[هيت]:
  المَعْنَى تَهَيَّأْتُ لك، وأَنشد الفرّاءُ في القراءَةِ الأَولى في عَليّ ¥:
  أَبْلِغْ أَمِيرَ المُؤمِنِي ... نَ أَخا العِرَاقِ إِذا أَتيْتَا
  إِنَّ العراقَ وأَهلَه ... سَلِمٌ إِليْكَ فَهَيْتَ هَيْتَا(١)
  ومعناه هَلُمُّ هَلُمَّ(٢)، أَو هَلُمَّ وَتَعالَ، يستوي فيه الواحدُ والجمعُ، والمُؤَنَّثُ والمذَكر، إِلّا أَنّ العَددَ فيما بَعْدَه، تقولُ: هَيْتَ لكُمَا، وهَيتَ لَكُنَّ.
  قال ابنُ بَرّيّ: وذكرَ ابنُ جِنّي أَنّ هَيْتَ في البَيتِ بِمَعْنَى أَسْرِعْ، وقال: وفيه أَربعُ لُغاتٍ: هَيْتَ بفتح الهاءِ والتاءِ، وهِيتَ بكسر الهاءِ وفتح التاءِ، وهَيْتُ بفتح الهاءِ وضم التاءِ، وهِيتُ بكسر الهاءِ وضمّ التاءِ.
  قال الفَرّاءُ - في المَصَادِر -: مَن قَرَأَ {هَيْتَ لَكَ}: هَلُمَّ لَك، قالَ: ولا مَصْدَرَ لِهَيْتَ، ولا يُصَرَّفُ، وعن الأَخْفَش: {هَيْتَ لَكَ}، مفتوحة، معناها: هَلُمَّ لك، قال: وكسَرَ بَعضُهم التّاءَ وهي لغةٌ، فقال: هَيْتِ لَكَ، ورفعَ بعضٌ التّاءَ، فقال: هَيْتُ لك، وكسرَ بعضُهم الهاءَ وفتح التاءَ، فقال: هِيتَ لك، كُلّ ذلك بمعنى واحدٍ.
  وروى الأَزهَرِيّ - عن أَبي زيد - قال: {هَيْتَ لَكَ} بالعبْرَانية هَيْتَا لَجْ(٣)، أَي تَعَالَهْ، أَعرَبَه القرآنُ، كلّ ذلك في لسانِ العرب، والذي نقلَه عن ابن جِنّي فعن كتابه المُحْتسب.
  ويفهم منه أَيضاً أَنَّ قول المصنّف: ويُكْسَر أَولُه، أَي مع تَثلِيثِ الآخِر، كما قاله شيخنَا.
  وقد أَوْضح البَيضاويّ قراءَاتِ الكلمةِ ومَن قرَأَ بها، وحقّق ذلك العَلّامة ابنُ الجَزَريّ في نَشْرِه، وأَشار إِلى بعضِهَا أَبو عليّ الفارِسيّ في الحُجَّة، وغلَّطَ بعضَهَا، وأَوَّلَ البعضَ، وأَوْصَلوا القراءَاتِ إِلى سَبْعٍ، وصَرّحوا بأَنَّها كُلَّها لُغاتٌ.
  واختلَفَ أَهلُ الغريبِ في هذه الكلِمَة: هل هي عَربِيَّةٌ أَو مُعرَّبة؟ وهل مَعْنَاها تَعَالَ، كما جَزَم به الفرّاءُ والكِسَائِيّ وغيرهما، وقالوا: هي لغةُ الحجازِ، ولذلك قال مُجاهِدٌ: هي كلمَةُ حَثٍّ وإِقبَالٍ، أَو غير ذلك؟ وهلْ هي اسمٌ أَو فِعْلٌ؟ أَو هي علَى أَنْحاءٍ كثيرة: منها ما هو في السَّبْعَةِ، ومنها مَالا، وأَشار أَبو حيّان - في بَحْرِه - إِلى أَنه لا يَبْعُد أَن تكون مُشْتَقَّةً من اسم، كل ذلك عن شرح شيخنا.
  وهِيتُ بالكسر مع ضم التاءِ د، بالعِراقِ على شاطيء الفُرات، بها تُوفِّيَ ابن المُبَارك، ¦، وهي(٤) فوق الأَنبار، ذاتُ نَخْلٍ كثير وخَيْرَاتٍ واسعةٍ، على جِهَةِ البَرِّيَّة من غربِيّ الفُراتِ، سُمِّيَتْ باسم بانِيها، وهو هِيتُ بنُ البَلَنْدَى، كذا في المَرَاصِد، وأَصلُهَا من الهُوّة، قاله الأَصمعيّ، قال:
  طِرْ بِجَنَاحَيْكَ فَقَدْ دُهِيتَا ... حَرَّانَ حَرَّانَ فَهِيتاً هِيتَا
  وقيل: معناه اذْهَبْ في الأَرض. وقالَ أَبو عَليّ: ياءُ هِيتَ التي هي أَرضٌ واوٌ.
  وفي التَّهْذِيبِ: وقالَ بعضُ النّاسِ(٥): سُمِّيَتْ هِيتَ؛ لأَنَّها في هُوَّةٍ من الأَرْضِ انقَلَبَت الواوُ [إِلى](٦) الياءِ لكسرة الهاءِ، فقولُ بعضِهِم: فيه نَظَرٌ، وتوجيهُ شيخِنا إِيّاهُ بمخَالَفةِ الاشتقاق، منظورٌ فيه.
  وتقولُ: هاتِ يا رَجُلُ بكَسْرِ التّاءِ معناه: أَعْطِنِي، هكذا في سائرِ النُّسَخِ التي رَأَيْنَاهَا، وقد تَصَحَّفَ على شيخِنا، فأَجَالَ فيه فِكْرَتَه، فتارَةً قَال: أَعْطَى على صيغة الماضي، وتارَةً جعله صيغة أَمرٍ، وغير ذلك من الاحتمالات، والذي هُنَا هو بعَيْنِه نَصّ لسان العرب والتَّهْذِيب، والمُحْكَم مَضْبُوطاً.
  وزاد في الصّحاح: وللاثنين: هَاتِيَا، مثل آتِيَا، وللجَمْعِ: هاتُوا، وللمرأَةِ: هَاتِي بالياءِ، وللمَرْأَتَيْنِ: هاتِيَا، وللنّساءِ: هاتِينَ، مثل عاطِينَ.
(١) التهذيب والمجازات النبوية للشريف الرضي عن ابن جني ص ٣٠ واللسان «عُنُق بدل سلم».
(٢) عن التهذيب واللسان، وبالأصل «هلم هلماً».
(٣) عن التهذيب وبالأصل «كخ».
(٤) بالأَصل «وهو».
(٥) الأَصل واللسان، وفي التهذيب: وقال ابن السكيت.
(٦) زيادة عن اللسان، والعبارة في التهذيب: انقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها.