فصل الميم (مع التاء المثناة الفوقية)
  وفي اللّسان: قال نُعَيْمُ بنُ حَمّاد: سَمعْتُ ابن المُبارَكِ يَقُول: المُتَماوِتُون: المُراءُونَ. وفي حديث أَبي سَلَمةَ: «لم يَكُنْ أَصْحابُ مُحَمَّدٍ ﷺ مُتَحَزّقِينَ(١) ولا مُتَماوِتِينَ» يقال: تَماوَتَ الرَّجُلُ إِذا أَظْهَر من نَفْسِه التَّخَافُتَ والتَّضاعُفَ من العِبادَةِ والزُّهْدِ والصَّوْمِ، ومنه حديثُ عُمرَ ¥ «رأَى رَجُلاً مُطَأْطِئاً رأْسَه فقالَ: ارْفَعْ رأْسَكَ فإِنّ الإِسْلامَ ليْسَ بِمَرِيض» «ورأَى رَجُلاً مُتَماوِتاً فقالَ: لا تُمِتْ عَلَيْنا دِينَنَا أَماتَكَ اللهُ». وفي حديثِ عائشةَ، ^ «نَظَرتْ إِلى رَجُلٍ كادَ يَموتُ تَخَافُتاً فقالَتْ: ما لِهذَا؟: قيل: إِنّه من القُرّاءِ، فقالت: كان عُمَرُ سيِّدَ القُرّاءِ، كان إِذا مَشَى أَسْرَعَ [وإِذا قال أَسْمَعَ](٢) وإِذا ضَرَبَ أَوْجَعَ».
  ويقال: ضَرَبْتُه فتَمَاوَتَ، إِذا أَرَى أَنّه مَيِّتٌ وهو حَيٌّ.
  ومن المَجازِ قولُهم: رَجُلٌ مَوْتانُ الفُؤادِ أَي بَلِيدٌ غيرُ ذَكِيّ ولا فَهِمٍ، كأَنَّ حَرارَةَ فَهْمِهِ بَرَدَتْ فماتَتْ.
  وفي الأَساس: رجُلٌ مَوْتانُ الفُؤادِ لم يَكُنْ حَرِكاً حَي(٣) القَلْبِ.
  وهي بهاءٍ، يقال: امرأَةٌ مَوْتَانَةُ الفُؤاد.
  ومن المَجازِ: وبِهِ مُوتَةٌ، المُوتَةُ، بالضَّمِّ: الغَشْيُ وفُتُورٌ في العَقْل، والجُنُونُ، لأَنّه يَحْدُث عنه سُكونٌ(٤) كالمَوْتِ.
  وفي اللسان: المُوتَةُ: جِنْسٌ من الجُنُونِ والصَّرَع يَعْتَرِي الإِنْسانَ، فإِذا أَفَاقَ عادَ إِلَيْه عَقْلُه(٥)، كالنّائمِ والسَّكْرانِ.
  وفي الحديث: «أَنّ النبيّ ÷ كان يَتَعَوَّذُ باللهِ من الشَّيْطانِ وهَمْزِه ونَفْثِه ونَفْخِه، فقيل له: ما هَمْزُه؟ قالَ: المُوتَةُ».
  قال أَبُو عُبيدٍ: المُوتَة: الجُنُون، تُسَمَّى(٦) هَمْزاً، لأَنّه جَعَلَه من النَّخْسِ والغَمْزِ(٧)، وكلُّ شيْءٍ دفَعْتَه فقد هَمَزْتَه.
  وقال ابنُ شُمَيْل: المُوتَةُ: الذي يُصْرَعُ من الجُنونِ أَو غَيْرِه، ثم يُفِيقُ.
  وقال اللِّحْيانيّ: المُوتَةُ: شِبْهُ الغَشْيَةِ.
  ومُؤْتَةُ بالهَمْزَةِ: اسْمُ أَرْض بالشَّام، وقد جاءَ ذِكْرُه في الحَدِيثِ وذُكِر في م أَ ت وإِنّما أَعادَه هنا إِشارةً إِلى أَنّه قد رواه غيرُ واحدٍ من أَهل الغَرِيبِ بغير هَمْزٍ، ففي المِصْباح: مُؤْتةُ، بالهَمْزِ، وِزَانُ غُرْفة، ويَجُوز التَّخفيفُ: قَرْيَةٌ من البلْقاءِ بطَرِيقِ الشامِ الذي يخْرُج منه أَهلُه للحِجاز، وهي قَريبَةٌ من الكَرَكِ.
  وذُو المُوتَةِ: فَرَسٌ لبَنِي أَسَدٍ، كذا في النُّسخ، ومثله للصّاغانيّ، والصّوابُ: لبَنِي سَلُولَ، كما حقَّقَه ابنُ الكَلْبِيّ، من نَسْلِ الحَرُون، كان يأْخُذُه شِبْهُ الجُنُونِ في الأَوْقات، قال ابنُ الكَلْبيّ: وكانَ إِذا جَاءَ سَابِقاً أَخَذَتْه رِعْدَةٌ فيَرْمِي نَفْسَه طَوِيلاً، ثم يَقُوم فيَنْتَفِضُ ويُحَمْحِمُ، وكان سابق النَّاس، فأَخَذَهُ بِشْرِ بن مَرْوانَ بالكُوفَةِ بأَلْفِ دِينارٍ، فبَعَثَ به إِلى عبدِ المَلِكِ.
  ومن المَجاز: المُسْتَمِيتُ: الشُّجاعُ الطَّالِبُ للمَوْتِ، على حدّ ما يجِيءُ عليه بَعْضُ هذا النَّحْوِ.
  وفي اللسان: المُسْتَمِيتُ: المُسْتَقْتِلُ الذي لا يُبالِي في الحَرْبِ من المَوتِ، وفي حديث بَدْرٍ: «أَرَى القَوْمَ مُسْتَمِيتِينَ» أَي مُسْتَقْتِلِينَ، وهم الذي يُقاتِلُون على المَوْتِ.
  والمُسْتَمِيت: المُسْتَرْسِلُ للأَمرِ، قال رُؤْبَة:
  وزَبَدُ البَحْرِ له كَتِيتُ ... واللَّيْلُ فوقَ الماءِ مُسْتَمِيتُ
  وفي الأَساس: - في المجاز -: وهُوَ مُسْتَمِيتٌ إِلى كَذا: مُسْتَهْلِكٌ(٨) إِليه يَظُنُّ أَنّه إِن لم يَصِلْ إِليه ماتَ.
  وفيه - في الحقيقة -: وفُلانٌ مُسْتَمِيتٌ: مُسْتَرْسِلٌ للمَوْتِ، كمُسْتَقْتِلٍ(٩).
  واسْتَمِيتُوا صَيْدَكُم، ودَابَّتَكُم، أَي انْتَظِرُوا حتى تَتَبَيَّنُوا أَنّه ماتَ(١٠).
(١) عن النهاية واللسان، وبالأصل «متحرفين».
(٢) زيادة عن النهاية، وأشار إلى هذا النقص بهامش المطبوعة المصرية.
(٣) عن الأساس، وبالأصل: حيىّ.
(٤) اللسان: سكوت.
(٥) الأصل واللسان، وفي الصحاح: عاد إليه كمال عقله.
(٦) اللسان: «يسمى» وفي التهذيب: سمي.
(٧) الأصل واللسان، وفي التهذيب: من النخس والهمز والغمز.
(٨) بالأصل: ومستهلك، وما أثبت عن الأساس.
(٩) وشاهده في الأساس:
فأعطيت الجعالة مستميتا ... خفيف الحاذ من فتيان جرم
(١٠) في الأساس: «حتى تبينوا أنه قد مات» وفي التهذيب: أي انظروا مات أم لا؟ وذلك إذا أصيب فشُكَّ في موته.