فصل الحاء المهملة مع الثاء المثلثة
  والحَدَثَةُ، مُحَرَّكةً: وادٍ قُرْبَ مَكّةَ، أَعلاه لِهُذَيْل وأَسْفَلُهُ لكِنَانَة.
  وأَوْسُ بنُ الحَدَثانِ بنِ عَوْفِ بنِ رَبِيعَة النَّصْريّ، مَحَرّكَةً: صحَابِيٌّ مَشْهُور مِن هَوازِن، نادَى أَيّامَ مِنًى أَنّهَا أَيامُ أَكْلٍ وشُرْبٍ، روى عنه ابنُه مالك، وقد قيلَ: إِنّ لابْنِه هذا صُحْبَةً أَيضاً، وهو منقولٌ من حَدَثَانِ الدَّهْرِ، أَي صُرُوفه ونَوَائبه.
  * ومما يستدرك عليه:
  حَدَثَ الأَمْرُ: وَقَعَ.
  ومُحْدَثَاتُ الأُمورِ: ما ابتَدَعَهُ أَهْلُ الأَهْوَاءِ من الأَشْيَاءِ التي كان السَّلَفُ الصَّالِحُ على غيرِها، وفي الحديثِ: «إِيّاكُم ومُحَدَثَاتِ الأُمُورِ» جَمْعُ مُحْدَثةٍ(١): بالفَتْح(٢): هو ما لم يكن مَعْرُوفاً في كتابٍ ولا سُنّة ولا إِجْماعٍ.
  وفي حديثِ بني قُرَيْظَةَ: «لَمْ يَقْتُلْ من نسائِهِمْ إِلّا امْرَأَةً واحِدَةً كَانَتْ أَحْدَثَتْ حَدَثاً» قيل: حَدَثُها أَنّها سَمَّتِ النَّبِيَّ ﷺ.
  وقال النّبيّ: ﷺ: «كُلُّ مُحْدَثٍ(٣) بِدْعَةٌ، وكلُّ بِدْعةٍ ضَلَالَةٌ».
  وفي حديثِ المَدِينَة: «مَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثاً، أَو آوَى مُحْدِثاً»، الحَدَثُ: الأَمرُ الحادِثُ المُنْكَرُ الذي ليس بمُعْتَادٍ ولا مَعْرُوفٍ في السُّنّة، والمُحْدِثُ يُروَى بكسرِ الدّال وفتحها، على الفاعِل والمَفْعُول، فمعنَى الكسْرِ: من نَصَرَ جانِياً وآوَاه وأَجَارَه من خَصْمِه، وحال بينَه وبَينَ أَن يقْتَصَّ مِنْهُ، والفتْحُ: هو الأَمْرُ المُبْتَدَعُ نَفْسُه، ويكونُ معنى الإِيواءِ فيه: الرِّضا بِه، والصَّبْرَ عَلَيْهِ، فإِنه إِذا رَضِيَ بالبِدْعَةِ، وأَقرَّ فاعِلَها ولم يُنْكِرْهَا عليه، فقد آوَاهُ.
  واسْتَحْدَثْتُ خَبَراً، أَي وَجَدْتُ خَبَراً جَدِيداً، قال ذو الرُّمّة:
  أَسْتَحْدَثَ الرَّكْبُ عن أَشْياعِهِمْ خَبَراً ... أَم راجَعَ القَلْبَ مِنْ أَطْرَابِه طَرَبُ(٤)
  كذا في الصّحاح.
  وفي حديث حُنَيْنٍ «إِنّي لأُعْطِي رِجَالاً حَدِيثِي عَهْدٍ بِكُفْرٍ(٥) أَتَأَلَّفُهُم» وهو جَمْعُ صِحَّة لحَدِيثٍ، فَعِيل بمعنى فاعِل.
  وفي حديث أُمّ الفَضْل: «زَعَمَت امْرَأَتِي [الأُولَى أَنها أَرْضَعَت امْرَأَتِي](٦) الحُدْثَى» هي تأْنيثُ الأَحْدَثِ، يريدُ المَرْأَةُ التي تَزوَّجها بعدَ الأُولَى.
  وقال الجَوْهَرِيّ: الحَدَثُ والحُدْثَى والحَادِثَةُ والحَدَثَانُ كُلُّه(٧) بمعنًى.
  والحَدَثَانُ، محرّكةً: الفَأْسُ التي لها رَأْسٌ واحِدَةٌ، على التَّشْبِيه بحَدَثَانِ الدَّهْرِ، قال ابنُ سِيده: ولم يَقُلْه أَحَدٌ، أَنشد أَبو حنيفة:
  وجَوْنٌ تَزْلَقُ الحَدَثَانُ فِيهِ ... إِذَا أُجَرَاؤُه نَحَطُوا أَجابَا(٨)
  قال الأَزهريّ: أَرادَ بجَوْنٍ جَبَلاً، وقوله: أَجَابا، يعني صَدَى الجَبَلِ تَسْمَعُه.
  قلت: الشعر لعُوَيْجٍ النَّبْهانيّ.
  والحِدْثَانُ بِالكَسْر جمعُ الحَدَثانِ، محرَّكةً، على غير قياس، وكذلك كِرْوانٌ ووِرْشَانٌ، في كَرَوَان ووَرَشَان، ونَحَطُوا، أَي زَفَرُوا، كذا حَقَّقه الصَّاغَانِيّ في العُبَاب في ن ح ط.
  وسَمّى سيبويْهِ المَصْدَرَ حَدَثاً؛ لأَنّ المصادرَ كُلَّهَا أَعْراضٌ حادِثَةٌ، وكسَّره على أَحْدَاث، قال: وأَمّا الأَفْعَالُ فأَمْثِلَةٌ أُخِذَتْ من أَحْدَاثِ الأَسْمَاءِ.
  وفي حديث فاطمة رضي الله تعالى عنها: «أَنَّهَا جَاءَتْ إِلى النَّبِيّ ﷺ، فوَجَدَتْ عندَهُ حُدَّاثاً» أَي جَمَاعَةٌ يَتَحَدَّثُون، وهو جَمْعٌ على غيرِ قِياس، حَمْلاً على نَظيرِه، نحو سامِرٍ وسُمَّارٍ، فإِنّ السُّمَّارَ المُحَدِّثُونَ.
(١) عن اللسان والنهاية، وبالأصل «محدث».
(٢) في اللسان: وهي.
(٣) الأصل والتهذيب، وفي اللسان: كل محدثة.
(٤) بالأصل: «طربا» وما أثبت عن الصحاح واللسان.
(٥) بالأصل «بكفرهم» وما أثبت عن النهاية، وأشار بهامش المطبوعة المصرية إلى رواية النهاية.
(٦) زيادة عن النهاية.
(٧) في الصحاح: كلها.
(٨) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: فيه، الذي في التكملة: عنه». وما في التهذيب واللسان فكالأصل.