تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[هدب]:

صفحة 485 - الجزء 2

  والهُدْبُ: خَمْلُ الثَّوْبِ، واحِدَتُهما بهاءٍ، أَي: الهُدْبَة.

  وطالَ هُدْبُ الثَّوْبِ، وهُدّابُهُ. وفي الحديث: «كأَنِّي أَنْظُرُ إِلى هُدّابِها» هُدْبُ الثَّوْبِ، وهُدْبَتُهُ، وهُدّابهُ: طَرَفُ الثَّوبِ ممّا يَلِي طُرَّتَهُ. وفي حديث امرأَةِ رِفَاعةَ «إِنَّ ما مَعَهُ مثلُ هُدْبَة الثَّوْبِ» أَرادت مَتَاعَهُ، وأَنَّهُ رِخْوٌ مثلُ طَرَف الثَّوْبِ لا يُغْنِي عنها شَيْئاً.

  ورَجُلٌ أَهْدَبُ: كَثيرُهُ أَي الشَّعَرِ النّابِتِ على شُفْرِ العين.

  وقال الليْثُ: رجلٌ أَهْدَبُ: طَوِيلُ أَشْفارِ العَيْنِ [النابت]⁣(⁣١) كَثِيرُها. قال الأَزْهَرِيُّ: كأَنَّهُ أَرادَ بأَشْفارِ العَيْنِ الشَّعَرَ النّابتَ⁣(⁣٢) على حُروف الأَجْفان، وهو غَلَطٌ. إِنّما شُفْرُ العين: مَنْبِتُ الهُدْبِ من حَرْفَيِ⁣(⁣٣) الجَفْنِ، وجَمعُه أَشفَارٌ.

  وفي الصَّحاح: الأَهْدَابُ: الكثيرُ أَشْفَارِ العَيْنِ. وفي صِفته، : «كان أَهْدَبَ الأَشْفَارِ». وفي رواية: «هَدبَ الأَشْفَارِ» أَي: طويلَ شَعَرِ الأَجْفانِ. وفي حديثِ زِياد: «طويلُ العُنَقِ أَهْدَبُ».

  وهَدِبَتِ العيْنُ، كفرِحَ. هَدَباً طالَ هُدْبُها، فهو أَهْدَبُ العَيْنِ، وهي هَدْباءُ.

  ومن المَجَاز: الهَيْدَبُ: السَّحَابُ المُتَدَلِّي الّذي يَدْنُو مثْلَ هُدْبِ القَطيفَةِ؛ أَو هَيْدَبُ السَّحَابِ: ذَيْلُهُ، وهو أَنْ تَراهُ يتَسلسلُ في وَجْهِه لِلْوَدْقِ⁣(⁣٤)، يَنْصَبُّ كأَنَّه خُيُوطٌ مُتَّصلَةٌ.

  وفي الصَّحاح: هَيْدَبُ السَّحابِ: ما تَهَدَّبَ منه، إِذا أَرادَ الوَدْقَ، كأَنَّه خُيوطٌ. قال أَوْسُ بن حَجَرٍ، قال ابْنُ بَرِّيّ: ويُرْوَى لعَبِيدِ بْنِ الأَبرص يَصِفُ سَحَاباً كثيرَ المطر:

  دَانٍ مُسِفّ فُوَيْقَ الأَرْضِ هَيْدَبُهُ ... يَكَادُ يَدْفَعُهُ مَنْ قَامَ بالرّاحِ

  المُسِفُّ: الّذي قد أَسَفَّ على الأَرْض، أَي: دَنا منها.

  والهَيْدَبُ: سَحابٌ يَقْرُبُ من الأَرْض، كأَنَّه مُتَدَلٍّ، يكاد يُمْسِكُه، من قامَ، براحته. قلت: وقرأْت في المجلَّدِ الأَوَّل من التَّهْذِيب للأَزْهَرِيّ، في باب عق، ما نصُّه: وسحابَةٌ عَقّاقَةٌ مشقَّقَة بالماءِ⁣(⁣٥)، ومنه قولُ المُعَقَّر بْنِ حِمار⁣(⁣٦) لبِنْتِهِ، وهي تَقودُه وقد كُفَّ وسمِعَ صوت رَعْدٍ⁣(⁣٧): أَيْ بُنَيَّةُ: ما تَرَيْنَ؟ قالت: أَرى⁣(⁣٨) سَحَابَةً عَقّاقَةً كأَنَّها حُوِلَاءُ ناقةٍ، ذاتُ هَيْدَبٍ دانٍ، وسَيْرٍ وانٍ. قال: أَيْ بُنَيّةُ: وائِلي [بي]⁣(⁣٩) إِلى [جانب]⁣(⁣٩) قَفْلَةِ، فإِنَّها لا تَنْبُتُ إِلّا بمَنْجَاةٍ من السَّيْل.

  شبهت بحِوَلاءِ النّاقَةِ في تَشَقُّقِهَا بالماءِ كَتَشَقُّقِ الحِوَلاءِ، وهو الّذي يَخْرُجُ منه الوَلَدُ، والقَفْلَة: شجرة⁣(⁣١٠) انتهى.

  والهَيْدَبُ خَمْلُ الثَّوْب، والواحد هَيْدَبَةٌ. وكان ينبغي أَن يُذْكَر عندَ قوله: «والهُدْبُ»: خَمْلُ الثَّوْبِ». أَمّا تفريقه في مَحلَّيْنِ، مُخِلٌّ لشَرْطه. قالَ شيخُنا: على أَنَّ الخَمْلَ، عندَ كثيرينَ، غيرُ الهُدْب، فإِنّ الهُدْب قالوا فيه: هو طَرَفُ الثَّوْبِ الّذِي لم يُنْسَجْ. وقال بعضٌ: هو طَرَفٌ من سَدًى بلا لُحْمَة، وقد يُفْتَلُ ويُحْفَظُ به طَرَفُ الثّوبِ. والخَمْلُ: ما يتخلَّلُ به الثَّوْب كلّه، وأَكثرُ ما يكونُ في القطائفِ.

  ومن المجاز: الهَيْدَبُ: رَكَبُ⁣(⁣١١) المَرْأَةِ، أَي فَرْجُها إِذا كان مُسترْخياً، لا انتصابَ لهُ. شُبِّه بهَيْدَبِ السَّحابِ وهو المُتَدلِّي من أَسافله إِلى الأَرض، قال:

  أَرَيْتَ أَنْ أُعْطِيتَ نَهْداً كَعْثَبَا ... أَذاك أَمْ أُعْطِيتَ هَيْداً هَيْدَبا

  وقال ابنُ سِيدَهْ: لم يُفَسِّرَ ثعلبٌ هَيْدَباً، [إنَّما فسّر هَيْداً، فقال: هو الكثيرُ]⁣(⁣١٢).

  ومن المَجَاز: الهَيْدَبُ: المُتَسَلْسِلُ المُنْصَبُّ من الدُمُوعِ كأَنَّه خُيُوطٌ مُتَّصلَةٌ، عن الليث؛ وأَنشد.

  بدَمْع ذي حَزَازاتٍ⁣(⁣١٣) ... على الخَدَّيْنِ ذي هَيْدَبْ


(١) عن اللسان.

(٢) في التهذيب: العين ما نبت على حروف.

(٣) من حروف أجفان العين.

(٤) عن اللسان، وفي الأصل: «وجهة الودق» وفي التهذيب: «وجهها».

(٥) في التهذيب (عق): وسحابة عقاقة: إذا دفقت ماءها.

(٦) عن التهذيب، وفي الأصل «حماد».

(٧) في التهذيب: راعدة.

(٨) في التهذيب: أرى سحماء عقاقة.

(٩) زيادة عن التهذيب.

(١٠) في التهذيب: نبتة معروفة، وفي اللسان: الشجرة اليابسة.

(١١) في اللسان: ثدي المرأة وركبها إذا كان مسترخياً، لا انتصاب له.

(١٢) زيادة عن اللسان.

(١٣) عن التهذيب، وفي الأصل: خرزات.