تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[ذو]:

صفحة 389 - الجزء 20

  صَبَحْنا الخَزْرَجِيَّةَ مُرْهَفاتٍ ... أَبادَ⁣(⁣١) ذَوِي أَرُومَتِها ذَوُوها

  وقال الأحْوص:

  ولكِنْ رَجَوْنا مِنْكَ مِثْلَ الذي به ... صُرِفْنا قَدِيماً مِن ذَوِيكَ الأوائِلِ

  وقال آخرُ:

  إنَّما يَصْطَنِعُ المَعْ ... روفَ في الناسِ ذَوُوهُ

  ويقالُ: جاءَ مِن ذِي نفْسِه، ومِن ذاتِ نفْسِه، أَي طَبْعاً، كذا في النسخِ والصَّوابُ أي طَيِّعاً كسَيِّدٍ.

  وتكونُ⁣(⁣٢) ذُو بمعْنَى الذي، في لغةِ طيِّئٍ خاصَّةً، تُصاغُ ليُتَوَصَّلَ بها إلى وصفِ المَعارِفِ بالجُمَلِ، فتكونُ ناقِصةً لا يَظْهَرُ فيها إعْرابٌ كما لا يَظْهَرُ في الذي، ولا تُثَنَّى ولا تُجْمَعُ، تقولُ أَتانِي ذُو قالَ ذلك، وذُو قالا ذلكَ، وذُو قالوا ذلكَ.

  وفي الصِّحاح: وأَمَّا ذُو التي في لُغةِ طيِّئ فحقُّها أَنْ تُوصَفَ بها المَعارِفُ تقولُ أنا ذُو عَرَفْت، وذُو سَمِعْت، وهذه امْرأَةٌ ذُو قالت كذا، فيَسْتوِي فيه التَّثْنِيةُ والجَمْع والتَّأْنيثُ؛ قال الشاعرُ، وهو بُجَيْرُ بنُ عَثْمةَ الطائِي أَحَدُ بَني بَوْلانَ:

  وإنَّ مَوْلايَ ذُو يُعاتِبْني ... لا إحْنةٌ عِنْدَه ولا جَرَمَهْ

  ذاكَ خَلِيلي وذُو يُعاتِبُني ... يَرْمي ورائِي بامْسَهْم وامْسَلِمَهْ⁣(⁣٣)

  يريدُ الذي يُعاتِبُني، والواو التي قبْله زائِدَةً، وأرادَ بالسهم والسلمة؛ وأنْشَدَ الفرَّاء لبعضِ طيِّئٍ:

  فإنَّ الماءَ ماءُ أَبي وجَدّي ... وبِئْري ذُو حَفَرْتُ وذو طَوَيْتُ

  وقالوا: لا أَفْعَلُ ذلكَ بذِي تَسْلَمَ وبذِي تَسْلَمانِ وبذِي تَسْلَمونَ وبذِي تَسْلَمين، وهو كالمَثَل أُضِيفت فيه ذُو إلى الجُمْلةِ كما أُضِيفت إليها أَسْماءُ الزَّمان، والمَعْنَى: لا وسَلامَتِكَ ما كانَ كذا وكذا، أَولاً والذي يُسَلِّمُكَ. ونَصّ ابنِ السِّكيت: ولا والله يُسَلِّمَكَ ما كانَ كذا وكذا، وهو في نوادِرِ أَبي زيْدٍ وذَكَرَه المبرِّدُ وغيرْهُ.

  * وممَّا يُسْتدركُ عليه:

  قولُهم: ذاتَ مَرَّةٍ وذاتَ صَباحٍ. قالَ الجَوْهرِي: هو مِن ظُروفِ الزَّمانِ التي لا تَتَمكَّن، تقولُ: لَقِيته ذاتَ يومٍ وذاتَ لَيْلةٍ وذاتَ غَداةٍ وذاتَ العِشاءِ وذاتَ مَرَّةٍ وذاتَ الزُّمَيْنِ وذاتَ العُوَيْمِ وذا صَباحٍ وذَا مَساءٍ وذَا صَبُوحٍ وذَا غَبُوقٍ، هذه الأربعةُ بغيرِ هاءٍ، وإنَّما سُمِع في هذه الأَوْقاتِ ولم يقولوا ذاتَ شَهْرٍ ولا ذاتَ سَنَةٍ، انتَهَى.

  وقال ثَعْلَب: أَتَيْتُكَ ذاتَ العِشاءِ أَرادَ الساعَةَ التي فيها العِشاء. ورَوَى عن ابنِ الأَعْرابي: أَتَيْتُكَ ذاتَ الصَّبُوحِ وذاتَ الغَبُوقِ إذا أَتَيْته غُدْوةً أَو عَشِيَّةً، وأَتَيْتهم ذاتَ الزُّمَيْنِ وذاتَ العُوَيْمِ، أَي مُذْ ثلاثَةِ أَزْمانٍ وثَلاثَة أَعْوامٍ.

  والإضافَةُ إلى ذُو ذَوِّيِّ، ولا يجوزُ في ذات ذاتِيٌّ لأنَّ ياءَ النَّسَبِ مُعاقَبةٌ لهاءِ التّأْنيثِ.

  ولَقِيته ذاتَ يَدَيْن: أَي أَوَّل كلّ شيءٍ، وقالوا: أَمَّا أوّل ذاتَ يَدَيْنِ فإنِّي أَحمدُ الله.

  والذَّوُونَ: الأَذْواءُ، وهُم تَبابعةُ⁣(⁣٤) اليَمَنِ: وأنْشَدَ سيبويه للكُمَيْت:

  فلا أَعْني بذلِكَ أَسْفليكُمْ ... ولكِنِّي أُرِيدُ به الذَّوينا⁣(⁣٥)


(١) في اللسان: «أبار» وفي التهذيب «إمارة».

(٢) في القاموس: ويكونُ.

(٣) البيتان في اللسان، والثاني في الصحاح ومغني اللبيب الشاهد ٦٨ وفيه «وذو يواصلني» بدل «وذو يعاتبني»، والتكملة نقلاً عن الجوهري، قال والإنشاد مداخل والرواية:

وإن مولاي ذو يعيرني ... لا إحنة عنده ولا جرمه

ينصرني عليك غير معتذر ... يرمي

والشعر لبجير بن عَنَمة الطائي.

(٤) عن اللسان وبالأصل «تتابعة»، وهم ملوك اليمن من قضاعة.

(٥) اللسان والصحاح.