تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الهاء مع الواو والياء

صفحة 330 - الجزء 20

  والمِهْدَى، بالكسْر مَقْصورٌ: الإناءُ الذي يُهْدَى فيه؛ قالَ ابنُ الأعْرابي ولا يُسَمَّى الطَّبَق مِهْدى إلَّا وفيه ما يُهدَى؛ نقلَهُ الجَوْهرِي، قال الشاعرُ:

  مِهْداكَ أَلأَمُ مِهْدًى حينَ تَنْسُبُه ... فُقَيْرةٌ أَو قَبيحُ العَضْدِ مَكْسُورُ⁣(⁣١)

  والمِهْدَى: المرأَةُ الكَثيرَةُ الإهْداءِ، هكذا في النسخِ والصَّوابُ: المِهْدَاءُ بالمدِّ في هذا المَعْنى ففي التّهْذيبِ: امْرأَةٌ مِهْداءٌ بالمدِّ، إذا كانت تُهْدِي لجارَاتِها.

  وفي المُحْكم: إذا كانتْ كثيرَةَ الإهْداءِ قالَ الكُمَيْت:

  وإذا الخُرَّدُ اغْبَرَرْنَ مِن المَحْ ... لِ وصارَتْ مِهْداءُهُنَّ عَقِيرا⁣(⁣٢)

  والهِداءُ، ككِساءٍ، ومُقْتَضَى إطْلاقِه الفَتْح؛ أَن تَجِيءَ هذه بطَعامٍ وهذه بطَعامٍ فتَأْكُلَا معاً في مَكانٍ واحِدٍ؛ وقد هادَتْ تُهادِي هِداءً.

  والهَدِيُّ، كغَنِيٍّ: الأسيرُ؛ ومنه قولُ المُتَلَمِّس يَذْكُرُ طرفَةَ ومَقْتَل عَمْرو بن هِنْد إيَّاه:

  كطُرَيْفَةَ بنِ العَبْدِ كان هَدِيَّهُمْ ... ضَرَبُوا صَمِيمَ قَذالِه بمُهَنَّدِ⁣(⁣٣)

  وأَيْضاً: العَرُوسُ، سُمِّيَت به لأنَّها كالأسِيرِ عنْدَ زَوْجِها، أَو لكَوْنِها تُهْدَى إلى زَوْجِها؛ قالَ أَبو ذؤيبٍ:

  بِرَقْمٍ ووَشْيٍ كما نَمْنَمَتْ ... بمِشْيَتِها المُزْدهاةُ الهَدِيّ⁣(⁣٤)

  وأَنْشَدَ ابنُ برِّي:

  أَلا يا دارَ عَبْلَةَ بالطَّوِيّ ... كرَجْع الوَشْم في كَفِّ الهَدِيِّ⁣(⁣٥)

  كالهَدِيَّةِ، بالهاءِ.

  وهَداها إلى بَعْلِها هِداءً وأَهْداها، وهذه عن الفرَّاء، وهَدَّاها، بالتَّشْديدِ، واهْتَدَاها: زَفَّها إليه: الأخيرَةُ عن أبي عليٍّ وأَنْشَدَ:

  كذَبْتُمْ وبَيْتِ الله لا تَهْتَدُونَها

  وقال الزَّمَخْشري: أَهْداها إليه لُغَةُ تَمِيم.

  وقال ابنُ بُزُرْجَ: اهْتَدَى الرَّجُلُ امرَأَتَه إذا جَمَعَها إليه وضَمَّها.

  والهَدِيُّ: ما أُهْدِيَ إلى مكةَ مِن النَّعَم؛ كما في الصِّحاح، زادَ غيرُهُ: ليُنْحَرَ.

  وقالَ اللّيْثُ: مِن النَّعَم وغيرِهِ مِن مالٍ أو مَتاعٍ، والعَرَبُ تُسَمِّي الإبلِ هَدِيًّا، ويقولونَ: كم عَدِيُّ بَني فلانٍ، يَعْنُونَ الإبِلَ؛ ومنه الحديثُ: «هَلَكَ الهَدِيُّ وماتَ الوَدِيُّ»، أَي هَلَكَتِ الإِبِلُ ويَبِسَتِ النَّخِيلُ فأُطْلِق على جمِيعِ الإبِلِ وإن لم تَكُنْ هَدِيًّا تَسْمِية الشيء ببعضِه.

  كالهَدْي، بفتح فسكون؛ ومنه قولُه تعالى: حتى يَبْلغَ الهَدْيءُ مَحِلَّه⁣(⁣٦)؛ قُرِئَ بالتّخْفيفِ والتَّشْديدِ، والواحِدَةُ هَدْيَةٌ وهَدِيَّةٌ؛ كما في الصِّحاح.

  قال ابنُ برِّي: الذي قَرَأَه بالتَّشْديدِ هو الأَعْرجُ وشاهِدُه قولُ الفَرَزْدق:

  حَلَفْتُ بِرَبِّ مَكَّةَ والمُصَلَّى ... وأَعْناقِ الهَدِيِّ مُقَلَّداتِ⁣(⁣٧)

  وشاهِدُ الهَدِيَّةِ قولُ ساعِدَةَ بنِ جُؤَيَّة:

  إنِّي وأَيْدِيهم وكلّ هَدِيَّة ... مما تَثِجُّ له تَرائِبُ تَثْعَبُ⁣(⁣٨)

  وقالَ ثَعْلَب: الهَدْيُ بالتَّخْفيفِ لُغَةُ أهْل لحجاز، وبالتّثْقيلِ على فَعِيلٍ لُغَة بَني تمِيمٍ وسُفْلى قَيْسٍ، وقد


(١) اللسان.

(٢) اللسان.

(٣) ديوانه ص ١٤٣ واللسان والصحاح والتهذيب والتكملة، قال الصاغاني: والرواية «وطريفة بن العبد» والمقاييس ٦/ ٤٣.

(٤) ديوان الهذليين ١/ ٦٥ برواية: «... كما زخرفت بميشمها ...» والمثبت كرواية اللسان.

(٥) اللسان بدون نسبة، ونسبه في التهذيب لعنترة، وهو في ديوانه ط بيروت ص ٧٨.

(٦) سورة البقرة، الآية ١٩٦.

(٧) ديوانه ط بيروت ١/ ١٠٨ واللسان.

(٨) ديوان الهذليين ١/ ١٧٠ برواية: «إني وأيديها ...» والمثبت كرواية اللسان.