تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الواو مع نفسها ومع الياء

صفحة 303 - الجزء 20

  والوَفيُّ، كغَنِيِّ: الذي يُعْطِي الحقَّ ويأْخُذُ الحقَّ، والجَمْعُ أَوْفياءُ.

  وأَوْفَى الله بأُذُنِه: أَظْهَرَ صِدْقَه في إخْباره عمَّا سَمِعَتْ أُذُنه.

  ورجُلٌ وَفِيٌّ ومِيفاءٌ: ذُو وَفاءٍ، وقد وَفَى بنَذْرِهِ، وأَوْفاهُ وأَوْفى به؛ قالَ الله تعالى: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ}⁣(⁣١).

  وحكَى أَبو زيْدٍ: وفَّى نَذرَه وأَوْفَاهُ، أَي أَبْلَغَه.

  وقولهُ تعالى: {وَإِبْراهِيمَ الَّذِي}⁣(⁣٢) وَفّى؛ فيه وَجْهانِ: أَحَدُهما: أَي بَلَّغَ أَن ليسْت {تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى}؛ والثاني: وَفَّى بما أُمِرَ به وما امْتُحِنَ به مِن ذَبْحِ ولدِه، وهو أَبْلَغُ مَنْ وَفَى، لأنَّ الذي امْتُحِنَ به مِن أَعْظَمِ المِحَنِ.

  وتَوافَيْنا في المِيعادِ، ووَافَيْته فيه، وتَوَفَّى المُدَّة: بَلَغَها واسْتَكْمَلَها.

  وأَوْفى المَكانَ: أَتاهُ؛ قالَ أَبو ذُؤَيْب:

  أُنادِي إذا أُوفِي مِن الأرضِ مَرْبَأً ... لأنِّي سَمِيعٌ لَوْ أُجابُ بَصِيرُ⁣(⁣٣)

  وأُوفِي فيه: أُشْرِفُ.

  ووَفَى رِيشُ الجَناح فهو وافٍ.

  والوَافِي مِن الشِّعْر ما اسْتَوْفَى في الاسْتِعْمالِ عِدَّةَ أَجْزائِه في دَائِرتِه، وقيل: هو كلُّ جزءٍ يمكنُ أَن يدْخلَه الزِّحافُ فسَلِمَ منه.

  وإنَّه لَمِيفاء على الأَشْرافِ: أَي لا يزَالُ يُوفِي عليها.

  وعَيرٌ مِيفاءُ على الإكام: إِذا كانَ مِن عادَتهِ أن يُوفيَ عليها؛ قالَ حميدٌ الأرْقَط يَصِفُ حِماراً:

  أَحْقَبَ، مِيفاءٍ على الرُّزونِ

  (⁣٤) نقلَهُ الجَوْهرِي.

  والمِيفاةُ: المَوْضِعُ الذي يُوفى فَوْقه البازِي لإِيناس الطَّيْر أَو غيرِه.

  وأَوْفَى على الخَمْسين: أَي زادَ؛ وكانَ الأصْمعي يُنْكرُه ثم عَرَفَه.

  وقالَ الزَّمَخْشري: أَوْفَى على المِائَةِ: زادَ عليها؛ وهو مجازٌ.

  تَوَفَّيْتُ عَدَدَ القَوْمِ: إِذا عَدَدْتهم كلَّهمْ⁣(⁣٥)، وأَنْشَدَ أَبو عبيدَةَ لمَنْظورٍ العَنْبري:

  إنَّ بَني الأَدْرَدِ لَيْسُوا مِنْ أَحَدْ ... ولا تَوَفَّاهُمْ قُرَيشٌ في العَدَدْ⁣(⁣٦)

  أَي لا تَجْعَلهم قُرَيشٌ تَمامَ عَدَدِهم لا تَسْتَوفي بهم عدَدَهم.

  ووَافاهُ حِمامُه: أَدْرَكَه؛ وكذا كِتابُه.

  ووَزَنَ له بالوَافِيَةِ: أَي بالصَّنْجةِ التَّامة والمُوافِي المُفاجِيءُ؛ ومنه قولُ بِشْر:

  كأنَّ الأَتْحَمِيَّةَ قامَ فيها ... لحُسْنِ دَلالِها رَشأٌ مُوافِي⁣(⁣٧)

  قالَهُ أَبو نَصْرٍ الباهِلِي واسْتَدَلَّ بقولِ الشاعرِ:

  وكأَنَّما وَافاكَ يومَ لقِيتَها ... من وَحْش وَجْرَة عاقِدٌ مُتَرَبِّبُ

  أَي فَاجَأَك؛ وقيلَ: مُوافِي أَي قد وَافَى جِسْمه جِسْمَ أُمِّه، أَي صارَ مِثْلَها.

  والمُوفِيَات: بنَجْدٍ بالحمى مِن جِبالِ بَني جَعْفرٍ، قالَ الشاعرُ:


(١) سورة الإِنسان الآية ٧.

(٢) سورة النجم الآية ٣٧.

(٣) ديوان الهذليين ١/ ١٣٨ برواية: «مرقباً وإني سميع» والمثبت كرواية اللسان.

(٤) الصحاح واللسان برواية: «عيران» بدل «أحقب».

(٥) عن اللسان والتهذيب وبالأصل «لهم».

(٦) اللسان والتهذيب وفيه «بني الأدرم».

(٧) اللسان والأساس.