[أيأ]
  وَقَضْباً ٢٨ وَزَيْتُوناً}(١) واحدَتُه بهاءٍ، وقد جاءَ في حديث جَرِيرٍ(٢): «بَيْنَ نَخْلَة وضَالَةِ وَسِدْرَةٍ وآءَة». وتَصغيره أُوَيْأَةٌ. ولو بَنيْت منها فِعْلاً لقُلْتَ: أُوتُ الأَدِيمَ بالضَّم إِذا دَبَغْته به أَي بالآءِ والأَصلُ أُؤْتُ بهمزتين، فأُبدِلَت الثانية واوًا، لانضمامِ ما قبلها فهو مَؤُوءٌ كمَعُوع والأَصلُ مَأْوُوءٌ بفتح الميمِ وسُكون الهمزة وضَمّ الواو، وبعد واوِ مَفعولٍ هَمزةٌ أُخرى هي لامُ الكلمةِ، ثمَ نُقِلت حَركةُ الواو التي هي عَينُ الكلمةِ إِلى الهمزة التي هي فاؤُها، فالتقى ساكنان: الواوُ التي هي عَيْن الكلمةِ المنقولُ عنها الحركةُ، وواوُ مَفعولٍ، فَحُذِف أَحدُهما، الأَوَّلُ أَو الثاني، على الخلافِ المشهور، فقيل: مَؤُوءٌ، كَمَقُول، وقال ابن بَرّيّ: والدليلُ على أَنّ أَصْلَ هذه الأَلِفِ التي بين الهمزتين واوٌ قولُهم في تصغير آءَة: أُوَيْأَةٌ.
  وحِكايةُ أَصواتِ وفي نسخةٍ: صَوْتٍ، بالإِفراد، أَي استعملته العربُ حِكَايةً لصوت، كما استعْملتْه اسماً للشجر، قال الشاعر:
  فِي جَحْفَلٍ لَجِبٍ جَمٍّ صَوَاهِلُهُ ... بِاللَّيْلِ يُسْمَع في حَافَاتِه آءُ(٣)
  وزَجْرٌ لِلإِبل(٤)، فهو اسمُ صوتٍ أَيضاً، أَو اسمُ فِعْلٍ، ذكره ابنُ سِيَده في المُحكم.
  * ومما يستدرك عليه:
  الآءُ، بوزن العَاعِ: صِيَاحُ الأَمِيرِ بالغُلامِ، عن أَبي عمرٍو.
  وأَرض مَآءَةٌ: تُنْبِتُ الآءَ. وليس بِثَبتِ.
  [أيأ] الأَيْئَةُ بهمزتين بينهما تَحتِيَّة كالهَيْئَةِ لَفْظاً ومَعْنًى، حكاهُ الكِسائِيُّ عن بعض العرب، كذا نقله الصاغانيُّ.
  قلت: والمشهور عند أَهلِ التصريف أَنَّ هذه الهمزةَ الأَولى أُبدِلت من الهاءِ، لأَنه كثيرٌ في كلامهم، فعلى هذا لا تكون أَصلاً، وقيل: إِنها لُثْغَة، ولهذا أهملها. الجوهريُّ وابنُ منظور، وهُمَا هُمَا.
فصل الباءِ الموَحَّدَة
  [بأبأ] قال اللَّيثُ بن مُظَفَّر: البَأْبأَةُ: قولُ الإِنسان لصاحبه: بِأَبِي أَنْتَ، ومعناه: أَفْدِيك بِأَبِي، فيُشْتَقُّ من ذلك فعل فيقال:
  بَأْبَأَهُ بَأْبَأَةً وبَأْبَأَ به(٥) إِذا قال له: بِأَبِي أَنتَ، قال ابنُ جِنِّي(٦): إِذا قلتَ: بِأَبي أَنت، فالباءُ في أَوَّل الاسمِ حَرْفُ جرٍّ، بمنزلة اللام في قولك: للهِ أَنتَ، فإِذا اشتققْتَ منه فِعْلاً اشتقاقاً صَوْتِيّا اسْتحالَ ذلك التقديرُ، فقلت: بَأْبَأْتُ [به] بِئْباءً، وقد أَكثرْتُ من البَأْبَأَةِ. فالباءُ الآنَ في لفظِ الأَصْلِ، وإِن كان قد عُلِم أَنَّها فيما اشتُقَّتْ منه زائدةٌ للجَرِّ. وعلى هذا منها: البِأَبُ، فصار فِعْلاً من بَابِ سَلِسَ وقَلِقَ، قال:
  [يا] بِأَبِي أَنْتَ وَيَا فَوْقَ البِأَبْ(٧) فالبِأَبُ الآنَ بزِنة الضِّلَع والعِنَبِ. انتهى. وقال الراجِز:
  وصَاحبٍ ذي غَمْرَةٍ دَاجَيْتُهُ ... بَأْبَأْتُهُ وَإِنْ أَبَى فَدَّيْتُهُ
  حَتَّى أَتَى الحَيَّ وَمَا آذَيْتُه
  قال: ومِن العَرَبِ من يقول: [وا](٨) بِأَبَا أَنتَ، جعلوها كلمةً مبنيَّةٌ على هذا التأْسيسِ. قال أَبو مَنصورِ: هذا كقوله: يا وَيْلَتَا، معناه: يا وَيْلَتِي، فقُلِبت الياءُ أَلفاً، وكذلك يا أَبَتَا، معناه يا أَبَتِي، ومن قال: يَا بِيَبَا، حَوَّلَ الهمزَة ياءً، والأَصل يَا بِأَبَا، معناه يا بِأَبِي.
  وَبَأْبَأْتُه، أَيضاً، وَبَأْبَأْتُ بِه: قلت له: بَابَا. وقالوا: بَأْبَأَ الصبيَّ أَبوه إِذا قال له بَابَا. وبَأْبَأَه الصَّبِيُّ إِذا قال له: بَابَا. وقال الفَرَّاءُ: بَأْبَأْتُ الصبيَّ(٩) بِئْبَاءً إِذا قلْت له: بِأَبِي. وقال ابن جِنِّي: سأَلْتُ أَبا عَلِيٍّ فقلت له: بَأْبَأْتُ الصبيَّ بَأْبَأَةً إِذا قلتُ له: بَابَا، فما مِثال البَأْبَأَةِ عندك الآنَ؟ أَتَزِنُها على لَفْظِها
(١) سورة عبس: الآيات: ٢٧ - ٢٩.
(٢) في مطبوعة الكويت: وقد جاء في الحديث: «جريرٌ ...» تحريف.
(٣) اللسان وفيه «جُمّ» صواهله. وعجزه في العين ٨/ ٤٤٠: تسمع بالليل في حافاته، آء.
(٤) في العين: آءٌ ممدودة: في زجر الخيل في العساكر ونحوها.
(٥) وهو قول الخليل في العين ٨/ ٤١٤.
(٦) اللسان (بأبأ).
(٧) الزيادة عن اللسان.
(٨) زيادة عن العين للخليل، وانظر اللسان.
(٩) اللسان: بالصبيّ.