تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[ها]

صفحة 428 - الجزء 20

  والخَّامسُ: للمُبالَغَةِ نحُو عَلَّامَةٍ ونسَّابَةٍ، وهذا مَدْحٌ، وهِلْباجَةٍ وعَقاقةٍ⁣(⁣١)، وهذا ذَمٌّ، وما كانَ منه مَدْحاً يَذْهبُونَ بتَأْنِيثِه إلى تَأْنيثِ الغايَةِ والنِّهايَةِ والداهِيَةِ؛ وما كانَ ذَمّاً يذْهَبُونَ به إلى تأْنِيثِ البَهِيمةِ، ومنه ما يَسْتَوي فيه المُذكَّرُ والمُؤَنَّثُ نحوُ رَجُل مَلُولٌ وامرأَةٌ مَلْولةُ.

  والسَّادسُ: ما كانَ واحِداً مِن جِنْسٍ يَقَعُ على الذَّكَرِ والأُنْثَى نحو بَطَّة وحَيَّة.

  والسَّابعُ: تَدْخُلُ في الجَمْعِ لثلاثَةِ أَوْجُهٍ: أَحَدُها أَنْ تدلَّ على النَّسَبِ نحو المَهالِبَةِ والمَسامِعَةِ.

  والثاني: أَنْ تدلَّ على العُجْمةِ نحو الموازِجةِ والجَوارِبةِ ورُبَّما لم تَدْخل بفيها الهاءُ كقولِهم كيَالِج.

  والثالثُ: أنْ تكونَ عِوَضاً مِن حَرْفٍ مَحْذوفٍ نحو المَرازِبةِ الزَّنادِقةِ والعَبادِلةِ، وقد تكونُ الهاءُ عِوَضاً مِن الواوِ الذَّاهبَةِ مِن فاءِ الفِعْلِ نحو عِدَةِ وصِفَةِ، وقد تكونُ عِوَضاً مِن الواوِ والياءِ الذّاهبَةِ مِن عيْنِ الفِعْلِ نحو ثُبةِ الحَوْضِ، أَصْلُه مِن ثابَ الماءُ يَثُوبُ إذا رَجَعَ، وقولُهم أَقامَ إقامةً أَصْلُه إقْواماً، وقد تكونُ عِوَضاً مِن الياءِ الذَّاهبَةِ مِن لامِ الفِعْلِ نحو مائةٍ ورِئةٍ وبُرةٍ انتَهَى.

  ومنها: هاء العِمادِ كقوله تعالى: {إِنَّ اللهَ هُوَ⁣(⁣٢) الرَّزّاقُ}، {إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ}⁣(⁣٣)، {إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ}⁣(⁣٤).

  وهاءُ الأداةِ: وتكونُ للاسْتِبْعادِ نحو: هَيْهات؛ أَو للاسْتِزَادَةِ نحو: إيه؛ أَو للانْكِفافِ نحو: إيهَا، أَي كُفَّ؛ أَو للتَّحْضيضِ نحو: ويها؛ أَو للتَّوجّعِ نحو: آه وأوّه؛ أَو للتَّعَجُّبِ نحو: واه وهاه.

  وقال الجَوْهرِي في قوله تعالى: {ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ}، إنَّما جَمَعَ بينَ التَّنْبِيهَيْن للتَّوْكيدِ، وكَذلكَ أَلا يا هَؤُلاء.

  وقال الأزْهري: يقولون: ها أنَّكَ زَيْدٌ مَعْناهُ أَنَّك في الاسْتِفْهامِ، يَقْصِرُون فيقولون هانك زيْدٌ في موضِعِ أَأنَّك زَيْدٌ. وفي الصِّحاح: وهو للمُذَكَّر، وهي للمُؤَنَّثِ، وإنَّما بَنَوا الواوَ في هُوَ والياءَ في هيَ على الفَتْح ليَفْرُقُوا بينَ هذه الواو والياء التي هي مِن نَفْسِ الاسْمِ المَكْنِيِّ وبينَ الياءِ والواوِ اللتين يكونانِ صِلَةً في نحو قولك: رأَيْتُهو ومَرَرْتُ بهِي، لأنَّ كلَّ مَبْنِيٍّ فحقّه أن يُبْنى على السكونِ، إلَّا أن تَعْرِضَ عِلَّة تُوجِبُ له الحَرَكَة، والتي تَعْرِضُ ثلاثَةُ أَشْياء: أَحَدُها اجْتِماعُ الساكِنَيْنِ مِثْلُ كيفَ وأَيْنَ؛ والثاني: كَوْنه على حَرْفٍ واحِدٍ مِثْل الباءِ الزائِدَةِ؛ والثالثُ: للفَرْقِ بَيْنه وبينَ غيرِهِ مِثْلُ الفِعْلِ الماضِي بُني على الفَتْح لأنَّه ضَارَعَ الاسْمَ بعضَ المُضارَعَةِ ففُرِقَ بالحَرَكَةِ بَيْنه وبينَ ما لم يُضارعْ، وهو فِعْلُ الأمْرِ المُواجَهِ به نحو افْعَلْ؛ وأَمَّا قولُ الشاعرِ:

  ما هِيَ إلَّا شَرْبَةٌ بالجَوْأَبِ ... فَصَعِّدِي مِنْ بَعْدِها أَو صَوِّبي⁣(⁣٥)

  وقولُ بنْتِ الحُمارِس:

  هل هِيَ إلَّا حِظةٌ أَو تَطْلِيقْ ... أَو صَلَفٌ مِنْ بَينِ ذاكَ تَعْلِيقْ؟⁣(⁣٦)

  فإنَّ أَهْلَ الكُوفَةِ يقولون: هي كِنايَةٌ عن شيءٍ مَجْهولٍ، وأَهْلَ البَصْرةِ يَتَأَوَّلُونَها القِصَّة.

  قال ابنُ برِّي: وضميرُ القِصة والشَّأْنِ عنْدَ أَهْلِ البَصْرةِ لا تُفَسِّره إلَّا الجماعَةُ دونَ المُفْردِ.

  وفي المُحْكم: هو كِنايَةٌ عن الواحِدِ المُذكَّرِ.

  قال الكِسائي: هُوَ أَصْلُه أن يكونَ على ثلاثَةِ أَحْرُفٍ مِثْل أَنتَ فيقالُ هُوَّ فَعَلَ ذلكَ، قالَ: ومِن العربِ مَنْ يُخَفِّفه فيقولُ هُوَ فَعَلَ ذلكَ.

  قال اللّحْياني: وحكَى الكِسائي عن بَني أَسَدٍ وتَمِيمٍ وقيس هُوْ فَعَلَ ذلكَ بإسْكانِ الواوِ؛ وأنْشَدَ لعبَيدٍ:

  ورَكْضُكَ لوْلا هُو لَقِيَ الذي لَقُوا ... فأَصْبَحْتَ قد جاوَرْتَ قَوْماً أَعادِيا⁣(⁣٧)


(١) في الصحاح: وفقاقة.

(٢) سورة الذاريات، الآية ٥٨.

(٣) سورة الأنفال، الآية ٣٢.

(٤) سورة البروج، الآية ١٣.

(٥) اللسان وصدره في الصحاح بدون نسبة.

(٦) اللسان والأول في الصحاح.

(٧) اللسان وفيه «جاوزت» ولم أجده في ديوانه.