[بوأ]:
  والبَاءَةِ والبَاهِ، بالهاء والقَصْرِ، أَي [على](١) النِّكاح، والباءَةُ الواحدةُ، والبَاءُ الجَمْعُ، ويُجْمع(٢) البَاءُ على البَاءَات قال الشاعر:
  يَا أَيُّهَا الرَّاكِبُ ذُو الثَّبَاتِ ... إِنْ كُنْتَ تَبْغِي صَاحِبَ البَاءَاتِ
  فَاعْمِدْ إِلَى هَاتيِكُمُ الأَبْيَات
  وَبَؤَّأَ الرجلُ تَبْوِيئاً إِذا نَكَحَ وهو مجاز.
  وبَاءَ الشيءُ: وَافَقَ، وبَاءَ بِدَمِه وبِحَقَّه إِذا أَقَرّ، وذا يَكونُ أَبداً بما عليه لَا لَهُ. قال لَبيِدٌ:
  أَنْكَرْتُ بَاطِلَهَا وَبُؤْتُ بحَقّهَا ... عِنْدِي ولَمْ يفْخَرْ علَيَّ كِرامُهَا
  وقال الأَصمعي: باءَ بإِثمه فهو يبُوءُ بَوْءًا إِذا أَقَرَّ به وَقال غيره: باءَ بِذَنْبِهِ بَوْءًا بفتْحٍ فَسُكونٍ، كذا في أَكثرِ الأُصولِ، وفي بعضها: بَوْأَةً بزيادة الهاء وَبَوَاءً كسَحابٍ: احْتَمَله وصارَ المُذنِب مَأْوَى الذنبِ، وبه فَسَّر أَبو إِسحاق الزَّجاجُ {فَباؤُ بِغَضَبٍ عَلى غَضَبٍ}(٣) أَي احتملوا، أَو اعْتَرفَ به، وفي بعض النُّسخ بالواو، وفي الحديث «أَبُوءُ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ وَأَبُوءُ بِذَنْبيِ» أَي أَلتَزِم وأَرْجِعُ وأُقِر، وأَصل البَوَاءِ اللُّزومُ، كما في النهاية، ثم استُعمل في كلِّ مَقامٍ بِما يُناسِبُه، صرّح به الزمخشريُّ والرَّاغِب، وفي حديثٍ آخَرَ «فقد بَاءَ بِهِ أَحدُهما» أَي التزَمَه ورجَع به.
  وباءَ دمُهُ بِدَمِه بَوْءًا وبَوَاءً عدَلَه، وفُلانٌ(٤) بِفُلانِ بَوَاءً إِذا قُتِلَ به وصار دَمُه بِدَمه فَقَاوَمَهُ، أَي عَادَلَه، كذا عن أَبي زَيْد. ويقال: «بَاءَتْ عَرَارِ بِكَحْل» وهُما بَقرَتَانِ قُتِلتْ إِحداهما بالأُخرى. ويقال: بُؤْ بِه، أَي كُنْ مِمَّن يُقْتَل به، وأَنشد الأَحمرُ لرجل قَتل قَاتِلَ أَخيِه فقال:
  فَقُلْتُ لَهُ: بُؤْ بِامْرِئٍ لَسْتَ مِثْلَهُ ... وَِنْ كُنْتَ قُنْعَاناً لِمَنْ يطْلُبُ الدَّمَا
  قال أَبو عُبيدٍ: معناه وإِنْ كُنْتَ في حَسَبِك مَقْنَعاً لكلِّ مَن طلبَك بِثَأْرِهِ، فلسْتَ مِثلَ أَخي. كَأَبَاءَهُ وَبَاوَأَهُ بالهمز فيهما، يقال: أَبأْتُ القاتِلَ بِالقتيل واسْتَبَأْتُهُ أَيضاً، إذا قَتَلْته به، وفي اللسان: وإِذا أَقَصَّ(٥) السُّلطانُ رَجلاً برجلٍ قيل: أَباءَ فُلاناً بِفُلانٍ. قال الطُّفَيْلُ الغَنَوِيُّ:
  أَبَاءَ بِقَتْلَانَا مِنَ القَوْمِ ضِعْفَهُمْ ... وَمَا لَا يُعَدُّ مِنْ أَسيِرٍ مُكَلَّبِ(٦)
  ومثلُه قَوْلُ أَبي عُبيْدٍ(٧). وقال التغلبيُّ(٨):
  أَلَا يَنْتَهِي عنّا المُلُوكُ وتَتَّقِي ... محارِمنَا لا يُبَاءُ الدَّمُ بِالدَّمِ
  وقال عبْدُ الله بن الزبير:
  قَضَى الله أَنَّ النَّفْس بالنَّفْسِ بَيْنَنَا ... وَلَمْ نَكُ نَرْضَى أَنْ نُباوِئَكُمْ قَبْلُ
  وتَبَاوَءَا القتيلان تَعَادَلا وفي الحديث: أَنه كان بيْن حَيَّيْنِ من العرب قِتالٌ، وكَانَ لأَحدِ الحَيَّيْنِ طَوْلٌ علَى الآخرِ فقالوا: لا نَرْضَى إِلَّا أَنْ نَقتُلَ(٩) بالعبدِ مِنَّا الحُرَّ منكم(١٠)، وبالمرأَةِ الرَّجُلَ، فأَمرهم النبيُّ أَن يتباوَءُوا، ووزنه يتَقَاولُوا، على يَتَفَاعلُوا، وهذا هو الصحيح، وأَهل الحدِيث يقولون يَتَباءَوْا، على مثال يَتَرَاءَوْا، كذا نَقل عنهم أَبو عُبيد. وبوَّأَهُ مَنْزِلاً نزلَ به إِلى سَنَدِ جَبَلٍ، هكذا متعدّياً إلى اثنين في نسختنا وفي بعضها بإِسقاط الضمير، فيكون متعدِّياً إِلى واحدٍ، وعليها كتبَ شيخُنَا، ومثَّلَ للمتعدِّي إِلى اثنين قولهم: تَبوَّأْتُ لِزَيْدِ بيْتاً، وقال أَبو زيد: هو متعدٍّ بنفسه لهما، واللام زائدة، وفَعَّل وتفَعَّل قد يكونان لمعنىً واحدِ وبوَّأَ فِيه وبوَّأَه له بمعنى هَيَّأَه له أَنْزَلَه ومكَّن له فيه كَأَباءَهُ إِيَّاه، قال أَبو زيد: أَبَأْتُ القومَ منزلاً وبَوَّأْتُهم منزلاً إِذا نَزلْتُ بهم إِلى سَنَدِ جَبَلٍ أَو قِبَلِ نَهْرٍ والاسْمُ البيِئةُ، بالكَسْر.
(١) عن اللسان، والنقل عنه.
(٢) اللسان: وتجمع.
(٣) سورة البقرة: ٩٠.
(٤) اللسان: وباء فلان بفلان بواء، ممدود، وأباءه وباوأه، إذا قتل به وصار دمه بدمه.
(٥) عن اللسان، وبالأصل «اقتص».
(٦) ديوانه اللسان والمجمل وفيه: مثلهم بدل ضعفهم.
(٧) بالأصل: أبو عبيد.
(٨) المفضليات ٢/ ١١ وهو لجابر بن حُنَيٍّ التغلبي، والمقاييس والعين دون نسبة، والتهذيب واللسان للتغلبي.
(٩) اللسان: يُقتلَ.
(١٠) اللسان: منهم.