تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[سأت]:

صفحة 58 - الجزء 3

  وَمَطْوِيَّة الأَقْراب أَمّا نَهارُهَا ... فَسَبْتٌ وأَمّا لَيْلُهَا فذَمِيلُ⁣(⁣١)

  والسَّبْتُ: سَيرٌ فَوقَ العَنَقِ. وقال أَبو عَمْرٍو: هو العَنَقُ، وقيل: هو ضَرْبٌ من السَّيْر. وفي نسخة: سَيْرٌ للإِبِل.

  وسَبتَتْ، تَسْبِتُ، سَبْتاً، وهي سَبُوتٌ؛ قال رُؤبَةُ:

  يَمشِي بِها ذُو المِرّةِ السَّبُوتُ⁣(⁣٢) ... وَهْوَ مِنَ الأَيْنِ خَفٍ نَحِيتُ

  والسَّبْتُ: الحَيْرَةُ والإِطراقُ. والسَّبْتُ: السَّبْقُ في العَدْوِ.

  والسَّبْتُ: الفَرَسُ الجَوَادُ الكثيرُ العَدْوِ. والسَّبْتُ: الغُلامُ العَارِمُ الجَرِيّ⁣(⁣٣) أَي كثير الجَرْيِ.

  والسَّبْتُ: ضَرْبُ العُنُقِ، ومن المجاز: سَبَتَ عِلَاوَتَهُ: ضَرَبَ عُنُقَهُ. والسَّبْتُ يَوْمٌ من الأُسْبُوعِ معروفٌ، وهو السابعُ منه، وإِنَّمَا سُمِّيَ به، لأَنَّ الله تعالَى ابتدأَ الخَلْقَ فيه، وقَطَعَ فيه بعضَ خَلْقِ الأَرْض. ويُقَال: أُمِرَ فيه بنو إِسرائيلَ بقطع الأَعْمَال وتَرْكِها. وفي المحكم: إِنّمَا سُمِّيَ سَبْتاً، لأَن ابتداءَ الخلْق كان من يوم الأَحَد إِلى يوم الجُمْعَة، ولم يكن في السَّبْت شيءٌ من الخَلْق قالوا: فأَصبحتْ يومَ السَّبت مُنْسَبِتَةً، أَي: قد تَمَّتْ وانقَطَعَ العملُ فيها. وقيل: سُمِّيَ بذلك، لأَنَّ اليهودَ كانوا يَنقطعون فيه عن العَمل والتَّصَرُف، ج: أَسْبُتٌ، وسُبُوتٌ. قال الأَزهريّ: وأَخطأَ من قال: سُمِّيَ السَّبتَ، لأَنَّ اللهَ أَمَرَ بني إِسرائِيلَ فيه بالاستراحة؛ وخَلَقَ هو، ø، {السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيّامٍ}، آخِرُهَا يومُ الجُمُعَة، ثم استراحَ، وانقطعَ العملُ، فسُمِّيَ السّابعُ يومَ السَّبْت. قال: وهذا خطأٌ، لأَنه لا يُعْلَمُ في كلام العرب سَبَتَ، بمعنى استراحَ؛ وإِنَّمَا معنى سَبَتَ: قَطَعَ، ولا يُوصَفُ الله تعالَى وتَقَدَّسَ بالاستراحَة؛ لأَنّه لا يَتعَبُ، والرّاحَةُ لا تكون إِلّا بعد تَعَبٍ وشُغل، وكِلاهما زائلٌ عن الله تعالى. قال: واتَّفَقَ أَهلُ العِلْم على أَنَّ الله تعالَى ابتدأَ الخلقَ يومَ السَّبْتِ، ولم يَخْلُقْ يومَ الجُمْعَة سماءً ولا أَرضاً. قال: والدَّلِيلُ على صِحَّة ما قال⁣(⁣٤)، ما رُوِيَ عن عبد الله بْنِ عُمَرَ، قال: «خَلَقَ اللهُ التراب⁣(⁣٥) يوم السَّبْتِ، وخلق الحِجارةَ يومَ الأَحَد، وخلق السُّحُبَ⁣(⁣٦) يومَ الاثْنَيْنِ، وخلق الكُرومَ⁣(⁣٧) يومَ الثُّلاثاءِ، وخلق الملائكةَ يومَ الأَرْبعاءِ، وخلق الدَّوابَّ يوم الخَمِيس، وخلق آدَمَ يومَ الجُمُعَة، فيما بينَ العصر وغروب الشَّمْس». قال شيخُنا: وصحّح في شرح المُهَذَّبِ أَنَّ أَوّل الأُسبوع الأَحدُ، لِما رواه عبدُ اللهِ بن سلامٍ: «إِنّ الله ابتدأَ الخَلْقَ، فخَلَقَ الأَرْضَ يومَ الأَحَد والاثنين؛ والسَّمواتِ يومَ الثُّلاثاءِ والأَربِعاءِ؛ وما بينهما يومَ الخَمِيس والجُمُعَة».

  قال القُرْطُبِيّ: وهو قولُ ابنِ مسعود، وغيرِه من الصَّحابة. وتَعَقَّب البَيْهَقِيُّ ما رواه مُسْلِمٌ، أَي حديث «خَلَقَ الله التُّرْبةَ يومَ السَّبْت»، الحديثَ، بأَنَّه لا يُحْفَظُ، ومُخَالِفٌ لِأَهْل النَّقْل والحديثِ. قال: وهو الَّذِي جزَمَ به أَبُو عُبَيْدَةَ، وقالَ: إِنَّ السَّبْتَ هو آخِرُ الأَيّام، وإِنَّمَا سُمِّيَ سَبْتاً: لأَنَّهُ سُبِتَ فيه خَلْقُ كُلِّ شيْءٍ وعَمَلَه، أَي: قُطِعَ، وبه جزم في التفسير في البَقَرة. وقال الجوهَرِيُّ: وسُمِّيَ يومَ السَّبْت، لِانْقطَاع الأَيّام عندَه. وقال السُّهَيْلِيّ. في الرَّوْض: لم يَقُلْ بأَنَّ أَوَّلَهُ الأَحَدُ، إِلّا ابْنُ جَرِيرٍ، واستدلّ له في شرحِ المُهَذَّب بخَبَرِ مُسْلم عن أَبي هُرَيْرَةَ السّابق، ولهذا الخَبَر صَوَّب الإِسْنَوِيُّ - كالسُّهَيْلِيِّ، وابن عَسَاكرٍ - أَنّ أَوّلَهُ السَّبْت، انتهى. والسَّبْتُ: الرَّجُلُ الكَثِيرُ السُّبَاتِ، أَي: النَّوْم. والسَّبْت: الرَّجُلُ الدَّاهِيَةُ المُطْرِقُ كالسُّباتِ، بالضَّمِّ.

  والسَّبْتُ: قِيامُ اليَّهُودِ، لعَنَهُم الله تعَالى، بأَمْرِ السَّبْت. وفي لسان العرب: بأَمْرِ سَبْتِهَا. وقد سَبَتوا، يَسْبِتُون، ويَسْبُتُون. قال تعَالى: {وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ}⁣(⁣٨)، والفِعْل: كَنَصَرَ، وضَرَبَ.


(١) الأصل والصحاح. وفي اللسان والتهذيب: «فزميل». والذميل: السير اللين ما كان، أو فوق العنق.

(٢) الأصل: «تمشي ... الثبوت» وما أثبت عن اللسان، وهما في التهذيب باختلاف.

(٣) في القاموس والتكملة: الجريء.

(٤) أي ابن الانباري، وقد نقل الأزهري كلامه.

(٥) الأصل والتهذيب، وفي اللسان: التربة.

(٦) في التهذيب: الشجر، وفي اللسان: السحاب.

(٧) اللسان والأصل، وفي التهذيب: المكروه.

(٨) سورة الأعراف الآية ١٦٣.