تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الميم (مع التاء المثناة الفوقية)

صفحة 139 - الجزء 3

  كالجِلْسَةِ والرِّكْبَةِ، يقال: ماتَ فلانٌ مِيتَةً حَسَنَةً، وفي حديثِ الفِتَنِ «فَقَدْ ماتَ مِيتَةً جاهِلِيَّةً» هي بالكَسْرِ: حالةُ المَوْتِ، أَي كما يَمُوت أَهلُ الجَاهِليّة من الضَّلالِ والفُرْقةِ، وجَمعُها مِيَتٌ.

  وقولهم: ما أَمْوَتَه، أَي ما أَمْوَتَ قَلْبَه، لأَنَّ كلَّ فِعْل لا يَتَزَيَّدُ لا يُتَعَجَّبُ مِنْه تَبع فيه الجَوْهَرِيَّ وغيرَه، وهو إِشارةٌ إِلى أَنّه يَنْبَغِي أَن يُحْمَلَ على مَوْتِ القَلْبِ، لأَنَّ الموتَ لا يُتَعجَّبُ مِنْه، لأَنَّ شرطَ التَّعَجُّب أَن يكونَ مما يَقْبلُ الزّيادةَ والتّفاضُلَ، وما لا يَقْبَلُ ذلك - كالمَوْتِ والفَناءِ والقَتْل - لا يجوزُ التَّعجُّبُ منه، كما عُرِف في العَربِيَّة.

  والمُواتُ، كغُراب: المَوْتُ مطلقاً، ومنهم من خَصَّه بالموتِ يَقَعُ في الماشِيَةِ كما يأْتي.

  ومن المجازِ: أَحيَا اللهُ البلدَ الميِّتَ، وهو يُحْيِي الأَمْواتَ.

  والمَوَاتُ هو، كسَحَابٍ: ما لَا رُوح فيهِ.

  وأَرضٌ مَواتٌ: لا مَالِكَ لها من الآدَمِيِّينَ، ولا يُنْتَفعُ بِها⁣(⁣١)، وزاد النَّوَويّ: ولا ماءَ بِها، كما يُقَال: أَرْضٌ مَيِّتَةٌ.

  والموتَانُ بالتَّحرِيكِ: خلافُ الحَيوانِ، أَو أَرْضٌ لم تُحْيَ بَعْدُ، وهو قول الفرّاءِ، وقالوا: حُرِّك حَمْلاً على ضِدّه وهو الحَيَوان، وكِلاهُما شاذٌّ، لأَن هذا الوَزنَ من خصائصِ المصَادِرِ، فاستعمالُه في الأَسماءِ على خلافِ الأَصْل، كما قُرِّرَ في التَّصْريفِ.

  وفي اللِّسانِ: الموَتَانُ من الأَرْضِ: ما لمْ يُسْتَخْرَجُ ولا اعْتُمِر، على المَثَل، وأَرضٌ مَيِّتَةٌ ومَوَاتٌ، من ذلك، وفي الحديث: «مَوَتَانُ الأَرْضِ للهِ ولِرَسُولِه، فما أَحْيَا منها⁣(⁣٢) شيئاً فهو لَه» المَوَاتُ من الأَرْضِ مثلُ المَوَتَانِ، يَعني مَواتَها الذي ليسَ مِلْكاً لأَحَد، وفيه لُغتان: سُكونُ الواو، وفَتحُها مع فتحِ الميم.

  وفي الحديث: «من أَحْيَا مَوَاتاً فهو أَحقُّ بهِ» المَوَاتُ: الأَرْضُ التي لَمْ تُزْرَعْ ولم تُعْمَرْ، ولا جَرَى عليها مِلْكُ أَحَدٍ، وإِحْياؤُها: مُباشرَةُ عِمارَتِها، وتَأْثِيرُ شَيْءٍ فيها.

  ويُقالُ: اشْتَرِ المَوَتَانَ، ولا تَشْتَرِ الحَيَوانَ، أَي اشْترِ الأَرَضِينَ والدُّورَ، ولا تَشْتَرِ الرّقيقَ والدَّوابَّ.

  ويقال: رَجُلٌ يَبِيعُ المَوَتانَ، وهو الذي يَبِيعُ المَتاعَ، وكلَّ شيْءٍ غيرِ ذي رُوحٍ، وما⁣(⁣٣) كان ذا روح فهو الحَيَوانُ.

  والمُوتَان والمُوَاتُ، بالضّمّ: مَوْتٌ يَقَعُ في المَاشِيَةِ والمالِ ويُفْتحُ وهذا نَقَلَه أَبو زَيْد في «كتاب خبئة» عن أَبي السَّفَرِ، رَجُلٍ من تميمٍ.

  وقالَ الفرّاءُ: وقَعَ في المال مَوْتانٌ ومُوَاتٌ، وهو المَوْتُ، وفي الحديث «يكونُ في النّاس مُوتَانٌ كقُعاص الغَنَمِ»، وهو بوَزْنِ البُطْلان: الموتُ الكثيرُ الوُقوعِ، وزاد ابن التِّلِمْسانِيّ أَنّ الضَّمَّ لُغةُ تميمٍ، والفَتْح لغةُ غيرِهم.

  قلتُ: وهو يُخالِف ما نَقَله أَبو زيد عن رَجُل من بني تَميمٍ، كما تقدم.

  ومن المَجاز: أَماتَ الرَّجُلُ: ماتَ وَلَدُه، وعبارة الأَساس: وأَماتَ فُلانٌ بَنِينَ: مَاتُوا له، كما يقال: أَشَبَّ [فلان]⁣(⁣٤) بَنِينَ: [إِذا] شَبُّوا له، وفي الصّحاح: أَماتَ الرَّجُلُ⁣(⁣٥): إِذا ماتَ له ابنُ أَو بَنُون.

  وأَماتَتِ المَرْأَةُ والنَّاقَةُ، إِذا ماتَ وَلَدُها، قالَ الجَوْهَرِي: مَرْأَة مُمِيتٌ ومُمِيتَةٌ: مات وَلَدُها، أَو بَعْلُها، وكذلك النَّاقَةُ إِذا ماتَ وَلَدُها، والجمعُ مَمَاوِيتُ.

  ومن المَجازِ: يقال: ضَرَبْتُه فَتَماوَتَ، إِذا أَرَى أَنّه مَيِّتٌ وهو حَيٌّ.

  والمُتَماوِتُ: من صفةِ النَّاسِكِ المُرائِي الذي يُظْهِرُ أَنّه كالمَيِّتِ في عِباداتِه رِياءً وسُمْعَةً، قالُوا: هو الذي يُخْفِي صَوْتَه، ويُقِلُّ حَرَكاتِه، كأَنّه ممّن يَتَزَيّا بزِيِّ العُبَّادِ، فكأَنّه يَتَكَلَّفُ في اتّصافِه بما يَقْرُبُ من صِفاتِ الأَمواتِ، ليُتَوَهَّمَ ضَعْفُه من كثرةِ العِبادَةِ.

  وفي الأَساس: يقَالُ: فلانٌ مُتَماوِتٌ، إِذا كان يُسَكِّنُ أَطْرَافَه رِيَاءً.


(١) الصحاح واللسان: ولا ينتفع بها أَحد.

(٢) اللسان والصحاح، وفي التهذيب: «فمن أحيا منه منهم شيئاً».

(٣) الأصل واللسان، وفي التهذيب: «ومن كان».

(٤) زيادة عن الأساس.

(٥) الأصل واللسان، وفي الصحاح: أمات فلان.