تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الجيم مع الثاء المثلثة

صفحة 184 - الجزء 3

  وعن ابن سيده: الجَثِيثُ: أَوّلُ ما يُقْلَعُ من الفَسِيلِ من أُمِّهِ، واحدتُها جَثيثَةٌ، قال:

  أَقْسَمْتُ لا يَذْهَبُ عَنِّي بَعْلُها ... أَو يَسْتَوِي جَثِيثُها وجَعْلُهَا

  البَعْلُ من النَّخْل: ما اكْتَفَى بِمَاءِ السَّماءِ، والجَعْلُ: ما نَالَتْه اليَدُ من النَّخْلِ.

  وجُثَّةُ الإِنْسانِ بالضّمّ: شَخْصُه مُتَّكِئاً أَو مُضْطَجِعاً، وقيل: لا يقال له جُثَّة إِلّا أَنْ يَكُونَ قاعِداً أَو نَائِماً⁣(⁣١)، فأَمّا القائِمُ فلا يُقال جُثَّتُه⁣(⁣٢)، إِنما يقال قِمَّتُه.

  وقيل: لا يُقَال: جُثّة، إِلا أَنْ يكونَ على سَرْجٍ أَو رَحْلٍ مُعْتَمًّا، حكاه ابن دُرَيْد عن أَبي الخطّابِ الأَخْفَشِ، قال: وهذا شيءٌ لم يُسْمَعْ من غيرِه.

  وجمعها: جُثَثٌ وأَجْثَاثٌ، الأَخِيرة على طَرْحِ الزائِد، كأَنَّهُ جَمْعُ جُثٍّ، أَنشد ابن الأَعْرَابِيّ:

  فأَصْبَحَتْ مُلْقِيَةَ الأَجْثاثِ

  قال: وقد يَجُوز أَنْ يكونَ أَجْثَاثٌ جمعَ جُثَثٍ الذي هو جَمْعُ جُثَّة، فيكون على هذا جَمْعَ جَمْعٍ.

  وفي حديث أَنس: «اللهُمَّ جافِ الأَرْضَ عن جُثَّته» أَي جَسَدِه.

  والجِثُّ بالكَسْرِ: البَلَاءُ، نقله الصاغانيّ⁣(⁣٣).

  وعن الكسائيّ: جُئِثَ الرَّجُلُ جَأْثاً وجُثَّ⁣(⁣٤) جَثًّا، فهو مَجْئوث، ومَجْثُوثٌ، إِذا فَزِعَ وخَاف، وفي حديثِ بدْءِ الوَحْيِ: «فرَفَعْتُ رَأْسِي فإِذَا المَلَكُ الذي جاءَنِي بِحِرَاءَ، فجُثِثْتُ منه» أَي فَزِعْتُ منه وخِفْتُ، وقيل: معناه قُلِعْتُ من مَكانِي، من قوله تعالى {اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ}⁣(⁣٥) وقال الحَرْبِيُّ: أَراد جُئِثْتُ، فجعل مكانَ الهَمْزَةِ ثاءً، وقد تَقَدَّم.

  وجَثَّ: ضَرَبَ بالعَصا.

  وجَثَّت النَّحْلُ تَجُثُّ بالضمّ: رَفَعَتْ دَوِيَّها، أَو سَمِعْتَ لها دَوِيًّا وفي نسخة: «النَّخلُ: رَفَعَتْ وَدِيَّها» وهو خَطَأٌ.

  وتَجَثْجَثَ الشَّعْرُ: كَثُرَ.

  وتَجَثْجَثَ الطَّائِرُ: انْتَفَضَ ورَدَّ رَقَبَتَه إِلى جُؤْجُئهِ.

  ومَرّ رجلٌ على أَعرابِيّ، فقالَ: السَّلامُ عَلَيْكَ، فقالَ الأَعْرابِيّ: الجَثْجَاثُ عليك. هو نَبَاتٌ سُهْلِيٌّ رَبِيعِيّ، إِذا أَحَسَّ بالصَّيْفِ وَلَّى وجَفَّ.

  قال أَبو حنيفةَ: الجَثْجَاثُ من أَحرارِ⁣(⁣٦) الشَّجَرِ، وهو أَخضرُ يَنْبُتُ بالقَيْظِ، له زَهْرَةٌ صَفْرَاءُ، كأَنّها زَهرَةُ عَرْفَجَةٍ، طيِّبةُ الرّيح، تأْكله الإِبلُ إِذا لم تجدْ غيرَه: قال الشاعر:

  فما رَوْضَةٌ بالحَزْنِ طَيِّبَةُ الثَّرَى ... يَمُجُّ النَّدَى جَثْجَاثُهَا وعَرَارُهَا

  بأَطْيَبَ من فِيهَا إِذا جِئتُ طارِقاً ... وقد أُوْقِدَتْ بالمِجْمَرِ اللَّدْنِ نَارُهَا

  واحِدَتُهُ جَثْجَاثَةٌ، قال أَبُو حَنِيفَة: أَخبَرَنِي أَعْرَابِيٌّ من رَبِيعَةَ أَنّ الجَثْجَاثَةَ ضَخْمَة يَسْتَدْفِيءُ بها الإِنسانُ إِذا عَظُمَتْ، مَنَابِتُهَا القِيعَانُ، ولها زَهْرَةٌ صَفراءُ تأْكلُها الإِبلُ إِذا لم تَجدْ غَيْرَهَا.

  وقال أَبو نَصر: الجَثْجَاثُ كالقَيْصُومِ، لطِيبِ رِيحِه، ومَنابِتُه في الرِّياضِ.

  والجَثْجَاثُ من الشَّعَرِ: الكَثِيرُ، كالجُثَاجِثِ، بالضمّ.

  وجَثْجَثَ البَرْقُ: سَلْسَلَ وأَوْمَضَ.

  وبَحْرُ المُجْتَثِّ: رابع عَشر البُحُورِ الشِّعْرِيّة، كأَنّه اجْتُثَّ من الخَفيفِ، أَي قُطِع، وَزْنُه مُسْتَفْعِ لُنْ هكذا في النسخ، مَفْرُوق الوَتِد، على الصّواب، فاعِلَاتُنْ فاعِلَاتُنْ مَرّتَيْن.

  قال أَبُو إِسحاق⁣(⁣٧): سُمّي مُجْتَثًّا؛ لأَنّكّ اجْتَثَثْتَ أَصْلَ الجُزْءِ الثّالث وهو: مَفْ، فَوَقَعَ ابْتداءُ البَيْتِ من، عُولاتُ مُسْ. قال الصاغانيّ: وإِنما استُعْمِل مَجْزُوءًا، وبيته:


(١) عن الصحاح، وبالأصل «قائماً».

(٢) بالأصل: «جثة ... قمة» وما أثبت عن اللسان.

(٣) في التكملة: والجِثَّةُ: البلاءُ.

(٤) هذا ضبط التهذيب، وضبط القاموس بفتح الجيم والجميع ضبط قلم.

(٥) سورة ابراهيم الآية ٢٦.

(٦) عن اللسان، وبالأصل «أمرار».

(٧) بهامش المطبوعة المصرية: «وقال العلامة الدمنهوري في حاشيته على متن الكافي: سمي بذلك لأنه مقتطع من بحر الخفيف بتقديم مستفعلن على فاعلاتن، ولذا كان زحافه كزحافه اه».