[ثوث]:
  العَزِيز - في الشَّجَرَةِ الخَبِيثَةِ - {اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ ما لَها مِنْ قَرارٍ}(١) فُسِّرَتْ بالمُنْتَزَعَةِ المُقْتَلَعَةِ، قال الزَّجّاج: أَي اسْتُؤْصِلَتْ من فوقِ(٢) الأَرْضِ، ومعنَى اجْتُثَّ الشيءُ، في اللُّغَة: أُخِذَت جُثَّتُه بكَمَالها، وجَثَّهُ: قَلَعَهُ، واجْتَثَّه: اقْتَلَعَهُ.
  وفي حديث أَبي هُرَيْرَة «قالَ رَجُلٌ للنبيّ ﷺ(٣)، ما نُرَى هذِه الكَمْأَةَ إِلَّا الشَّجَرَةَ التي {اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ}، فَقَالَ: بَلْ هِيَ من المَنِّ».
  والجُثُّ بالضَّمّ: ما أَشْرَفَ من الأَرْضِ فصارَ له شَخْصٌ، وقيل هو ما ارْتَفَعَ من الأَرْضِ حتّى يكونَ كَأَكَمَةٍ صغيرَةٍ، قال:
  وأَوْفَى(٤) على جُثٍّ ولِلّيْلِ طُرَّةٌ ... على الأُفْقِ لم يَهْتِكْ جَوَانِبَها الفَجْرُ
  والجَثّ، مُقْتَضَى قاعدَتِه أَن يَكُون هو وما بعده بالضَّمّ، كما هو ظاهِرٌ، والذي يفهم من الصّحَاح، وغيره من الأُمَّهات أَنه بالفَتْح كما بَعدَه، فلْينظر: خَرِشاءُ العَسَلِ وهو ما كانَ عليها من فِرَاخِها أَو أَجْنِحَتِها، كذا في المحكم واللسان وغيرهما، والخِرْشاءُ بكسر الخاءِ المعجمة ومَدِّ الشّين، هكذا في نسختنا، وهو الصواب، وقَرَّر بعض المُحَشِّين في ضَبْطِه كلاماً لا مُعَوَّلَ عليه، وإِنكارُ شيخِنا هذه اللَّفْظَةَ وجَعلُها من الغَرَائِبِ الحُوشِيَّةِ غَريبٌ مع وجودها في اللسان والمُحْكَمِ وهو نَقَلَ عبارَةَ اللّسان بعَينها، وأَسقطَ هذه اللّفظَة منها، ثم نقل عن ابن الأَعْرَابِيّ: أَنّ الجَثَّ ما ماتَ من النَّحْل في العَسَلِ كمَيْتِ الجَرادِ، وقال: هو ظاهِر، ولو عَبَّرَ به المصنف - كما قال: مَيِّتُ الجَرَادِ - لكان أَخْضَرَ وأَظْهرَ، ولعَمري هذا منه عجيبٌ، فإِن المصنّف ذَكرَ ذلك بعَيْنِه، فإِنه قالَ والجَثُّ: مَيِّتُ الجَرَادِ، عن ابن الأَعْرَابيّ.
  وقال ابنُ الأَعْرَابِيّ أَيضاً: جَثَّ المُشْتَارُ(٥)، إِذا أَخَذَ العَسَلَ بِجَثِّه ومَحَارِينِه، وهو ما ماتَ من النَّحلِ في العَسَلِ، وقال ساعِدَةُ بن جُؤَيَّةَ الهُذَلِيّ، يذكر المُشْتَارَ تَدَلّى بحِبَالِه للعَسَل:
  فَمَا بَرِحَ الأَسْبَابُ حَتَّى وَضَعْنَه ... لدى الثَّوْلِ يَنْفِي جَثَّهَا ويَؤُومُها
  يَصِفُ مُشْتَارَ عَسَلٍ رَبَطَه أَصحابُه بالأَسْبابِ، وهي الحِبَالُ، ودَلّوْه من أَعلَى الجَبَلِ إِلى مَوضعِ خَلايَا النَّحْلِ، وقوله: يَؤُومُها، أَي يُدَخِّنُ عَلَيْهَا بالأَيامِ(٦)، والأَيامُ: الدُّخانُ، والثَّوْلُ: جَمَاعَةُ النَّحْلِ.
  والجُثُّ: غِلافُ الثَّمَرَةِ كالجُفّ، والثّاءُ بدلٌ عن الفاءِ، وهذا بالضَّمّ دون غيره.
  وفي الصحاح: الجَثُّ الشَّمَعُ، أَو هو كُلُّ قَذًى خَالَطَ العَسَلَ من أَجْنِحَةِ النَّحْلِ وأَبْدانِها.
  والمِجَثَّةُ والمِجْثَاثُ، بالكسر فيهما: ما جُثَّ به الجَثِيثُ، كذا في المحكم، وفي الصحاح: حَدِيدَةٌ يُقْلَع(٧) بها الفَسِيلُ.
  وقال أَبو حَنِيفَةَ: الجَثيث: هو ما غُرِسَ من فِرَاخِ النَّخْلِ ولم يُغْرَس من النَّوَى.
  وعن ابن سيده: الجَثِيثُ: ما يَسْقُطُ من العِنَبِ في أُصولِ الكَرْمِ.
  وقال الأَصمعيّ: صِغَارُ النَّخْلِ أَوّل ما يُقْلَعُ منها شيءٌ من أُمِّهِ فهو الجَثِيثُ، والوَدِيُّ والهِرَاءُ(٨) والفَسِيلُ.
  وعن أَبي عمرو: الجَثِيثَةُ: النَّخْلَةُ التي كانت نَوَاةً فحُفِرَ لها، وحُمِلَتْ بِجُرْثُومَتِهَا، وقد جُثَّتْ جَثًّا.
  وعن أَبي الخَطّاب: الجَثِيثَةُ: ما تَسَاقَطَ من أُصُولِ النَّخْلِ.
  وفي الصّحاح: والجَثِيثُ من النَّخْلِ: الفَسِيلُ، والجَثِيثَةُ: الفَسِيلَة، ولا تزال جَثِيثَةً حتى تُطْعِمَ، ثم هي نَخْلَةٌ.
(١) سورة ابراهيم الآية ٢٩.
(٢) الأصل واللسان، و «فوق» لم ترد في التهذيب.
(٣) الأصل والنهاية، وفي اللسان: فما.
(٤) عن الجمهرة ١/ ٤٤، وبالأصل «وأرقى».
(٥) المشتار اسم فاعل من اشتار العسل إذا اجتناه وجمعه من خلاياه.
(٦) ضبطت في التهذيب بكسر الهمزة ضبط قلم.
(٧) في الصحاح: يُقطع.
(٨) عن التهذيب، وبالأصل «الهوا» وبهامش المطبوعة المصرية: «قوله والهوا، كذا بخطه، والصواب هراء ككتاب كما في القاموس».