[كبرت]:
  وفي الصّحاح: الكَبْتُ: الصَّرْفُ والإِذْلالُ، يقال: كَبَتَ اللهُ العَدُوَّ، أَي صَرَفَهُ وأَذَلّهُ.
  وفي التَّنْزِيلِ {كُبِتُوا كَما كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ}(١) وفيه {أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خائِبِينَ}(٢) قال أَبو إِسْحَاقَ: معنى كُبِتُوا: أُذِلُّوا وأُخِذُوا بالعَذَابِ بَأَنْ غُلِبُوا، كما نزل بمن كانَ قَبْلَهم مِمّن حَادَّ اللهَ.
  وقال الفَرَّاءُ: كُبِتُوا، أَي غِيظُوا وأُحْزِنُوا يوم الخَنْدَق، كما كُبِتَ من قاتَلَ الأَنبياءَ قبلَهم، قال الأَزهريّ(٣): وقالَ مَن احتجَّ للفَرَّاءِ: أَصلُ الكَبْتِ الكَبْدُ، فقلبت الدالُ تاءً، أُخِذَ [ذلك] من الكَبِدِ وهو مَعْدِنُ الغَيْظِ والأَحقادِ(٤)، فكأَنّ الغَيْظَ لمَّا بَلَغ بهم(٥) مَبْلَغَه أَصابَ أَكبادَهُم فأَحْرَقَها، ولهذا قيل للأَعْدَاءِ: هُمْ سُودُ الأَكْبادِ، كذا في التكملة(٦)، وفي الحديث: «أَنَّهُ رَأَى طَلْحَةَ مَكْبُوتاً»(٧) أَي شديدَ الحُزْنِ، قيل: الأَصلُ فيه مَكْبُودٌ، بالدال، أَي أَصابَ الحُزْنُ كَبِدَهُ، فقلبَ الدالَ تاءً، قال المُتَنَبِّي:
  لأَكْبِتَ حَاسِدِي وأَرَى عَدُوِّي ... لأَنَّهُمَا ودَاعُكَ والرَّحِيلُ
  وقالُوا: كَبَتَهُ بمعنى كَبَدَهُ إِذا أَصابَ كَبِدَهُ، كما قالُوا: رَآهُ إِذا قَطَع رِئَتَهُ، وفي العناية في «المُدَّثِّر»: الكَبْتُ: الغَيْظُ والغَمُّ، وبرّد كبته بمعنى كبده.
  والمُكْتَبِتُ هو المُمْتَلِئُ غَمًّا أَو غَيْظاً.
  وتقول: لا زالَ خَصْمُك مَكْبُوتاً، وَعَدُوُّك مَبْكُوتاً(٨).
  ومن المجاز: فلانٌ يَكْبِتُ غَيظَهُ في جَوْفه: لا يُخْرِجُه، وتقول: من كَبَتَ غَيْظَهُ في جَوْفِه كَبَتَ الله عَدُوَّه من خَوْفه، كذا في الأَساس.
  وفي شرح المقامَة الصَّنْعانِيّة لأَبِي العبّاس الشَّريشيّ ما نَصُّه: قال الأَصمعيّ: كنا بِطَرِيق مكَّةَ في بعضِ المنازِل إِذ وقَفْت علينا أَعْرَابِيّة فقالت: أَطْعِمُونَا مما أَطْعَمَكُم اللهُ.
  فناوَلَها بعضُ القومِ شَيْئاً فقالت: كَبَتَ اللهُ كُلَّ عَدُوٍّ لكَ إِلّا نَفْسَكَ. انتهى.
  [كبرت]: الكِبْرِيتُ، بالكسر، أَهمله الجوهريّ هنا، وأَورده في - ك ب ر - وذكره هنا بناءً على أَصالَةِ التَّاءِ، وصَرَّح غيرُ واحدٍ بزيادتها، فموضِعه الرّاءُ، كعِفْرِيتٍ، وهو من الحِجَارة المُوقَدِ بِهَا، قال ابنُ دريد: لا أَحْسَبُهُ عَرَبِيٍّا صَحِيحاً، ومثْلُه في شِفَاءِ الغَلِيل.
  والكِبْرِيتُ: اليَاقُوتُ الأَحْمَرُ قاله ابنُ دُرَيْدٍ، وجعَلَ شيخُنَا استعمالَه فيه من المَجَازِ.
  والكِبْرِيتُ: الذَّهَبُ الأَحْمَرُ، قال رُؤبَة:
  هَلْ يَعْصِمَنِّي حَلِفٌ سِخْتِيتُ(٩) ... أَو فِضَّةٌ أَو ذَهَبٌ كِبْرِيتُ
  قال ابن الأَعْرَابيّ: ظَنّ رُؤبةُ أَن الكِبرِيتَ ذَهَبٌ، قال شيخُنا: وخَطِئ فيه، لأَنَّ العَرَبَ القدماءَ يُخْطِئون في المَعَانِي دونَ الأَلفاظِ.
  أَو الكبريتُ الأَحْمَرُ - عن الليث - يقال: هو جَوْهَرٌ، ومَعْدِنُه خَلْفَ بلادِ التُّبَّتِ بِوادِي النَّمْلِ الذي مَرَّ عليه سيِّدُنَا سليمانُ عليه وعلى نبيِّنَا أَفضلُ الصلاةِ والسلام، كذا في التهذيب، وعن الليث: الكِبْرِيتُ: عَيْنٌ تَجْرِي، فإِذا جَمَدَ ماؤُهَا صار كِبْرِيتاً أَبيضَ وأَصْفَرَ وأَكْدَرَ، وقال شيخُنَا: وقد شَاهَدْتُه في مواضِعَ: منها هذا الذي قَرِيبٌ مِن المَلالِيحِ ما بين فَاس ومِكْنَاسَةَ يُتَدَاوَى بالعَوْمِ فيه من الحَبِّ الإِفْرِنْجِيّ وغيره، ومنها مَعْدِنٌ في أَثناءِ إِفْرِيقيَّةِ في وَسَطِ بَرْقَةَ، يُقَال له: البُرْجُ، وغير ذلك، واستعماله في الذَّهَبِ كأَنَّهُ مَجَازٌ، لقولهم: الكِبْرِيتُ الأَحْمَرُ، لأَنَّهُ يُصْنَعُ منه، ويَصْلُح لأَنواعٍ من الكِيمياءِ، ويكونُ من أَجْزَائِها. انتهى.
  وفي اللسان: يُقَال: فِي كلِّ شيْءٍ كِبْرِيتٌ، وهو يُبْسُه، ما خلا الذَّهَبَ والفِضَّةَ، فإِنَّهُ لا يَنْكَسِر، فإِذا صُعِّدَ، أَي أُذِيبَ، ذَهَبَ كِبْرِيتُه.
  وقال أَبو منصور: ويقال: كَبْرَتَ بَعِيرَهُ إِذا طَلاهُ بِه أَي
(١) سورة المجادلة الآية ٥.
(٢) سورة آل عمران الآية ١٢٧.
(٣) عبارة التهذيب: وقال بعض من يحتج لقول الفرّاء.
(٤) الأصل واللسان، وفي التهذيب: وهو موضع الغيظ والحقد.
(٥) الأصل واللسان، وفي التهذيب: بلغ منهم مبلغ المشقة أصاب.
(٦) نص التكملة أقرب لما في التهذيب من اللسان.
(٧) في النهاية: حزينا مكبوتا.
(٨) الأساس: خصمك مبكوتا وعدوك مكبوتا.
(٩) بالأصل «سحتيت» وما أثبت عن اللسان، وقد مرّ أكثر من مرة.