(فصل الثاء) المثلثة مع نفسها
  قال أَبو عُبَيْد: ولم أَسمَعْ في سَوَابِقِ الخيْلِ - مِمّن يُوثَق بِعِلمِه - اسْماً لشيْءٍ منها إِلّا الثّانيَ، والعَاشِرَ، فإِنّ الثَّانيَ اسمُه المُصَلِّي، والعَاشرَ: السُّكَيْتُ، وما سِوَى ذَيْنِك إِنما يقال: الثّالِثُ والرَّابع، وكذلك إِلى التّاسع.
  وقال ابنُ الأَنْبَارِيّ: أَسماءُ السُّبَّقِ من الخَيْلِ: المُجَلِّي، والمُصَلِّي، والمُسَلِّي، والتَّالِي، والحَظِيُّ، والمُؤَمِّلُ، والمُرْتَاحُ، والعَاطِفُ، واللَّطِيمُ، والسُّكَيْتُ. قالَ أَبو مَنْصُور: ولم أَحْفَظْهَا عن ثِقَةٍ، وقد ذكرها ابنُ الأَنْبَارِيّ، ولم يَنْسُبْهَا إِلى أَحَدٍ، فلا أَدْرِي أَحفِظَهَا لِثِقَةٍ أَمْ لا.
  وفي حَدِيثِ كَعْب أَنّه قالَ لعُمر: أَنْبِئني ما المُثَلِّثُ؟ حين قال له: «شَرُّ النَّاسِ المُثَلِّثُ».
  - أَي كمُحَدّثٍ ويُخَفَّفُ قال شَمرٌ: هكذا رواه لنا البَكْرَاوِيّ عن عَوَانَةَ بالتَّخْفِيفِ وإِعْرَابُه بالتَّشْديد مُثَلِّثٌ عن تَثْلِيثِ الشَّيْء - فقال عُمر(١): المُثَلِّث لا أَبَا لك، هو السَّاعِي بأَخيه عندَ وفي نسخة إِلى السُّلْطَان، لأَنّه يُهْلِكُ ثلاثَةً: نَفْسَه وأَخاه والسُّلْطَانَ وفي نُسخَةٍ: وإِمَامَهُ، أَي بالسَّعْيِ فيه إِليه. والرّواية(٢): هو الرَّجُلُ يَحْمَلُ بأَخِيه إِلى إِمَامِه، فيبْدَأُ بنَفْسه فيُعْنِتُهَا، ثمّ بأَخِيهِ ثم بإِمامِه، فذَلِك المُثَلِّثُ، وهو شَرُّ النَّاسِ.
  * ومما يستدرك عليه:
  الثَّلاثَةُ من العَدَدِ: في عَدَدِ المذَكَّرِ معروفٌ، والمُؤَنَّثُ ثَلاثٌ.
  وعن ابن السِّكِّيت: يقال: هو ثَالِثُ ثَلاثَةٍ، مضافٌ، إِلى العَشَرَة، ولا يُنَوَّن، فإِن اخْتَلَفا: فإِن شِئتَ نَوَّنْتَ، وإِن شِئتَ أَضَفْتَ، قلت: هو رابعُ ثَلاثَةٍ، ورَابِعٌ ثَلاثَةً، كما تقول: ضارِبُ زَيْدٍ، وضَارِبٌ زَيْداً؛ لأَن معناه الوُقُوع، أَي كَمَّلَهُم بنَفْسِه أَرْبَعَةً.
  وإِذَا اتَّفقَا، فالإِضافَةُ لا غَيْرُ، لأَنه في مذهَبِ الأَسماءِ، لأَنك لم تُرِدْ معنَى الفِعْلِ، وإِنّمَا أَردْتَ هو أَحدُ الثَّلاثَةِ، وبعضُ الثلاثَة، وهذا ما لا يكونُ إِلا مُضَافاً.
  وقد أَطَالَ الجوهَريّ في الصّحاح، وتَبِعَهُ ابنُ منظور، وغيرُه، ولابنِ بَرِّيّ عنا في حواشيه كلامٌ حَسَن.
  قال ابن سيده: وأَمّا قولُ الشّاعر:
  يَفْدِيكِ يا زُرْعَ أَبِي وخَالِي ... قَدْ مَرَّ يومَانِ وهذَا الثَّالِي
  وأَنتِ بالهِجْرَانِ لا تُبَالِي
  فإِنّه أَرادَ الثَّالِثَ، فأَبْدلَ الياءَ من الثَّاءِ.
  وفي الحديث: «دِيَةُ شِبْهِ العَمْدِ أَثْلاثاً» أَي ثَلاثٌ وثَلاثُونَ حِقَّةً، وثلاثٌ وثلاثُونَ جَذَعَةً، وأَربعٌ وثلاثُون ثَنِيَّةً.
  والثُّلَاثَةُ بالضَّمّ: الثَّلاثَةُ عن ابنِ الأَعْرَابِيّ. وأَنشد:
  فمَا حَلَبَتْ إِلَّا الثُّلاثَةَ والثُّنَى ... ولا قُيِّلَتْ إِلا قَرِيباً مَقَالُهَا
  هكذا أَنشدَه بضم الثّاءِ من الثَّلاثَة(٣).
  والثَّلاثُون مِنَ العَدَدِ ليْسَ على تَضْعِيفِ الثَّلاثَةِ، ولكن على تَضْعِيفِ العَشَرَة، قالَهُ سيبويهِ.
  والتَّثْلِيثُ: أَنْ تَسْقِيَ الزَّرْعَ سَقْيَةً أُخْرَى بعد الثُّنْيَا.
  والثُّلاثِيّ: منسوبٌ إِلى الثَّلاثَة، على غيرِ قياسٍ.
  وفي التَّهْذِيب: الثُّلاثِيُّ: يُنْسَب إِلى ثَلاثَةِ أَشْيَاءَ، أَو كانَ طُولُه ثلَاثَةَ أَذْرُع: ثَوْبٌ ثُلاثِيّ ورُبَاعِيّ، وكذلك الغلامُ، يقال: غُلامٌ خُمَاسِيّ، ولا يُقَال: سُدَاسِيّ؛ لأَنَّه إِذا تَمَّت له خَمْسٌ صار رَجُلاً.
  والحُرُوف الثُّلاثِيَّة: التي اجْتَمَع فيها ثَلاثَةُ أَحْرُفٍ.
  والمِثْلاثُ: من الثُّلُثِ، كالمِرْباعِ من الرُّبُع.
  وأَثْلَثَ الكَرْمُ: فَضَل ثُلُثُه وأُكِل ثُلُثاه.
  وإِناءٌ ثَلْثَانُ: بَلَغَ الكَيْلُ ثُلُثَه، وكذلك هو في الشَّرَابِ وغيرِه.
  وعن الفرَّاءِ: كِساءٌ مَثْلُوثٌ: مَنْسُوجٌ من صُوفٍ ووَبَرٍ وشَعَرٍ، وأَنشد:
(١) في النهاية: «فقال: وما المثلث؟ فقال: شر الناس المثلث، يعني: الساعي ...» وفي التهذيب: فقال عمر: وما المثلث لا أبا لك؟ فقال: هو الرجل يمحل بأخيه إلى إمامه.
(٢) وهي رواية التهذيب أيضاً.
(٣) فسره بأنه ثلاثة آنية، وقيلت هكذا ضبطها ولم يفسرها وحكى فيها ثعلب بفتح القاف وفسرها بأنها التي تقبل الناس أي تسقيهم لبن القيل، وهو شرب النهار، فالمفعول على هذا محذوف.