تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[نغي]:

صفحة 255 - الجزء 20

  وفي الصِّحاح: قالَ الأصْمعي كانتِ العَرَبُ إذا ماتَ فيهم مَيِّتٌ له قَدْر رَكِبَ راكِبٌ فَرساً وجَعَلَ يَسِيرُ في النَّاس ويقولُ: نَعَاء فلاناً، كقطامِ، أَي انْعَهْ، بكسْر الهَمْزةِ، وفتح العينِ، وأظْهِرْ خَبَرَ وَفاتِه، وهي مَبْنِيَّة على الكَسْر مِثْل دَراكِ ونزالِ بمعْنَى أَدْرِكْ وانْزِلْ. وفي الحديثِ: يا نَعاءَ العَرَبِ، أَي انْعهِم؛ وأنْشَدَ أَبو عبيدٍ للكُمَيْت:

  نَعاءِ جُذاماً غَيْرَ مَوْتٍ ولا قَتْلِ ... ولكِنْ فِراقاً للدَّعائِم والأَصْلِ⁣(⁣١)

  وقال ابنْ الأثير: قولُهم يا نَعاءَ العَرَبِ مع حَرْف النِّداء تَقْديرُه يا هذَا انْعَ العَرَبَ.

  وممَّا يُسْتَدركُ عليه:

  اسْتَنْعَوْا في الحَرْبِ: مِثْل تَنَاعَوا ونَعَى فلان: طَلَبَ بثَارِه.

  ونَعَى عليه الشيءَ يَنْعاهُ: قَبَّحه وعابَهُ عليه ووَبَّخه؛ ومنه حديثُ عُمَر: «إنَّ الله نَعَى على قوْم شَهَواتِهم، أَي عابَ عليهم ونَعَى عليه ذُنُوبَه تَنْعِيةً: مثْلُ نعى، حَكاهُ يَعْقوب في المُبْدلِ.

  وقال أَبو عَمْرٍو: يقالُ: أَنْعَى عليه ونَعَى عليه شيئاً قَبيحاً إذا قالَهُ تَشْنيعاً عليه؛ وقولُ الأَجْدع الهَمَداني:

  خَيْلانِ مِنْ قَوْمي ومِن أَعْدائِهِمْ ... خَفَضُوا أَسِنَّتَهم فكلُّ ناعِي⁣(⁣٢)

  قال الجَوْهري: قالَ الأصْمعي: هو مِن نَعَيْتُ، أَي كلٌّ يَنْعى مَنْ قُتِلَ له؛ وقيلَ مَعْناه: وكُلٌّ نائِعٌ أَي عَطْشان إلى دَم صاحِبِه فقَلَبه.

  وفي حديث شدَّاد بنِ أَوْس: «يا نَعايا العَرَب، إنَّ أَخْوَف ما أَخافُ عَلَيْكم الرِّياء والشَّهْوَةَ الخَفِيَّةَ، وفي رِواية: يا نُعْيانَ العَرَبِ.

  قالَ الزَّمَخْشري⁣(⁣٣): في نَعايا ثلاثَةُ أوْجُهٍ: أَحَدُها أَنْ يكونَ جَمْعَ نَعِيٍّ، وهو المَصْدَرُ كصَفِيٍّ وصَفايا؛ والثاني: أَنْ يكونَ اسْمَ جَمْعٍ كما جاءَ في أَخِيَّةٍ وأَخايا؛ والثالثُ: أَن يكونَ جَمْعَ نَعاءٍ التي هي اسْمُ الفِعْل، والمَعْنى يا نَعايا العَرَب جِئْنَ فهذا وقْتكنَّ وزَمانكُنَّ، يريدُ أَنَّ العَرَبَ قد هَلكَتْ. والنُّعْيان مَصْدَرٌ بمعْنَى النَّعْي.

  قالَ الأزْهري: ويكونُ النّعْيان جَمْع الناعِي، كما يقالُ لجمْعِ الرَّاعِي رُعْيان، قالَ وسَمِعْتُ بعضَ العَرَبِ يقولُ لخَدَمِه: إذا جَنَّ عليكم اللّيْلُ فثَقِّبوا النِّيرانَ فوْقَ القيروان⁣(⁣٤) تَضْوي إليها رُعْيانُنا ونُعْيانُنا⁣(⁣٥)؛ قالَ: وقد يُجْمَع النَّعِيُّ نَعايا، كما يُجْمَع المَرِيُّ من النُّوقِ مَرايا، والصَّفِيُّ صَفايا.

  وقالَ الأحْمر ذَهَبَتْ تمِيمٌ فلا تُنْعى⁣(⁣٦) ولا تُشْهَر، أَي لا تُذْكَر.

  والناعِي: المُشِيعُ، والجمْعُ نُعاةٌ.

  واسْتَنْعَى ذِكْرُ فلانٍ: شاعَ.

  وقال الأصْمعي: اسْتَنْعى بفلانٍ الشَّرّ إذا تَتابَعَ به الشَّرَّ.

  واسْتَنْعَى به حُبّ الخَمْر: إذا تَمادَى به؛ نقلَهُ الجَوْهرِي.

  والإِنْعاءُ: أنْ تَسْتَعيرَ فَرَساً تُراهِنُ عليه وذِكْرُه لصاحِبِه؛ حَكاهُ ابنُ دُرَيْدٍ؛ وقالَ: لا أَحُقُّه.

  [نغي]: ي نَغَى آليه، كرَمَى، نَغْياً: إذا تكلَّمَ بكَلامٍ يُفْهَمُ.

  وفي المُحْكم: نَغَى إليه نَغْيةً، قالَ له قولاً يَفْهَمُه عنه.

  كأَنْغَى؛ عن ابنِ الأعْرابي. وفي قولِ سيِّدِنا عليٍّ،


(١) اللسان والتهذيب والمقاييس ٥/ ٤٤٧.

(٢) اللسان، والصحاح ولم ينسبه.

(٣) انظر الفائق ٣/ ١٠٩.

(٤) في التهذيب: الآكام.

(٥) في اللسان والتهذيب: وبغياننا.

(٦) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: فلا انتهى الخ كذا بخطه، وعبارة الأساس: ويقال: ذهبت تميم فلا تُسهى ولا تُنهى ولا تُنعى أي لا تبلغ نهايتها كثرة ولا يرفع ذكرها» وانظر عبارة التهذيب نقلاً عن الأحمر قريبة من عبارة الأساس.