تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[نثي]:

صفحة 219 - الجزء 20

  وفي الصِّحاح: النَّجا، مَقْصورٌ، من قَوْلِكَ نَجَوْتُ جِلْدَ البَعيرِ عنه وأَنْجَيْته إذا سَلَخْته؛ وقالَ عبدُ الرحمنِ بنُ حسَّان يخاطِبُ ضَيْفَيْن طَرَقاه:

  فقُلْتُ انْجُوَا عنها نَجا الجِلْدِ إنَّه ... سَيُرْضِيكُما منها سَنامٌ وغارِبُهْ⁣(⁣١)

  قُلْت: أَنْشَدَه الفرَّاء عن أَبي الجرَّاح؛ ثم قالَ الجَوْهري: قالَ الفرَّاء: أَضافَ النَّجا إلى الجِلْدِ لأنَّ العَرَبَ تُضِيفُ الشَّيءَ إلى نفْسِه إذا اخْتَلَفَ اللَّفْظانِ كقوله تعالى: {لَحَقُّ الْيَقِينِ}⁣(⁣٢) {وَلَدارُ الْآخِرَةِ}⁣(⁣٣) والجِلْدُ نَجاً، مَقْصورٌ أَيْضاً، انتَهَى.

  قال ابنُ برِّي: ومثْلُه لزيْدِ بنِ الحَكَم:

  تُفاوضُ مَنْ أُطْوِي طَوَى الكَشْحِ دُونه ... ومِنْ دُونِ مَنْ صافَيْتُه أنتَ مُنْطَوِي

  قالَ: يُقَوِّي قولَ الفرَّاء بعَد البَيْتِ قوْلُهم عِرْقُ النِّسا وحَبْلُ الوَرِيدِ وثابِت قُطْنَة وسَعِيد كُرْزٍ.

  وقال: الزجَّاجي: ما سُلِخَ عن الشَّاةِ أَو البَعيرِ.

  قُلْت: ومثْلُه للقالِي، وقالَ: يَكْتَبُ بالألِفِ ومِن الكنايَةِ: نَجا فلانٌ يَنْجُو نَجْواً: إذا أَحْدَثَ مِن رِيحٍ أَو غائِطٍ. يقالُ: ما نَجا فلانٌ مُنْذ أَيّامِ أَي ما أَتَى الغائِطَ.

  ونَجا الحَدَثُ؛ وفي الصِّحاح: الغائِطُ نَفْسُه؛ خَرَجَ؛ عن الأصْمعي.

  واسْتَنْجَى منه حاجَتَهُ. تَخَلَّصَها؛ عن ابنِ الأعْرابي؛ كانْتَجَى. قالَ ثَعْلَب: انْتَجَى مَتاعَهُ تَخَلَّصَه وسَلَبَه.

  والنَّجا، هكذا في النُّسخ، والصَّوابُ والنَّجاةُ: ما ارْتَفَعَ مِن الأرضِ فلم يَعْلُه السَّيْلُ فَظَنَنْته نَجاءَك، كالنَّجْوَةِ والمَنْجَى؛ الأَخيرَةُ عن أَبي حنيفَةَ، قالَ: وهو المَوْضِعُ الذي لا يَبْلغُه السَّيْل. وفي الصِّحاح: النَّجْوَةُ والنَّجاةُ المَكانُ المُرْتفِعُ الذي تظنُّ أنَّه نجاؤُك لا يَعْلُوه السَّيْل.

  وقال الرَّاغبُ: النَّجْوَةُ والنَّجاةُ المَكانُ⁣(⁣٤) المُنْفَصِلُ بارْتِفاعِهِ عمَّا حَوْله؛ وقيلَ: سُمِّي بذلكَ لكَوْنهِ ناجِياً من السَّيْل، انتَهَى.

  والذي نقلَهُ الجَوْهرِي هو قولُ أَبي زيْدٍ.

  وقال ابنُ شُمَيْل: يقالُ للوادِي نَجْوةٌ، وللجَبَلِ نَجْوةٌ، فأمَّا نَجْوَةُ الوادِي فسَنداهُ جَمِيعاً مُسْتَقِيماً ومُسْتَلْقِياً، كلُّ سَنَدٍ نَجْوةٌ، وكذلكَ هو مِن الأكَمَةِ، وكلُّ سَنَدِ مُشْرِفٍ لا يَعْلُوه السَّيْلُ فهو نَجْوةٌ، ونَجْوةُ الجَبَلِ مَنْبِتُ البَقْلِ والنَّجاةُ: هي النَّجْوةُ مِن الأرضِ لا يَعْلُوها السَّيْل؛ وأنْشَدَ:

  وأصُونُ عِرْضِي أنْ يُنالَ بنَجْوةٍ ... إنَّ البَرِيءَ مِن الهَناتِ سَعِيدُ⁣(⁣٥)

  وأَنْشَدَ الجَوْهرِي لزُهَيْر بنِ أَبي سُلْمى:

  أَلم تَرَيا النُّعْمانَ كان بنَجْوةٍ ... مِنَ الشَّرِّ لو أَنَّ امْرَأً كانَ ناجِيا؟⁣(⁣٦)

  والنَّجا: العَصا والعُودُ. يقالُ: شَجَرَةٌ جَيِّدةُ النّجَا، وحرجةٌ جَيِّدةُ النَّجا، نقلَهُ يَعْقوب.

  قال، أبو عليٍّ: النَّجا كلُّ غُصْنٍ أَو عُودٍ أَنْجَيْته من الشَّجَرَةِ كانَ عَصاً أَو لم يكُنْ، ويُكْتَبُ بالألِفِ لأنَّه من الواوِ.

  وناقَةٌ ناجِيَةٌ ونَجِيَّةٌ، كذا في النُّسخ والصَّوابُ ناجِيَةٌ ونَجاةٌ، كما هو نَصُّ المُحْكَم والصِّحاح⁣(⁣٧)؛ سَرِيعَةُ، وقيلَ: تَقْطَعُ الأرضَ بسَيْرِها.

  وفي الصِّحاح: الناجِيَةُ والنَّجاةُ الناقَةُ السَّريعَةُ تَنْجُو بمَنْ يَرْكَبُها، انتَهَى.


(١) اللسان والصحاح والمقاييس ٥/ ٣٩٧ والتهذيب ولم ينسبوه، ونسبه بحواشي المقاييس أيضاً إلى أبي الغمر الكلابي.

(٢) سورة الحاقة، الآية ٥١.

(٣) سورة النحل الآية ٣٠.

(٤) في المفردات: المكان المرتفع المنفصل بارتفاعه.

(٥) اللسان والتهذيب بدون نسبة.

(٦) ديوانه ط بيروت ص ١٠٧ برواية: «ألم تر للنعمان» والمثبت كرواية اللسان والصحاح.

(٧) والتهذيب والمقاييس ٥/ ٣٩٧ أيضاً: «نجاة».