[هلا]:
  سِياقَ الجَوْهري صَرِيحٌ في أَنَّ هَنَّا، مُشدَّدَة مَفْتوحَة، للقُرْبِ وأنَّه بالكافِ للبُعْدِ، نتأَمل.
  ويقالُ: جاءَ من هَنِي. بكسْر النونِ ساكنَةَ الياءِ: أَي مِن هُنا؛ نقلَهُ ابنُ سِيدَه.
  وهُنا، بالضم مَقْصوراً: معرفة(١) اللهْو واللّعْب؛ وأَنْشَدَ الأصْمعي لامرئِ القيسِ:
  وحَدِيثُ الرّكْبِ يَوْمَ هُنا ... وحَدِيثٌ مَّا على قِصَرِه(٢)
  وأيْضاً: ع، وبه فَسَّر ابنُ برِّي قولَ امرئِ القيسِ السابقَ، قالَ: وهو غَيْرُ مَصْرُوفٍ لأنَّه ليسَ في الأجْناسِ مَعْروفاً، فهو كجُحَا، وقد ذَكَرْناه في المُعْتل.
  ويقالُ للحَبِيبِ: هَهُنا وهُنا: أَي تَقَرَّبْ وادْنُ؛ وللبَغِيضِ: هَهَنَّا وهَنَّا، أَي تَنَحَّ بَعِيداً؛ قال الحُطَيْئة يَهْجُو أمَّه:
  فهَهَنَّا اقْعُدِي منِّي بَعِيداً ... أَراحَ اللهُ مِنْكِ العالَمِينا(٣)
  وقال ذُو الرُّمَّة يَصِفُ فلاةٌ بَعِيدةَ الأرْجاءِ كثيرَةَ الخيرِ:
  هَنَّا وهَنَّا ومِنْ هَنَّا لَهُنَّ بها ... ذاتَ الشَّمائِلِ والأَيْمانِ هَيْنُومُ(٤)
  ومن العربِ مَنْ يقولُ: هَنَا وهَنْتَ بمعْنَى: أَنَا وأَنْتَ يقْلِبُونَ الهَمْزةَ هاءً، ويُنْشِدُونَ بيتَ الأعْشى:
  يا لَيْتَ شِعْرِي هل أَعُودَنَّ ناشئاً ... مِثْلي زُمَيْنَ هَنا ببُرْقةِ أَنْقدا(٥)؟
  ويُرْوَى: ثانِياً بدلُ ناشِئاً؛ وقد مَرَّتْ رِوايَةُ ذلكَ عن الحفْصي في ترْكيبِ ب ر ق.
  والهَنَا(٦): النَّسَبُ الدَّقِيقُ الخَسِيسُ؛ كذا في النسخِ، ونَصّ ابنِ الأعْرابي: الحَسَبُ الدَّقِيقِ الخَسِيسُ، وأَنْشَدَ:
  حاشَا لفَرعَيْكَ مِن هُنا وهُنا ... حاشَا لأَعْراقِكَ التي تَشْجُ(٧)
  وتقولُ في النِّداءِ خاصَّةً: يا هَناهُ بزِيادَةِ هاءٍ في آخرِه، تَصِيرُ تاءً في الوَصْلِ، مَعْناه يا فلانُ، وهي بدلٌ من الواوِ التي في هَنُوكَ وهَنَواتُ، قال امرؤُ القَيْسِ:
  وقد رَابَني قَوْلُها: يا هَنا ... هُ وَيْحَكَ أَلْحَقْتَ شرّاً بشَرْ(٨)!
  كذا في الصِّحاح؛ وقد ذَكَرْناه في تَرْكيبِ هَنَو مُفَصَّلاً.
  وفي اللّبابِ: وللنِّداءِ أَحْكامٌ أُخَر تَخْتَصُّ بهِ مِن الزِّيادَةِ والحَذْفِ واخْتِلافِ الصِّيغَةِ، فالأوَّل: إلْحاقُهم الزِّيادَة بآخرهنَّ في أَحْوالِه لغيرِ النُّدْبَةِ والاسْتِغاثَةِ، وتكونُ مُجانِسَةً لحرَكَةِ المُنادِى إلَّا في الواحِدِ، فإنَّها فيه أَلِفٌ نحو يا هَناهُ، وأَنَّها بدلٌ من الواو التي هي لامٌ على رَأْيٍ، ومِن الهَمْزةِ المُنْقَلِبَة عن الواوِ على رَأْيٍ، أَصْلِيَّة على رَأْيٍ، وزائِدَة لغيرِ الوَقْفِ على رأْيٍ، وللوَقْفِ على رأْيٍ، وضَعَّفُوا الأخير لجَوازِ تَحْرِيكِه حال السَّعَةِ، والثلاثَةُ الأُوَلُ يَبْطِلُها أن العلامات لا تلحق قَبْل اللامِ، انتَهَى.
  * وممَّا يُسْتدركُ عليه:
  هُناكَ، بالضم: للمَكانِ البَعِيدِ وتُزادُ اللامُ فيُقالُ هُنالِكَ، والكافُ فيهما للخِطابِ، وفيها دَلِيلٌ على التَّبْعيدِ، تُفْتَحُ للمُذكَّر وتُكْسَرُ للمُؤنَّثِ. ونقلَ الفرَّاء: يقالُ هَهِنَّا، بكسْرِ الهاءِ مع تَشْديدِ النونِ، وعَزَاها لقَيْسٍ وتمِيمٍ.
(١) كذا، وفي القاموس: وهُنا، معرِفَةً: «اللهْوُ» ومثله في التهذيب، وما بالأصل تحريف.
(٢) شرح ديوانه ص ١٤١ واللسان والتهذيب والصحاح والتكملة.
(٣) ديوانه ط بيروت ص ١٢٣ برواية:
تنحي فاجلسي منا بعيداً
والمثبت كرواية اللسان والتهذيب «هن ٥/ ٣٧٦ و ٦/ ٤٣٦.
(٤) ديوانه ص ٥٧٦ واللسان والتهذيب ٥/ ٣٧٦ و ٦/ ٤٣٦.
(٥) ديوانه ط بيروت ص ٥٤ برواية: «... بل ليت أحل برقة ...» فلا شاهد، والمثبت كرواية اللسان والتهذيب ٦/ ٤٣٦.
(٦) ضبطت في اللسان والتهذيب بالضم، وفي التكملة: الهُنَى.
(٧) اللسان والتهذيب والتكملة، وفي اللسان «تشبح» والبيت ليس في ديوانه.
(٨) ديوانه ط بيروت ص ١١١ والصحاح واللسان.