تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[فلت]:

صفحة 100 - الجزء 3

  وقد فَرُتَ المَاءُ كَكَرُمَ، فُرُوتَةً، إِذا عَذُبَ، فهو فُرَاتٌ.

  وعن ابن الأَعْرَابِيّ: فَرِتَ الرَّجُلُ كَفَرِحَ، إِذا ضَعُفَ عَقْلُهُ بَعْدَ مُسْكَةٍ.

  وحكى ابنُ جِنِّي: فَرَتَ الرَّجُلُ كَنَصَرَ يَفْرُتُ فَرْتاً: فَجَرَ، ومِنْهُ فَرْتَنَى بفتح فسكون، مَقْصُوراً: وهي المَرْأَةُ الفَاجِرَةُ، ذَهَبَ فِيه إِلى أَنّ نُونَهُ زَائِدَةٌ، وأَما سيبويهِ، فجعَلَهُ رُبَاعِيًّا، وقال شَيْخُنَا: وظاهِرُه مُطْلَقاً، والمَعْرُوف أَن فَرْتَنَى من الأَعْلامِ، كما في قَصَائِدِ العَربِ⁣(⁣١).

  وفَرْتَنَى: إِحْدَى قَيْنَتَيِ ابْنِ خَطَلٍ المأْمورِ بقَتْلِه، وهو مُتَعَلِّقٌ بأَسْتَارِ الكَعْبَةِ، كما في قِصَّةِ الفَتْحِ، وقد أَمر النبيّ بقَتْلِهما أَيضاً يومَ الفَتْحِ كما في الصّحِيحِ، لكن قال السُّهَيْليّ: إِن فَرْتَنَى أَسْلَمَتْ، وإِنّ الأُخْرَى أُمِّنَتْ ثم أَسْلَمَتْ، ونقله ابنُ سعد.

  والفِرْتُ، بالكَسْرِ، لغة في الفِتْر، عن ابنِ جِنِّي، مقلوبٌ منه.

  ويقال: مِيَاهٌ فِرْتَانٌ بالضّم والكسر، الكسرُ حَكَاه الفَيُّومِيّ⁣(⁣٢). وماءٌ فُراتٌ ومياهٌ فُرَاتٌ بالضَّمّ والكسر⁣(⁣٣)، كما ضبط في نسختنا، وقد تقدم أَنه لا يُجمع إِلّا نادراً، أَي عَذْبَةٌ جدًّا.

  * ومما يستدرك عليه:

  الفُرَاتانِ: الفُرَاتُ ودُجَيْلٌ⁣(⁣٤)، كما في الصّحاح، ووقع في عبارة بعضهم: الفُراتُ وَدِجْلَةُ.

  وفُراتُ بنُ حَيَّانَ بن ثَعْلَبَةَ الرَّبَعِيُّ ثم العِجْليّ: صَحابِيٌّ.

  وفُراتُ بنُ ثَعْلَبَةَ البَهْرانِيّ: شَامِيّ.

  قيل: له رُؤْيَةٌ، ولم يَثْبُتْ.

  [فست]: الفُسْتاتُ بالضمّ، أَهمله الجَوْهَرِيّ هنا، وصاحب اللسان كذلك، وقالَ الصَّاغانيّ: هو لُغَة في الفُسْطَاط، وتُكْسَرُ فاؤُهُما، كما سيأْتِي، وقد ذَكرَهُ الجَوْهَريّ وصاحبُ اللسان في ف س ط مع لُغَاتِه السِّتّة، فكَتْبُهُ ها هنا بالأَحْمَر مَحَلُّ تَأَمُّلٍ.

  [فلت]: الفَلْتَةُ بالفَتْح: آخِرُ لَيْلَةٍ مِن الشَّهْرِ، وفي الصّحَاح: آخرُ لَيْلَةٍ من كُلِّ شَهْر، أَو آخِرُ يومٍ من الشَّهْرِ الذِي بَعْدَهُ الشَّهْرُ الحَرَامُ كآخِر يَوْمٍ مِنْ جُمَادَى الآخِرَة، وذلك أَنْ يَرَى فيهِ الرَّجُلُ ثَأْرَهُ، فرُبَّمَا تَوانَى فِيهِ، فإِذا كان الغَدُ دَخَلَ الشَّهْرُ الحَرَامُ ففَاتَهُ، قال أَبُو الهَيْثَمِ: كان للعَربِ في الجاهِلِيَّةِ ساعَةٌ يُقَالُ لها: الفَلْتَةُ يُغِيرُون فيها، وهي آخِرُ ساعَةٍ من آخِرِ يَوْمٍ من أَيَّامِ جُمَادَى الآخِرة يُغِيرُون تِلْكَ السَّاعَةَ، وإِن كان هِلالُ رَجَب قد طَلَعَ تلك الساعَةَ، لأَنّ تلك الساعَةَ مِن آخِرِ⁣(⁣٥) جُمَادى الآخِرَةِ ما لم تَغِب الشَّمْسُ وأَنشد:

  والخَيْلُ ساهِمَةُ الوُجُو ... هِ كأَنَّما يَقْمُصْنَ مِلْحَا

  صَادَفْنَ مُنْصُلَ أَلَّةٍ ... في فَلْتَةٍ فَحَوَيْنَ سَرْحَا

  وقيل: لَيْلَةٌ فَلْتَةٌ: هي التي ينْقُصُ بها الشَّهْرُ ويَتِمُّ، فربما رأَى قومٌ الهلالَ ولم يُبْصِرْه الآخرون، فيُغِيرُ هؤلاءِ على أُولئك، وهم غَارُّونَ، وذلك في الشهر، وسُمِّيَتْ فَلْتَةً، لأَنَّهَا كالشّيْءِ المُنْفَلِتِ بعد وَثاقٍ، وأَنشد ابن الأَعْرَابيّ:

  وغارَةُ بَيْن اليَوْمِ واللَّيْلِ فَلْتَةٌ ... تَدَارَكْتُها رَكْضاً بِسِيدِ عَمَرَّدِ

  شبَّه فَرَسَه بالذِّئْبِ.

  ويُقَال: كَانَ ذلك الأَمْرُ فَلْتَةً، أَي فَجْأَةً من غير تَرَدُّدٍ ولا تَدَبُّرٍ.

  وعبَارَةُ المِصْبَاحِ: أَي فَجْأَةً، حَتَّى كأَنَّه انْفَلَتَ سَرِيعاً، وفي الحَدِيث: «إِنَّ بَيْعَةَ أَبِي بَكْرٍ كانَتْ فَلْتَةً فوَقَى⁣(⁣٦) اللهُ شَرَّهَا» قيل: الفَلْتَةُ هنا مُشْتَقَّةٌ من الفَلْتَةِ، آخِرِ لَيْلَةٍ من الأَشْهُرِ الحُرُمِ، فَيَخْتَلِفُون فيها أَمِنَ الحِلّ هي أَمْ من الحَرَمِ، فيُسارع المَوتُورُ إِلى دَرْكِ الثَّأْرِ، فيَكْثُرُ الفَسَادُ، وتُسْفَكُ⁣(⁣٧) الدّماءُ، فشَبَّهَ أَيامَ النَّبيِّ بالأَشْهُرِ الحُرُمِ،


(١) انظر لسان العرب (فرتن).

(٢) ومثله في اللسان والقاموس ضبط قلم.

(٣) في الصحاح واللسان والقاموس بالضم ضبط قلم.

(٤) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله ودجيل هو نهر صغير يختلج من دجلة أفاده في المختار عن الأزهري».

(٥) الأصل واللسان، وفي التهذيب: من آخر نهار.

(٦) في النهاية واللسان: «وقى» وفي التهذيب فكالأصل.

(٧) عن النهاية واللسان، وبالأصل «ويسفك».