[ها]
  ويقالُ: مَاهُ قالَهُ، وماهِ قالَتْه، يُرِيدُون ما هُوَ وما هِيَ؛ وأَمَّا قولُ جريرٍ:
  تقولُ(١) لي الأصْحابُ: هل أَنتَ لاحِقٌ ... بأَهْلِكَ إنَّ الزَّاهِرِيَّةَ لا هِيا
  أَي لا سَبِيلَ إليها؛ وكَذلكَ إذا ذَكَرَ الرجُلُ شيئاً لا سَبِيلَ إليه، قال له المُجيبُ: لا هُوَ أَي لا سَبِيلَ إليه فلا تَذْكُرُهُ.
  ويقالُ: هُوَ هُوَ، أَي قَدْ عَرَفْتُهُ. ويقالُ: هِيَ هِيَ أَي هِيَ الداهِيَةُ التي قد عَرَفْتُها. وهُمْ أَي هُمْ الذينَ قد عَرَفْتُهم؛ قالَ الهُذَلي:
  رَفَوْني وقالوا يا خُوَيْلِدُ لم تُرَعْ ... فَقُلْتُ وأَنْكَرْتُ الوُجُوهَ هُمُ هُمُ(٢)
  * مهمة وفيها فوائَدٌ: *
  الأُولى: قال الجَوْهرِي إذا أَدْخَلْتَ الهاءَ في النُّدْبةِ أَثْبَتَّها في الوَقْفِ وحَذَفْتَها في الوَصْلِ، ورُبَّما ثَبَتَتْ في ضَرُورَةِ الشِّعْرِ فتُضَمُّ كالحَرْفِ الأصْلي. قال ابنُ برِّي: صوابُه فتَضُمُّهما كهاءِ الضَّميرِ في عَصاهُ ورَحاهُ. قال الجَوْهرِي: ويجوزُ كَسْره لإلْتِقاءِ الساكِنَيْنِ، هذا على قولِ أَهْلِ الكوفةِ؛ وأنْشَدَ الفرَّاء:
  يا رَبِّ يا رَبَّاهُ إيَّاكَ أَسَلْ ... عَفْراء يا رَبَّاهُ مِنْ قَبْلِ الأَجَلْ(٣)
  وقال قيسُ بنُ مُعاذٍ العامِرِي:
  فنادَيْتُ: يا رَبَّاهُ أَوَّلَ سَأْلَتي ... لنَفْسِيَ لَيْلى ثم أنْتَ حَسِيبُها(٤)
  وهو كثيرٌ في الشِّعْرِ وليسَ شيءٌ منه بحُجَّةٍ عنْدَ أهْلِ البَصْرةِ، وهو خارجٌ عن الأصْلِ.
  الثَّانية: هَا، مَقْصورٌ: للتَّقْريبُ إذا قيلَ لكَ: أَيْنَ أَنْتَ؟
  فقل(٥): ها أَنا ذَا، والمرأَةُ تقولُ: ها أَنا ذِهْ، فإن قيل لك: أَيْنَ فلانٌ؟ قلْتَ إذا كانَ قرِيباً: ها هُو ذَا، وإذا كانَ بعيداً قلْتَ: ها هو ذاكَ؛ وللمرأةِ إذا كانتْ قريبَةً: ها هِي ذِهْ، وإذا كانتْ بعيدَةً: ها هي تِلْكَ.
  الثَّالثة: يقالُ هاءٍ بالتَّنْوينِ بِمعْنَى خُذْ؛ ومنه قولُ الشاعرِ:
  ومُرْبِحٍ قال لي: هاءٍ فقُلْتُ لَهُ ... حَيَّاكَ ربِّي لقَدْ أَحْسَنْتَ بي هائي
  الرَّابعة: قد تَلْحقُ التاءُ بها فتكونُ بمعْنَى أَعْطِ، يقالُ: هاتِ هاتِيا هاتُوا وهاتِي هاتِينَ؛ ومنه قولُه تعالى: {قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ}(٦)؛ وقيل: إنَّ الهاءَ بدلٌ من هَمْزةِ آتِ؛ وقد ذُكِرَ في موضعِهِ؛ قال الشاعرُ:
  وجَدْتُ الناسَ نائِلُهُمْ قُرُوضٌ ... كنَقْدِ السُّوقِ خُذْ مِنِّي وهاتِ(٧)
  الخامسة: في حديثِ عُمَر قالَ لأبي موسَى، ®: ها وإلَّا جَعَلْتُكَ عِظةً، أَي هاتِ مَنْ يَشْهَدُ لكَ على قولِكَ.
  السَّادسة: قولُه تعالى: {وَهذا بَعْلِي شَيْخاً}(٨)، فـ {هذا} مُبْتَدأ، و {بَعْلِي} خَبَرُه، و {شَيْخاً} مَنْصوبٌ على الحالِ، والعامِلُ فيه الإشارَةُ والتَّنْبِيه: وقَرَأَ ابنُ مَسْعود وأُبيٍّ: وهذا بَعْلِي شَيْخٌ بِالرَّفْعِ، قال النَّحاس: {هذا} مُبْتَدأٌ، و {بَعْلِي} بدلٌ منه، وشيْخٌ خَبَرٌ، أَو {بَعْلِي} وشيْخٌ خَبَرانِ لهذا، كما يقالُ الرُّمَّانُ حُلْوٌ حاضٌ. وحَكَى المبرِّدُ أنَّ بعضَ الرُّؤساءِ عَزَمَ عليه مع جماعَةٍ فغَنَّتْ جارِيَةٌ مِن وَراء السِّتر:
(١) في اللسان: «يقول».
(٢) البيت لأبي خراش الهذلي، شرح أشعار الهذليين ٣/ ١٢١٧ برواية: «لا ترع» والمثبت كرواية اللسان.
(٣) اللسان والصحاح.
(٤) اللسان والصحاح.
(٥) عن اللسان، وبالأصل «فقول».
(٦) سورة البقرة، الآية ١١١ وسورة والأنبياء، ٢٤، والنمل الآية ٦٤.
(٧) اللسان.
(٨) سورة هود، الآية ٧٢.