَتَوضَّأ به سعيدُ بنُ المُسَيِّب. وفي الحديثِ: أَنَّ امْرأَةً سأَلَتْ أُمَّ سَلمةَ أَنْ تُرِيَها الإناءَ الذي كانَ يتوضَّأُ منه رَسُولُ اللهِ ، فأَخْرَجَتْه فقالت المَرْأَةُ: هذا مَكُّوكُ المُفْتِي.

  قالَ ابنُ الأثِيرِ: أَرادَتْ تَشْبيهَ الإناءِ بمكُّوكِ هِشامٍ، أَو أَرادَتْ مَكُّوك صاحِبِ المُفْتِي، فحذَفَتِ المُضافَ. أَو مَكُّوك الشارِبِ: وهو ما يُكالُ به الخَمرُ، فتأَمَّل ذلكَ.

  والفِتَةُ، كعِدَةٍ: الحَرَّةُ⁣(⁣٢)، ج فِتُونَ، بالكسْرِ.

  * وممَّا يُسْتدركُ عليه:

  أَفْتَى: شَرِبَ بالفَتِيِّ عن ابنِ الأَعْرابي.

  ويقالُ للبَكْرةِ مِن الإِبِلِ: فَتِيَّةٌ، وتَصْغيرُها: فُتُيَّةٌ.

  والفَتَاءُ، كسَحابٍ: الفُتُوَّةُ.

  والأَفْتاءُ من الدوابِّ خِلافُ المَسانِّ، واحِدُها فَتِيٌّ، كغَنِيٍّ، مِثْلُ يَتِيمٍ وأَيْتامٍ، نقلَهُ الجَوْهرِي.

  وتَفاتَوْا إلى الفَقِيهِ: ارْتَفَعُوا إليه في الفُتْيا، نقلَهُ الجَوْهرِي.

  واسْتَفتيته فأَفْتانِي: أَي طَلَبْتُ منه، ومنه قولُه تعالى: {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ}⁣(⁣٣)، وقولُه تعالى: {فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَناتُ}⁣(⁣٤). وفِتْيَانُ بنُ أَبي السَّمْح: الفَقِيهُ المِصْرِي مِن كِبارِ أَصْحابِ مالِكٍ.

  وأَبو الفِتْيانِ عُمَرُ بنُ عبدِ الكَريمِ بنِ سَعْدَوَيْه الدهستاني الحافِظُ، ويُعْرَفُ بالرواسِي أَيْضاً، رَوَى عن الخطِيبِ البَغْدادي، ماتَ بسرخس⁣(⁣٥) سَنَة ٥٥٣.


(١) في جمهرة ابن حزم ص ٣٨٩ جعال.

(٢) كذا بالأصل والتكملة وفي القاموس: الَجرَّةُ الجيم.

(٣) سورة النساء، الآية ١٢٧.

(٤) سورة الصافات، الآية ١٤٩.

(٥) نص في اللباب على وفاته بالحروف سنة ثلاث وخمسمئة، في جمادى الأول.