تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الحاء المهملة مع الثاء المثلثة

صفحة 193 - الجزء 3

  والحَدَثَةُ، مُحَرَّكةً: وادٍ قُرْبَ مَكّةَ، أَعلاه لِهُذَيْل وأَسْفَلُهُ لكِنَانَة.

  وأَوْسُ بنُ الحَدَثانِ بنِ عَوْفِ بنِ رَبِيعَة النَّصْريّ، مَحَرّكَةً: صحَابِيٌّ مَشْهُور مِن هَوازِن، نادَى أَيّامَ مِنًى أَنّهَا أَيامُ أَكْلٍ وشُرْبٍ، روى عنه ابنُه مالك، وقد قيلَ: إِنّ لابْنِه هذا صُحْبَةً أَيضاً، وهو منقولٌ من حَدَثَانِ الدَّهْرِ، أَي صُرُوفه ونَوَائبه.

  * ومما يستدرك عليه:

  حَدَثَ الأَمْرُ: وَقَعَ.

  ومُحْدَثَاتُ الأُمورِ: ما ابتَدَعَهُ أَهْلُ الأَهْوَاءِ من الأَشْيَاءِ التي كان السَّلَفُ الصَّالِحُ على غيرِها، وفي الحديثِ: «إِيّاكُم ومُحَدَثَاتِ الأُمُورِ» جَمْعُ مُحْدَثةٍ⁣(⁣١): بالفَتْح⁣(⁣٢): هو ما لم يكن مَعْرُوفاً في كتابٍ ولا سُنّة ولا إِجْماعٍ.

  وفي حديثِ بني قُرَيْظَةَ: «لَمْ يَقْتُلْ من نسائِهِمْ إِلّا امْرَأَةً واحِدَةً كَانَتْ أَحْدَثَتْ حَدَثاً» قيل: حَدَثُها أَنّها سَمَّتِ النَّبِيَّ .

  وقال النّبيّ: : «كُلُّ مُحْدَثٍ⁣(⁣٣) بِدْعَةٌ، وكلُّ بِدْعةٍ ضَلَالَةٌ».

  وفي حديثِ المَدِينَة: «مَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثاً، أَو آوَى مُحْدِثاً»، الحَدَثُ: الأَمرُ الحادِثُ المُنْكَرُ الذي ليس بمُعْتَادٍ ولا مَعْرُوفٍ في السُّنّة، والمُحْدِثُ يُروَى بكسرِ الدّال وفتحها، على الفاعِل والمَفْعُول، فمعنَى الكسْرِ: من نَصَرَ جانِياً وآوَاه وأَجَارَه من خَصْمِه، وحال بينَه وبَينَ أَن يقْتَصَّ مِنْهُ، والفتْحُ: هو الأَمْرُ المُبْتَدَعُ نَفْسُه، ويكونُ معنى الإِيواءِ فيه: الرِّضا بِه، والصَّبْرَ عَلَيْهِ، فإِنه إِذا رَضِيَ بالبِدْعَةِ، وأَقرَّ فاعِلَها ولم يُنْكِرْهَا عليه، فقد آوَاهُ.

  واسْتَحْدَثْتُ خَبَراً، أَي وَجَدْتُ خَبَراً جَدِيداً، قال ذو الرُّمّة:

  أَسْتَحْدَثَ الرَّكْبُ عن أَشْياعِهِمْ خَبَراً ... أَم راجَعَ القَلْبَ مِنْ أَطْرَابِه طَرَبُ⁣(⁣٤)

  كذا في الصّحاح.

  وفي حديث حُنَيْنٍ «إِنّي لأُعْطِي رِجَالاً حَدِيثِي عَهْدٍ بِكُفْرٍ⁣(⁣٥) أَتَأَلَّفُهُم» وهو جَمْعُ صِحَّة لحَدِيثٍ، فَعِيل بمعنى فاعِل.

  وفي حديث أُمّ الفَضْل: «زَعَمَت امْرَأَتِي [الأُولَى أَنها أَرْضَعَت امْرَأَتِي]⁣(⁣٦) الحُدْثَى» هي تأْنيثُ الأَحْدَثِ، يريدُ المَرْأَةُ التي تَزوَّجها بعدَ الأُولَى.

  وقال الجَوْهَرِيّ: الحَدَثُ والحُدْثَى والحَادِثَةُ والحَدَثَانُ كُلُّه⁣(⁣٧) بمعنًى.

  والحَدَثَانُ، محرّكةً: الفَأْسُ التي لها رَأْسٌ واحِدَةٌ، على التَّشْبِيه بحَدَثَانِ الدَّهْرِ، قال ابنُ سِيده: ولم يَقُلْه أَحَدٌ، أَنشد أَبو حنيفة:

  وجَوْنٌ تَزْلَقُ الحَدَثَانُ فِيهِ ... إِذَا أُجَرَاؤُه نَحَطُوا أَجابَا⁣(⁣٨)

  قال الأَزهريّ: أَرادَ بجَوْنٍ جَبَلاً، وقوله: أَجَابا، يعني صَدَى الجَبَلِ تَسْمَعُه.

  قلت: الشعر لعُوَيْجٍ النَّبْهانيّ.

  والحِدْثَانُ بِالكَسْر جمعُ الحَدَثانِ، محرَّكةً، على غير قياس، وكذلك كِرْوانٌ ووِرْشَانٌ، في كَرَوَان ووَرَشَان، ونَحَطُوا، أَي زَفَرُوا، كذا حَقَّقه الصَّاغَانِيّ في العُبَاب في ن ح ط.

  وسَمّى سيبويْهِ المَصْدَرَ حَدَثاً؛ لأَنّ المصادرَ كُلَّهَا أَعْراضٌ حادِثَةٌ، وكسَّره على أَحْدَاث، قال: وأَمّا الأَفْعَالُ فأَمْثِلَةٌ أُخِذَتْ من أَحْدَاثِ الأَسْمَاءِ.

  وفي حديث فاطمة رضي الله تعالى عنها: «أَنَّهَا جَاءَتْ إِلى النَّبِيّ ، فوَجَدَتْ عندَهُ حُدَّاثاً» أَي جَمَاعَةٌ يَتَحَدَّثُون، وهو جَمْعٌ على غيرِ قِياس، حَمْلاً على نَظيرِه، نحو سامِرٍ وسُمَّارٍ، فإِنّ السُّمَّارَ المُحَدِّثُونَ.


(١) عن اللسان والنهاية، وبالأصل «محدث».

(٢) في اللسان: وهي.

(٣) الأصل والتهذيب، وفي اللسان: كل محدثة.

(٤) بالأصل: «طربا» وما أثبت عن الصحاح واللسان.

(٥) بالأصل «بكفرهم» وما أثبت عن النهاية، وأشار بهامش المطبوعة المصرية إلى رواية النهاية.

(٦) زيادة عن النهاية.

(٧) في الصحاح: كلها.

(٨) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: فيه، الذي في التكملة: عنه». وما في التهذيب واللسان فكالأصل.