تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الفاء مع المثناة الفوقية

صفحة 102 - الجزء 3

  قالَ: قال رسول الله : «إِنَّ اللهَ لَيُمْلِي⁣(⁣١) للظَّالِمِ حتّى إِذا أَخَذَهُ لَنْ يُفْلِتْهُ» أَي لَمْ يَنْفَلِتْ مِنْهُ.

  وافْتَلَتَ الشَّيْءَ: أَخَذَه في سُرْعَة، قالَ قيْسُ بنُ ذَريح:

  إِذَا افْتَلَتَتْ مِنْكَ النَّوَى ذَا مَوَدَّةٍ ... حَبِيباً بتَصْدَاعٍ من البَيْنِ ذِي شَعْب

  أَذَاقَتْكَ مُرَّ العَيْشِ أَوْ مُتَّ حَسْرَةً ... كما مَاتَ مَسْقِيُّ الضَّيَاحِ على الأَلْب⁣(⁣٢)

  وافْتَلَتَ الكَلامَ واقْتَرَحَهُ، إِذا ارْتَجَلَهُ⁣(⁣٣).

  وافْتُلِتَ فلانٌ على بِنَاءِ المَفْعُولِ وعبارةُ الصّحاح: على ما لم يُسَمَّ فاعِلُه، أَي مَاتَ فَجْأَةً.

  وعن ابن الأَعرابيّ: يُقَال لِلْمَوْتِ الفَجْأَةِ⁣(⁣٤): المَوْتُ الأَبْيَضُ، والجَارِفُ، واللَّافِتُ، والفَاتِلُ.

  يُقَال: لَفَتَهُ الموْتُ، وفَلتَهُ، وافْتَلَتَهُ، وهو الموْتُ الفَوَاتُ. [والفُوَات]⁣(⁣٥) وهو أَخْذَةُ الأَسَفِ، وَهُوَ الوَحِيُّ.

  والموتُ الأَحْمَرُ: القتلُ بِالسَّيْفِ، والموتُ الأَسْوَدُ: هو الغَرَقُ والشَّرَقُ، وفي الحديث: «أَنَّ رَجُلاً أَتاهُ فَقَالَ: يَا رَسْولَ اللهِ، إِنَّ أُمِّي افْتُلِتَتْ نَفْسُها، فمَاتَتْ ولم تُوصِ، أَفَأَتَصَدَّقُ عَنْهَا؟ فقالَ: نَعَمْ» قال أَبو عُبَيْدٍ: افتُلِتَتْ نَفْسُها: يَعْنِي ماتَتْ فَجْأَةً ولم تَمْرَضْ فَتُوصِيَ، ولكنها أُخِذَتْ نَفْسُها فَلْتَةً. يقال: افْتلَتَهُ، إِذا اسْتَلَبَه.

  وافْتُلِتَ بَأَمْرِ كَذَا: فُوجئَ بِه قَبْلَ أَن يَسْتَعِدَّ لَهُ هكَذَا في سائِرِ النُّسَخِ، وفي أُخرى: فُجِئَ بِه، بغير الوَاو، الأَوّلُ من المُفَاجأَة، والثاني من الفَجْأَةِ، ويُرْوَى بنَصْبِ النفسِ، ورفْعِها، فمعنى النصب افتَلَتَهَا الله نَفْسَها، يتعدّى إِلى مفعولين، كما تقول: اخْتَلَسَهُ الشَّيْءَ، واستَلَبَه إِيّاه، ثم بنى الفعل لِمَا لم يُسَمَّ فاعلُهُ، فتَحوَّلَ المَفْعُولُ الأَولُ مُضْمَراً، وبقي الثاني منصوباً، وتكون التاءُ الأَخِيرَةُ ضَمِيرَ الأُمِّ، أَي افْتُلِتَتْ هِيَ نَفْسَها، وأَما الرَّفْعُ فيكون متعدِّياً إِلى مفعول واحد أَقَامَهُ مُقَامَ الفَاعِلِ، وتكون التَّاءُ لِلْنَّفْسِ، أَي أُخِذَتْ نَفْسُها فَلْتَةً.

  وكُلُّ أَمْرٍ فُعِلَ على غير تَلَبُّثٍ وتَمَكُّثٍ فقد افْتُلِتَ، والاسْم الفَلْتَةُ، وقال حُصَيْبٌ⁣(⁣٦) الهُذَلِيُّ⁣(⁣٧):

  كَانُوا خَبِيئَةَ نَفْسِي فافْتُلِتُّهُمُ ... وكُلُّ زَادٍ خَبِئٍ قَصْرُهُ النَّفَدُ

  قال: افْتُلِتُّهُمْ: أُخِذُوا مِنّي فَلْتَةً، زَادٌ خَبِئٌ: يُضَنُّ بِهِ.

  والفَلَتَانُ، مُحَرَّكَةً: المُتَفَلِّتُ إِلى الشَّرِّ، وقيل: الكَنِيزُ للَّحْمِ، والفَلَتَانُ: السَّرِيعُ، والجَمْعُ فِلْتَانٌ، عن كُرَاع.

  والفَلَتَانُ النَّشِيطُ، يقال: فَرَسٌ فَلَتَانٌ، أَي نَشِيطٌ حَدِيدُ الفُؤَادِ⁣(⁣٨). وفي التهذيب: الفَلَتَان والصَّلَتَان، من التَّفَلُّتِ والانْصِلاتِ⁣(⁣٩)، يقال ذلك: للرَّجُلِ الشَّدِيدِ الصُّلْب، ورَجُلٌ فَلَتَانٌ: نَشِيطٌ حديدُ الفُؤادِ.

  والفَلَتَان. الجَريءُ، يقال رَجُلٌ فَلَتَانٌ وامْرَأَةٌ فَلَتَانَةٌ.

  والفَلَتَانُ بْنُ عَاصِمٍ الجَرْمِيُّ⁣(⁣١٠) صَحَابِيُّ.

  والفَلَتَانُ طَائِرٌ، زَعَمُوا أَنَّه يَصِيدُ القِرَدَةَ، قال أَبو حاتم: هو الزُّمَّجُ، وهو يَضْرِبُ إِلى الصُّفْرَةِ، ورُبَّما أَخَذَ السَّخْلَةَ والصّغِيرَ، كذا في حياة الحَيَوان وغيره.

  وكِسَاءٌ فَلُوتٌ، كصَبُورٍ، وضُبط في بعض النسخ كتَنُّورٍ، وهو خَطَأٌ: لا يَنْضَمُّ طَرَفَاهُ على لابِسِه من صِغَرِهِ، وقيل: لخُشُونَتِهِ أَو لِينِه، كما قاله ابنُ الأَعْرَابيّ، وثَوْبٌ فَلُوتٌ: لا يَنْضمُّ طَرَفَاهُ في اليَدِ، وقول مُتَمِّمٍ في أَخِيه مالِكٍ: عَلَيْه الشَّمْلَةُ الفَلُوتُ⁣(⁣١١). يعني التي لا تَنْضَمُّ بين المَزَادَتَيْنِ، وفي


(١) النهاية واللسان: «يملي».

(٢) بالأصل «الأضاح» بدل «الضياح» وما أثبتناه عن اللسان. وبهامش المطبوعة المصرية: «قوله الأضاح كذا بخطه وهي مصحفة، إذ هذه المادة مهملة فلتحرر».

(٣) في إحدى نسخ القاموس: الكلام أي ارتجله. ومثله في الصحاح. وعبارة التهذيب عن الفراء فكالأصل.

(٤) الأصل واللسان، وفي التهذيب: الفُجاءة.

(٥) زيادة عن التهذيب واللسان.

(٦) عن التهذيب واللسان، وبالأصل «خصيب».

(٧) ونقله في الصحاح وزاد: مثل الصلتان.

(٨) الأصل والتهذيب، وفي اللسان: الانفلات وفي نسخة الانفلات. والانصلات من الفعل انصلت بمعنى أفلت. والسياق يقتضي ما أثبتناه.

(٩) هذا قول الليث نقله في التهذيب.

(١٠) بياض مقدار كلمتين. وبهامش المطبوعة المصرية: كذا بياض بخطه.

(١١) وكان عمر بن الخطاب (رض) قال له أين كان أخوك منك؟ فقال كان والله أخي في الليلة ذات الأزيز والصزاد، يركب الجمال الثفال، ويجنب الفرس الجرور، وفي يده الرمح الثقيل، وعليه الشملة الفلوت ..».