تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[وظب]:

صفحة 470 - الجزء 2

  جمع الجمع أَواطِبُ، جمعُ أَوْطُبٍ، كَأَكالِب في أَكْلُبٍ.

  ومن المَجَاز: الوَطْب: الرَّجُلُ الجافي. والثَّدْيُ العَظِيمُ، تَشبيهاً بوَطْب اللَّبَن.

  والوَطْبَاءُ: المرأَةُ العَظِيمَةُ الثَّدْيِ كأَنَّهَا ذاتُ وَطْبٍ، أَي: تَحْمِلُ وَطْباً من اللَّبَن.

  ويُقَال للرَّجُلِ: صَفِرَتْ وِطَابُهُ، أَي: إِذا ماتَ، أَو قُتِلَ.

  وقيل: إِنّهُمْ يَعْنُونَ بذلك خُروجَ دَمِه من جَسده. وقيل: معنَى صَفِرَ الوِطابُ: خَلَا أَسَاقيه من الأَلبان الّتي تُحْقَنُ بها، لأَنَّ نَعَمَه أُغِيرَ عليها، فلم يبْقَ له حَلُوبةٌ؛ وقال تَأَبَّط شراً:

  أَقُولُ لِلحْيانٍ وقد صَفِرَتْ لَهُمْ ... وِطابي ويَوْمِي ضَيِّقُ الحَجْرِ مُعْوِرُ⁣(⁣١)

  جعل رُوحَهُ بمنزلة اللَّبَن الَّذي في الوِطاب، وجعل الوَطْبَ بمنزلةِ الجسدِ، فصار خُلُوُّ الجسد من الرُّوح كخُلُوّ الوَطْب من اللَّبن.

  والطِّبَةُ، بالتّخْفيف: القِطعةُ من الأَدَم⁣(⁣٢). وقال ابن سيدَه: لا أَدري أَهُو محذُوفُ الفَاءِ، أَم محذُوف اللام، فإِن كان محذوفَ الفاءِ، فهو من الوَطْب، وإِنْ كان محذوفَ اللّام، فهو من: طَبَيْتُ، وطَبَوْتُ؛ أَي: دَعَوتُ.

  والمعروف: الطِّبّةُ، بالتَّشْدِيد، وقد تقدَّم في موضعِه. وفي حديثِ عبدِ اللهِ بن بُسْرٍ: «نَزَل رسولُ اللهِ، ، على أَبِي، فقَرَّبْنا إِليه طعاماً، وجاءَه بوَطْبَةٍ، فأَكَلَ منها» هكذا في كتاب أَبي مسعودٍ الدِّمشْقيّ وأَبي بكر البَرْقانِيّ. قال النَّضْر: الوَطْبَةُ: الحَيْسُ، يجمع بينَ التَّمْرِ والأَقِط والسَّمن. ونقله عن شُعْبَةَ، على الصِّحَّة، بالوَاو. ورواه الحُمَيْدِيُّ في كتاب مُسْلِمٍ بالرّاءِ⁣(⁣٣)، وهو تصحيفٌ. وفي أُخْرَى⁣(⁣٤): «بوطئة في باب الهمزة، وقال: وهي طَعَامٌ يُتَّخَذُ من التَّمْر، كالحَبْسِ.

  ويُرْوَى بالبَاءِ المُوَحَّدة. وقيل: هو تَصحِيفٌ.

  [وظب]: وظَبَ عليه، يَظِبُ، وُظُوباً بالضَّمّ: دَامَ، عن اللّيْث. أَو وَظَبَ عليه، وَوَظَبَهُ، يَظِبُهُ، وُظُوباً: دَاوَمَهُ، ولَزِمَهُ، وتَعَهَّدَهُ، كوَاظَبَ مُوَاظَبَةً. وقد يَتَعَدَّى وَاظَبَ بنفْسه، حَمْلاً على لازَمَ، لأَنّهُ نظيرُه، أَشارَ له ابْنُ الكمال، في شرح مفتاح السَّكَّاكيّ عندَ قوله: وافتخار بمُوَاظَبتِها.

  وقال السَّعْدُ: الصَّوابُ: بالمُوَاظبة عليها. انظره في شرح شيخنا. قال أَبو زيد: الموَاظَبة: المثابَرة على الشَّيْءِ، والمداومة عليه. قال اللِّحْيَانيُّ: يُقَالُ: فُلانٌ مُوَاكِظٌ على كَذا وكذا. وواكِظٌ وواظِبٌ ومُوَاظِبٌ، بمعنًى واحدٍ، أَي: مُثابِرٌ. وفي حديثِ أَنَسٍ: كُنَّ أُمَّهاتي يُوَاظِبْنَنِي على خِدْمته»، أَي: يَحمِلنني ويَبعثنَني على ملازمةِ خدْمَته، والمُداومة عليها.

  وأَرْضٌ مَوْظُوبَةٌ، ورَوضَةٌ⁣(⁣٥) مَوظُوبةٌ: تُدُووِلَتْ بالرَّعْيِ وتُعُهِّدَت فَلَمْ، وفي غيرِه من الأُمّهَات: حتّى لم يَبْقَ فيها كَلأٌ.

  ويُقَال واد مَوْظوبٌ: مَعرُوكٌ. وفي المُحْكَم: يقال للرَّوضة إِذا أُلِحَّ عليها في الرَّعْيِ قد وُظِبَتْ، فهي مَوظوبةٌ.

  وفلانٌ يَظِبُ عليه⁣(⁣٦) ويُوَاظِبُ عليه.

  ورَجُلٌ مَوْظُوبٌ: تَدَاوَلَتِ النّوَائِبُ مالَهُ، وأَنْشَدَ الجوهَريُّ لسَلَامَةَ بْنِ جَنْدَلٍ:

  كُنّا نَحُلُّ إِذا هَبَّتْ شَآمِيَةٌ ... بِكُلِّ وادٍ جَدِيبِ البَطْنِ مَوْظُوبِ

  هكذا في نُسَخ الصَّحَاح، وفي هامشها: قال ابْنُ بَرِّيّ: صوابُ إِنشادِه: «حَطِيبِ البَطْنِ⁣(⁣٧) مَجْدُوبِ»، والّذي فيه «موظوب» بعدَهُ:

  شِيبِ المَبَارِكِ مَدْرُوسٍ مَدَافِعُهُ ... هابِي المَراغِ قَلِيلِ الوَدْقِ مَوْظُوبِ


(١) في الأصل: «ضيق الجحر» وما أثبت «الحجر» عن اللسان.

(٢) في اللسان: والطّبَة: القطعة المرتفعة أو المستديرة من الأدم، لغة في الطَّبَّة.

(٣) انظر رواية مسلم في صحيحه - كتاب الاشربة. باب استحباب وضع النوى خارج التمر.

قال ابن الاثير: والذي قرأته في كتاب مسلم وطبة بالواو. وقال الامام النووي: وهذا الذي ادعاه (الحميدي) على نسخ مسلم هو فيما رآه هو، وإلا فأكثرها بالواو.

(٤) أي في رواية أخرى.

(٥) عن اللسان، وفي الأصل «وروض» ونبه إليه بهامش المطبوعة المصرية.

(٦) كذا بالأصل، أي على الشيء، كما في اللسان.

(٧) في اللسان: «الجون» وفي التكملة: «الجوف».