تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الميم (مع التاء المثناة الفوقية)

صفحة 140 - الجزء 3

  وفي اللّسان: قال نُعَيْمُ بنُ حَمّاد: سَمعْتُ ابن المُبارَكِ يَقُول: المُتَماوِتُون: المُراءُونَ. وفي حديث أَبي سَلَمةَ: «لم يَكُنْ أَصْحابُ مُحَمَّدٍ مُتَحَزّقِينَ⁣(⁣١) ولا مُتَماوِتِينَ» يقال: تَماوَتَ الرَّجُلُ إِذا أَظْهَر من نَفْسِه التَّخَافُتَ والتَّضاعُفَ من العِبادَةِ والزُّهْدِ والصَّوْمِ، ومنه حديثُ عُمرَ ¥ «رأَى رَجُلاً مُطَأْطِئاً رأْسَه فقالَ: ارْفَعْ رأْسَكَ فإِنّ الإِسْلامَ ليْسَ بِمَرِيض» «ورأَى رَجُلاً مُتَماوِتاً فقالَ: لا تُمِتْ عَلَيْنا دِينَنَا أَماتَكَ اللهُ». وفي حديثِ عائشةَ، ^ «نَظَرتْ إِلى رَجُلٍ كادَ يَموتُ تَخَافُتاً فقالَتْ: ما لِهذَا؟: قيل: إِنّه من القُرّاءِ، فقالت: كان عُمَرُ سيِّدَ القُرّاءِ، كان إِذا مَشَى أَسْرَعَ [وإِذا قال أَسْمَعَ]⁣(⁣٢) وإِذا ضَرَبَ أَوْجَعَ».

  ويقال: ضَرَبْتُه فتَمَاوَتَ، إِذا أَرَى أَنّه مَيِّتٌ وهو حَيٌّ.

  ومن المَجازِ قولُهم: رَجُلٌ مَوْتانُ الفُؤادِ أَي بَلِيدٌ غيرُ ذَكِيّ ولا فَهِمٍ، كأَنَّ حَرارَةَ فَهْمِهِ بَرَدَتْ فماتَتْ.

  وفي الأَساس: رجُلٌ مَوْتانُ الفُؤادِ لم يَكُنْ حَرِكاً حَي⁣(⁣٣) القَلْبِ.

  وهي بهاءٍ، يقال: امرأَةٌ مَوْتَانَةُ الفُؤاد.

  ومن المَجازِ: وبِهِ مُوتَةٌ، المُوتَةُ، بالضَّمِّ: الغَشْيُ وفُتُورٌ في العَقْل، والجُنُونُ، لأَنّه يَحْدُث عنه سُكونٌ⁣(⁣٤) كالمَوْتِ.

  وفي اللسان: المُوتَةُ: جِنْسٌ من الجُنُونِ والصَّرَع يَعْتَرِي الإِنْسانَ، فإِذا أَفَاقَ عادَ إِلَيْه عَقْلُه⁣(⁣٥)، كالنّائمِ والسَّكْرانِ.

  وفي الحديث: «أَنّ النبيّ ÷ كان يَتَعَوَّذُ باللهِ من الشَّيْطانِ وهَمْزِه ونَفْثِه ونَفْخِه، فقيل له: ما هَمْزُه؟ قالَ: المُوتَةُ».

  قال أَبُو عُبيدٍ: المُوتَة: الجُنُون، تُسَمَّى⁣(⁣٦) هَمْزاً، لأَنّه جَعَلَه من النَّخْسِ والغَمْزِ⁣(⁣٧)، وكلُّ شيْءٍ دفَعْتَه فقد هَمَزْتَه.

  وقال ابنُ شُمَيْل: المُوتَةُ: الذي يُصْرَعُ من الجُنونِ أَو غَيْرِه، ثم يُفِيقُ.

  وقال اللِّحْيانيّ: المُوتَةُ: شِبْهُ الغَشْيَةِ.

  ومُؤْتَةُ بالهَمْزَةِ: اسْمُ أَرْض بالشَّام، وقد جاءَ ذِكْرُه في الحَدِيثِ وذُكِر في م أَ ت وإِنّما أَعادَه هنا إِشارةً إِلى أَنّه قد رواه غيرُ واحدٍ من أَهل الغَرِيبِ بغير هَمْزٍ، ففي المِصْباح: مُؤْتةُ، بالهَمْزِ، وِزَانُ غُرْفة، ويَجُوز التَّخفيفُ: قَرْيَةٌ من البلْقاءِ بطَرِيقِ الشامِ الذي يخْرُج منه أَهلُه للحِجاز، وهي قَريبَةٌ من الكَرَكِ.

  وذُو المُوتَةِ: فَرَسٌ لبَنِي أَسَدٍ، كذا في النُّسخ، ومثله للصّاغانيّ، والصّوابُ: لبَنِي سَلُولَ، كما حقَّقَه ابنُ الكَلْبِيّ، من نَسْلِ الحَرُون، كان يأْخُذُه شِبْهُ الجُنُونِ في الأَوْقات، قال ابنُ الكَلْبيّ: وكانَ إِذا جَاءَ سَابِقاً أَخَذَتْه رِعْدَةٌ فيَرْمِي نَفْسَه طَوِيلاً، ثم يَقُوم فيَنْتَفِضُ ويُحَمْحِمُ، وكان سابق النَّاس، فأَخَذَهُ بِشْرِ بن مَرْوانَ بالكُوفَةِ بأَلْفِ دِينارٍ، فبَعَثَ به إِلى عبدِ المَلِكِ.

  ومن المَجاز: المُسْتَمِيتُ: الشُّجاعُ الطَّالِبُ للمَوْتِ، على حدّ ما يجِيءُ عليه بَعْضُ هذا النَّحْوِ.

  وفي اللسان: المُسْتَمِيتُ: المُسْتَقْتِلُ الذي لا يُبالِي في الحَرْبِ من المَوتِ، وفي حديث بَدْرٍ: «أَرَى القَوْمَ مُسْتَمِيتِينَ» أَي مُسْتَقْتِلِينَ، وهم الذي يُقاتِلُون على المَوْتِ.

  والمُسْتَمِيت: المُسْتَرْسِلُ للأَمرِ، قال رُؤْبَة:

  وزَبَدُ البَحْرِ له كَتِيتُ ... واللَّيْلُ فوقَ الماءِ مُسْتَمِيتُ

  وفي الأَساس: - في المجاز -: وهُوَ مُسْتَمِيتٌ إِلى كَذا: مُسْتَهْلِكٌ⁣(⁣٨) إِليه يَظُنُّ أَنّه إِن لم يَصِلْ إِليه ماتَ.

  وفيه - في الحقيقة -: وفُلانٌ مُسْتَمِيتٌ: مُسْتَرْسِلٌ للمَوْتِ، كمُسْتَقْتِلٍ⁣(⁣٩).

  واسْتَمِيتُوا صَيْدَكُم، ودَابَّتَكُم، أَي انْتَظِرُوا حتى تَتَبَيَّنُوا أَنّه ماتَ⁣(⁣١٠).


(١) عن النهاية واللسان، وبالأصل «متحرفين».

(٢) زيادة عن النهاية، وأشار إلى هذا النقص بهامش المطبوعة المصرية.

(٣) عن الأساس، وبالأصل: حيىّ.

(٤) اللسان: سكوت.

(٥) الأصل واللسان، وفي الصحاح: عاد إليه كمال عقله.

(٦) اللسان: «يسمى» وفي التهذيب: سمي.

(٧) الأصل واللسان، وفي التهذيب: من النخس والهمز والغمز.

(٨) بالأصل: ومستهلك، وما أثبت عن الأساس.

(٩) وشاهده في الأساس:

فأعطيت الجعالة مستميتا ... خفيف الحاذ من فتيان جرم

(١٠) في الأساس: «حتى تبينوا أنه قد مات» وفي التهذيب: أي انظروا مات أم لا؟ وذلك إذا أصيب فشُكَّ في موته.