فصل الحاء المهملة مع الثاء المثلثة
  والمُحَادَثَةُ: جِلاءُ السَّيْفِ، كالإِحْداثِ يقال: أَحْدَثَ الرّجُلُ سَيْفَه، وحادَثَه، إِذا جَلَاهُ، وفي حديثِ الحَسَن «حَادِثُوا هذه القُلُوبَ بذِكْرِ الله تَعالى، فإِنها سَرِيعَةُ الدُّثُور» معناه اجْلُوها بالمَوَاعِظَ، واغْسِلُوا الدَّرَنَ عنْهَا، وشَوِّقُوهَا حتّى تَنْفُوا(١) عنْهَا الطَّبَعَ والصَّدَأَ الذي تَرَاكَبَ عَلَيْهَا، وتَعَاهَدُوهَا بذلكَ، كما يُحادَثُ السيفُ بالصِّقالِ، قال:
  كنَصْلِ السَّيْفِ حُودِثَ بالصِّقَالِ
  ومن المَجَازِ: ما جَاءَ
  في الحَدِيث: «قد كانَ في الأُمَمِ مُحَدَّثُونَ، فإِنْ يَكُنْ فِي أُمَّتِي أَحَدٌ فَعُمَرُ بنُ الخَطّابِ!» قالوا: المُحَدَّثُ، كمُحَمَّدٍ: الصَّادِقُ الحَدْسِ، وجاءَ في تَفْسِيرِ الحَدِيث أَنَّهُم المُلْهَمُونَ، والمُلْهَمُ هو الذِي يُلْقَى في نَفْسِه الشَّيْءُ فيُخْبِرُ به حَدْساً وفِرَاسةً، وهو نَوْعٌ يَخُصُّ الله به من يَشَاءُ من {عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى}، مثلَ عُمَرَ، كأَنَّهُم حُدِّثُوا بشيْءٍ فَقَالُوه.
  والمُحْدَثُ بالتخفيف: ماءَانِ: أَحدُهما لِبَنِي الدِّيلِ(٢) بِتِهامَةَ، والآخَرُ على سِتَّةِ أَمْيَالٍ من النَّقْرَة.
  والمُحْدَثُ أَيضاً: ة، بوَاسطَ بالقُرْبِ منها، وقَرْيَةٌ أُخرَى بِبغْدَاد.
  والمُحْدَثَةُ بهاءٍ: ع فيهِ ماءٌ ونَخْلٌ وجُبَيْلٌ يقالُ له: عَمُودُ المُحْدَثَةِ.
  وأَحْدَثَ الرجُلُ: زَنَى، وكذلك المرأَةُ، يُكْنَى بالإِحْدَاثِ عن الزِّنَا.
  والأُحْدُوثَةُ بالضَّمِ: ما يُتَحَدَّثُ به، وفي بعض المُتُونِ: ما حُدِّثَ به(٣).
  ونقل الجَوْهَرِيّ عن الفَرّاءِ، نُرَى أَنّ واحِدَ الأَحَادِيثِ أُحْدُوثَةٌ، ثم جَعَلُوهُ جَمْعاً للحَدِيثِ.
  قال ابنُ بَرِّيّ: ليسَ الأَمْرُ كما زَعَمَ الفَرّاءُ؛ لأَنَّ الأُحْدُوثَةَ بمَعْنَى الأُعْجُوبَةِ، يقال: قد صارَ فُلانٌ أُحْدُوثَةً.
  فَأَمَّا أَحاديثُ النَّبِيّ، ﷺ، فلا يكونُ واحدُهَا إِلّا حَدِيثاً، ولا يكونُ أُحْدُوثَةً، قال: وكذلك ذَكَرَهُ سِيبويْه في باب ما جاءَ جَمْعُه على غيرِ واحِدِه المُسْتَعْمَلِ، كعَرُوضٍ وأَعارِيضَ، وباطِلٍ وأَباطِيلَ، انتهى.
  قال شيخُنا: وصَرَّحُوا بأَنَّه لا فَرْقَ بينَها وبينَ الحَدِيثِ في الاستعمالِ والدَّلالَةِ على الخَيْرِ والشَّرِّ، خلافاً لمن خَصَّها بما لا فَائِدَةَ فيهِ، ولا صِحَّةَ له، كأَخْبَارِ الغَزَلِ ونحوِهَا من أَكاذِيبِ العَرَبِ، فقد خَصَّ الفرّاءُ الأُحْدُوثَةَ بأَنّها تكونُ للمُضْحِكاتِ والخُرَافَاتِ، بخلافِ الحَدِيثِ، وكذلك قالَ ابن هشام اللَّخْمِيّ في شَرْحِ الفَصِيح: الأُحْدُوثَةُ لا تُسْتَعْمَلُ إِلّا في الشَّرِّ، ورد عليه أَبو جَعْفَرٍ اللَّبْلِيّ في شرحِه، فإِنّه قالَ: قد تُسْتَعْمَلُ في الخَيْرِ، قال يَعقُوبُ في إِصلاحِه: يُقَالُ: انتَشر له في النَّاسِ أُحْدُوثَةٌ حَسَنَةٌ، قال أَبو جَعْفَر: فهذَا في الخَيْرِ، وأَنشَدَ المُبَرّد:
  وكُنْتُ إِذا ما زُرْتُ سُعْدَى بأَرْضِهَا ... أَرَى الأَرْضَ تُطْوَى لي ويَدْنُو بَعِيدُهَا
  مِنَ الخَفِراتِ البِيضِ وَدَّ جَلِيسُهَا ... إِذَا ما انْقَضَتْ أُحْدُوثَةٌ لو تُعِيدُها
  ومثل ذلك أَورده الخَفَاجِيّ في سورة يُوسُف #.
  ورَجُلٌ حِدْثُ المُلُوكِ، بالكَسْرِ إِذا كَانَ صَاحِب حَدِيثِهِم وسَمَرِهِمْ.
  وحِدْثُ نِسَاءٍ: يَتَحَدَّثُ إِليْهِنّ، كقَوْلِكَ: تِبْعُ نساءٍ، وزِيرُ نِسَاءٍ.
  والحَادِثُ، والحَدِيثَةُ، وأَحْدُثٌ كأَجْبُلٍ: مَوَاضِعُ: فحَدِيثَةُ المَوْصِلِ: بُلَيْدَةٌ على دِجْلَةَ.
  وحَدِيثَةُ الفُرَاتِ: قَلْعَةٌ حَصِينَةٌ قُرْبَ الأَنبارِ. ذَكرَهما الشّهابُ الفَيُّوميّ، والشمسُ محمّدُ بن محمّدِ الحُميديّ في الرّوضِ المِعْطَار في خبر الأَمْصار.
  وأَمّا حَادِثُ: فإِنها قَرْيَةٌ على ساحِلِ بحرِ اليَمَنِ.
  وأَحْدُثٌ. لغةٌ في أَجْدُث، ذكرَه السُّكّريّ في شَرْح شِعْر هُذَيل، وأَنشدَ بيتَ المُتَنَخِّل السّابق في الجيم، قال الصّاغَانيّ: وليس بتصحيفِ أَجْدُث بالجِيم.
(١) عن اللسان، وبالأصل «تنقوا».
(٢) في معجم البلدان: الدئل.
(٣) اللسان، وما يتحدث به كما في الصحاح.