تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[ها]

صفحة 430 - الجزء 20

  قال الجَوْهرِي: قالَ الأخْفَش: وهذا في لُغَةِ أُزْدِ السَّراةِ كثيرٌ.

  قا ابنُ سِيدَه: ومِثْلُه ما رُوِي عن قُطْرب في قولِ الآخر:

  وأشْرَبُ الماءَ ما بي نَحْوَ هُو عَطَشٌ ... إلَّا لأَنَّ عُيُونَهْ سَيْلُ وادِيها

  فقال: نَحْوَ هُو عَطَشٌ بالواوِ، وقال: عُيُونَهْ بإسْكانِ الهاءِ. وأَمَّا قولُ الشمَّاخ:

  لَهُ زَجَلٌ كأَنَّهُو صَوْتُ حادٍ ... إذا طَلَبَ الوَسِيقةَ أَوْ زَمِيرُ

  فليسَ هذا لُغَتَيْنِ لأنَّا لا نَعْلم رِوايَةً حَذْفَ هذه الواوِ وإبْقاء الضمَّةِ قَبْلَها لُغَةً، فيَنْبَغي أن يكونَ ذلكَ ضَرُورَةً وضعة⁣(⁣١) لا مَذْهباً ولا لُغَةً، ومِثْلُه الهاءُ في قولهِ بهِي هي الاسْمُ والياءُ لبَيانِ الحَركَةِ، ودليلُ ذلكَ أَنَّك إذا وقفْتَ قلْتَ بِهْ، ومِن العربِ مَنْ يقولُ بهِي وبِهْ في الوَصْل.

  قال اللّحْياني: قال الكِسائي: سَمِعْتُ أعْرابَ عُقَيْل وكلابٍ يَتَكَّلمُونَ في حالِ الرَّفْعِ والخَفْضِ وما قَبْلَ الهاءِ مُتحرِّك، فيجْزِمُونَ الهاءَ في الرفْعِ ويَرْفَعُونَ بغيرِ تَمامٍ، ويجزِمُونَ في الخفْضِ ويخْفضُونَ بغيرِ تمامٍ، فيقولون: {إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ}⁣(⁣٢) بالجزْمِ، ولرَبِّه لَكَنُودٌ، بغيرِ تمامٍ، ولَهُ مالٌ ولَهْ مالٌ، وقال: التَّمامُ أحبُّ إليَّ ولا ينظرونَ في هذا إلى جزْمٍ ولا غيرِ لأنَّ الإعْرابَ إنَّما يَقَعُ فيمَا قَبْل الهاءِ؛ وقال: كانَ أَبو جَعْفرٍ قارِئَ المدينَةِ يخْفضُ ويرْفَعُ لغيرِ تمامٍ؛ قال: وأَنْشَدَ أَبو حزامٍ العُكْلِي:

  لي والِدٌ شَيْخٌ تَحُضُّهْ غَيْبَتي ... وأَظُنُّ أنَّ نَفادَ عُمْرِهْ عاجِلُ⁣(⁣٣)

  فخفَّف في مَوْضِعَيْن، وكان حمزةُ وأَبو عَمْرٍو يجزمان⁣(⁣٤) الهاءَ في مثْلِ يؤدِّهْ إليك، ونُؤْتِهْ منها⁣(⁣٥) ونُصْلِهْ جَهَنَّمَ⁣(⁣٦)، وسمعَ شيْخاً مِن هَوازِن يقولُ: عَلَيْهُ مالٌ، وكان يقول: عَلَيْهُم وفِيهُمْ وبهُمْ، قال: وقال الكِسائي هي لُغاتٌ يقالُ فيهِ وفِيهِي وفيهُ وفِيهُو، بتمامٍ وغيرِ تمامٍ، قال: وقال لا يكونُ الجَزْم في الهاءِ إذا كانَ ما قَبْلَها ساكِناً.

  وفي التهذيبِ: قالَ اللّيْثُ: هو كِنايَةُ تَذْكيرٍ، وهِي كِنايَةُ تأْنِيثٍ، وهُما للاثْنَيْن، وهُم للجماعَةِ مِن الرِّجالِ، وهُنَّ للنِّساءِ، فإذا وقَفْتَ على هو وَصَلْتَ الواو وقلْتَ هُوهْ، وإذا أَدْرَجْتَ طَرَحْتَ هاءَ الصِّلَةِ.

  ورُوِي عن أَبي الهَيْثم أَنّه قال: مَرَرْتُ بهْ ومَرَرْتُ بِهِ ومَرَرْتُ بِهِي، قال: وإن شِئْتَ مَرَرْتُ بِهْ وبِهُ وبِهُو، وكَذلكَ ضَرَبَه فيه هذه اللُّغات، وكَذلكَ يَضْرِبُهْ ويَضْرِبُهُو، فإذا أَفْرَدْتَ الهاءَ مِن الاتِّصالِ بالاسْمِ أَو بالفِعْلِ أَو بالأداةِ وابْتَدأْتَ بها كَلامَكَ قلْت هو لكلِّ مذكَّرٍ غائبٍ، وهي لكلِّ مؤنَّثَةٍ غائبَةٍ، وقد جَرَى ذِكرُهُما فزِدْتَ واواً أَو ياءً اسْتِثْقالاً للاسْمِ على حَرْفٍ واحِدٍ، لأنَّ الاسْمَ لا يكونُ أَقلَّ مِن حَرْفَيْن، قال: ومنهم مَنْ يقولُ: الاسْمُ إذا كانَ على حَرْفَيْن فهو ناقِصٌ قد ذهَبَ منه حرْفٌ، فإن عَرَفْتَ تَثْنِيَتَه وجَمْعَه وتَصْغِيرَه وتَصْرِيفَه عُرفَ النَّاقِصُ منه، وإن لم يُصَغَّر ولم يُصَرَّف ولم يُعْرَفْ له اشْتِقاقٌ زِيدَ فيه مِثْل آخرِه فتقولُ: هُوَّ أَخُوكَ، فزَادُوا مع الواوِ واواً؛ وأَنْشَدَ:

  وإنَّ لِسانِي شُهْدةٌ يُشْتَفَى بها ... وهُوَّ على مَنْ صَبَّه الله عَلْقَمُ⁣(⁣٧)

  كما قالوا في مِن وعَن ولا تَصْرِيفَ لَهُما فقالوا: مِنِّي أَحْسَنُ مِن مِنْكَ، فزَادُوا نوناً مع النونِ.

  وقال أبو الهَيْثم: بَنُو أَسَدٍ تسكِّنُ هُوَ وهِيَ فيقولون: هُو زيدٌ وهي هنْدٌ، كأَنَّهم حذَفُوا المُتَحَرِّكَ، وهي قالَتْه وهُو قالَهُ؛ وأَنْشَدَ:

  وكُنَّا إذا ما كانَ يَوْمُ كَرِيهةٍ ... فَقَذْ عَلِمُوا أنِّي وهُو فَتَيانِ⁣(⁣٨)

  فأَسْكَنَ.


(١) في اللسان: وصنعة.

(٢) سورة العاديات الآية ٦.

(٣) اللسان وفيه: «تهضه» بدل «تحضه».

(٤) بالأصل يجزمون خطأ.

(٥) سورة آل عمران، الآية ١٤٥.

(٦) سورة النساء، الآية ١١٥.

(٧) اللسان بدون نسبة، والتكملة.

(٨) اللسان والتكملة بدون نسبة.