تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[نشي]:

صفحة 243 - الجزء 20

  والمِنْساةُ: العَصَا؛ وأنْشَدَ الجَوْهرِي:

  إذا دَبَبْتَ على المِنْساةِ مِن هَرَمٍ ... فقَدْ تَباعَدَ عَنْكَ اللهْوُ والغَزَلُ⁣(⁣١)

  قالَ: وأَصْلُه الهَمْز، وقد ذُكِرَ.

  ورَوَى شَمِرٌ أَنَّ ابنَ الأعْرابي أَنْشَدَه:

  سَقَوْني النَّسْيَ ثم تَكَنَّفُوني ... عُداةَ الله من كَذِبٍ وزُورِ⁣(⁣٢)

  بغيرِ هَمْزٍ، وهو كلُّ ما ينسى العَقْل، قالَ: وهو مِن اللّبَنِ حَلِيب يُصَبُّ عليه ماءٌ؛ قال شَمِرٌ: وقالَ غيرُهُ: هو النَّسِيُّ، كغَنِيٍّ، بغيرِ هَمْز وأَنْشَدَ:

  لا تَشْرَبَنْ يومَ وُرُودٍ حازِرا ... ولا نَسِيًّا فتَجيءُ فاتِرا⁣(⁣٣)

  ونُسِيَ، كعُنِيَ: شَكا نَساهُ؛ هكذا مَضْبوط في نسخةِ القالِي، ونقلَهُ ابنُ القطَّاعِ أيْضاً.

  وقد سَمَّوا منسيًّا ومنيسيا.

  والمنسى: الذي يصر خلفين أو ثلاثة.

  [نشي]: ي: هكذا في سائِرِ النسخِ، والصَّحيحُ أنَّه واوِيٌّ لأنَّ أَصْلَ نشيت واوٌ قلِبَتْ ياءً للكَسْرة، فتأَمَّل.

  نَشَى رِيحاً طَيِّبَةً، مِن حَدِّ رَمَى؛ كما في النسخ، والذي في الصِّحاح مِن حَدِّ عَلِمَ؛ أَو عامٌّ، أَي سواء كانتْ رِيحاً طَيِّبةً أَو مُنْتِنَةً، نُشوَةً، مُثَلَّثةً؛ اقْتَصَرَ الجَوْهرِي على الكَسْر؛ وزادَ ابنُ سِيَدَه الفَتْح؛ شَمَّها.

  وفي المُحْكم: النَّشَا، مَقْصورٌ: نَسِيمُ الرِّيحِ الطّيِّبَةِ، وقد نَشِيَ منه ريحاً طيِّبَةً نِشْوةً ونَشْوَةً، أَي شَمَّها، عن اللّحْياني؛ قالَ أَبو خِراشٍ الهُذَلي:

  ونَشِيتُ رِيحَ المَوْتِ مِن تِلْقائِهِم ... وخَشِيتُ وَقْعَ مُهَنَّدٍ قِرْضابِ⁣(⁣٤).

  وهكذا أنْشَدَه الجَوْهرِي أيْضاً للهُذَلي وهوَ أَبو خِراشٍ.

  وقال ابنُ برِّي: قال أَبو عُبيدَةَ في المجاز في آخِرِ سُورَةِ {ن وَالْقَلَمِ}: إنَّ البَيْتَ لقَيْسِ بنِ جَعْدَةَ الخُزاعي.

  قال ابنُ سِيدَه: وقد تكونُ النشوة في غيرِ الرِّيحِ الطيِّبَةِ.

  كاسْتَنْشَى؛ نقلَهُ الجَوْهرِي؛ وأَنْشَدَ لذي الرُّمّة:

  وأَدْرَكَ المُتَنَقَّى مِنْ ثَمِيلَتِه ... ومِن ثَمائِلِها واسْتُنْشِيَ الغَرَبُ

  والغَرَبُ: الماءُ الذي يَقْطرُ مِن الدلَّائِين للبِئْرِ والحَوْضِ ويَتَغيَّر رِيحُه سَرِيعاً.

  وانْتَشَى وتَنَشَّى. ونقلَ شيْخُنا عن شَرْحِ نوادِرِ القالِي لأبي عبيدٍ البَكْري: أنَّ اسْتَنْشَى مِن النّشْوةِ، وهي الرَّائحةُ، ولاحَظَ لها في الهَمْزةِ ولم يُسْمَع اسْتَنْشَأَ إلَّا مَهْموزاً كالفرقِئ للبَيْض لم يُسْمَع إلَّا مَهْموزاً، وهو مِن الغرقِ ونَقِيضُهما الخابِيَة لا تُهْمَزُ، وهي مِن خَبَأَ، انتَهَى.

  قُلْت: وأَصْلُ هذا الكَلامِ نقلَهُ يَعْقوب فإنَّه قالَ: الذِّئْبُ يَسْتَنْشئُ الرِّيحَ، بالهَمْز، وإنَّما هو مِن نَشِيت، غَيْر مَهْموزٍ، كما في الصِّحاح، وتقدَّمَ ذلكَ في الهَمْزةِ؛ وقد ذَكَرَه ابنُ سِيدَه في خطْبَةِ المُحْكم أَيْضاً؛ وبعَكْسِه نَشَوْت في بَني فلانٍ أَي رُبِّيتُ، وهو نادِرٌ، محوَّل مِن نَشَأْت.

  ونَشِيَ الخَبَرَ عَلِمَهُ زِنَةً ومَعْنًى.

  وفي الصِّحاح: ويقالُ أَيْضاً: نَشِيتُ الخَبَرَ إذا تَخبَّرْتَ ونَظَرْتَ مِن أيْنَ جاءَ. يقالُ: مِن أَيْن نَشِيتَ هذا الخَبَرَ أي مِن أَيْن عَلِمْتَه؟ وقال ابن القطَّاع: نَشِيت الخَبَرَ نَشْياً ونَشيةً تَخَبَّرْته.


(١) اللسان والصحاح.

(٢) اللسان والتهذيب بدون نسبة، والمقاييس ٥/ ٤٢٣ ونسبه لعروة، وهو في ديوان عروة بن الورد ص ٩٠.

(٣) اللسان والتهذيب بدون نسبة.

(٤) ديوان الهذليين ٢/ ١٦٧ وشرح أشعار الهذليين ٣/ ١٢٤٠ في شعر أبي خراش برواية: فنشيت وكرهت كل مهند قضّاب والمثبت كرواية اللسان منسوباً له، والصحاح منسوباً للهذلي. والتكملة، قال الصاغاني: والصحيح أنه لتميم بن أسد الخزاعي يبين عذره في فراره من بني نفاثة وتركه أخا امرأته حتى قتل.