تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[ها]

صفحة 429 - الجزء 20

  وقال الكِسائي: بعضُهم يُلْقي الواوَ مِن هُو إذا كانَ قَبْلَها أَلفٌ ساكنَةٌ فيقولُ حتَّاهُ فَعَلَ ذلكَ، وإنَّماهُ فَعَلَ ذلكَ، قال: وأَنْشَدَ أَبو خالدٍ الأسَدي:

  إذاهُ لم يُؤْذَنْ له لَمْ يَنْبِس

  قال؛ وأَنْشَدَني لحشَّاف⁣(⁣١):

  إذاهُ سامَ الخَسْفَ آلَا فقَسَمْ ... بالله لا يَأْخُذُ إلَّا ما احْتَكَمْ

  قال: وأَنْشَدَنا أَبو مجالِدٍ للعُجَيْر السَّلُولي:

  فبَيْناهُ يَشْري رَحْلَه قال قائلٌ ... لمَنْ جَمَلٌ رِخْوُ المِلاطِ نَجِيبُ⁣(⁣٢)

  وقال ابنُ جنِّي: إنَّما ذلكَ لضَرُورَةِ الشِّعْرِ والتَّشْبيهِ للضَّميرِ المُنْفَصِل بالضّميرِ المُتَّصلِ في عَصاهُ وفَتاهُ، ولم يُقَيِّد الجَوْهرِي حَذْفَ الواو مِن هُوَ بما إذا كانَ قَبْلَها أَلفٌ ساكنَةٌ بل قال ورُبَّما حُذِفَتْ مِن هُوَ الواو في ضَرُورة الشِّعْرِ، وأَوْرَدَ قولَ العُجَير السَّلُولي السابقَ؛ قالَ: وقالَ آخرُ:

  إنَّ هـ لا يُبْرِئُ داءَ الهُدَبِدْ ... مِثْلُ القَلايا مِنْ سَنامٍ وكَبِدْ⁣(⁣٣)

  وكَذلكَ الياء مِن هِيَ؛ وأَنْشَدَ:

  دارٌ لسُعْدَى إذْ هِ مِن هَواكا⁣(⁣٤)

  انتَهَى.

  وقال الكِسائي: لم أَسْمَعْهم يُلْقُونَ الواوَ والياءَ عنْدَ غيرِ الألفِ.

  * قُلْت: وقولُ العُجَير السَّلُولي الذي تقدَّمَ هكذا هو في الصِّحاحِ وسائِرِ كتبِ اللغةِ والنّحْو رِخْوُ المِلاطِ نجيبُ. وقال ابنُ السِّيرافي: الذي وُجِدَ في شِعْره: رِخْوُ المِلاطِ طَوِيلُ؛ وقَبْله:

  فباتَتْ هُمُومُ الصَّدْرِ شتى تَعُدْنَه ... كما عِيدَ شِلْوٌ بالعَراءِ قَتِيلُ

  وبعده:

  مُحَلًّى بأطْواقٍ عِتاقٍ كأَنَّها ... بَقايا لُجَيْنٍ جَرْسُهنَّ صَلِيلُ⁣(⁣٥)

  انتَهَى.

  قُلْتُ: يُرْوَى أَيْضاً رِخْوُ المِلاطِ ذَلولُ.

  وتَثْنِيةُ هو هُما وجَمْعُه هُمُو، فأمَّا قولهُ هُم فمَحْذوفَةٌ مِن هُمُو كما أنَّ مُذْ مَحْذوفةٌ مِن مُنْذُ، وأمَّا قولُك رأَيْتُهو فإنَّما الاسْمُ هو الهاءُ وجِيءَ بالواو لبَيانِ الحَركَةِ، وكَذلكَ لَهُو مالٌ إنَّما الاسْمُ منها الهاءُ والواو لما قدَّمْنا، ودَليلُ ذلكَ أنَّك إذا وقفْتَ حذفْتَ الواوَ فقلْتَ رأَيْتُه والمالُ لَهْ، ومنهم مَنْ يحذِفُها في الوَصْلِ مع الحركَةِ التي على الهاءِ ويسكِّنُ الهاءَ؛ حكَى اللّحْياني عن الكِسائي: لَهْ مالٌ أَي لَهُو مالٌ.

  قال الجَوْهرِي: ورُبَّما حذَفُوا الواوَ مع الحَركَةِ؛ قالَ الشاعرُ، وهو يَعْلَى الأَحْوَل:

  أَرقْتُ لبَرْقٍ دُونَه شَرَوانِ ... يَمانٍ وأَهْوَ البَرْقَ كُلَّ يَمانِ

  فظَلْتُ لَدَى البَيْتِ العَتِيقِ أُخِيلُهو ... ومِطْوايَ مُشْتاقانِ لَهْ أَرِقانِ

  فلَيْتَ لَنا مِن ماءِ زَمْزَمَ شَرْبةً ... مُبَرَّدةً باتَتْ على طَهَيانِ⁣(⁣٦)

  قال ابنُ جنِّي: جَمَعَ بينَ اللُّغَتَيْن يَعْني إثباتَ الواوِ في أُخِيلُهو وإسْكانَ الهاءِ في لَهْ. عن حَذْف⁣(⁣٧) لَحِقَ الكَلِمةَ بالضّعةِ.


(١) في اللسان «خشاف».

(٢) الصحاح والتكملة واللسان وفيه: «رث المتاع نجيب» قال الصاغاني: والرواية «ذلول» والقافية لامية، ويروى للمخلب الهلالي، وهو للعجير.

(٣) الصحاح واللسان وفيهما «إنّه لا يبرئ».

(٤) اللسان والصحاح.

(٥) البيتان في اللسان والثاني في التكملة.

(٦) الأبيات في اللسان والأخير في الصحاح.

(٧) كذا بالأصل والمعنى غير واضح وتمام العبارة في اللسان: وليس إسكان الهاء في له عن حذفٍ لحقَ الكلمة بالصنعة.