تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[خبث]:

صفحة 203 - الجزء 3

  فيه، وقد أَغْفَلَه شيْخُنا على عادَتِه في كثيرٍ من الأَلفاظِ المُبْهَمَة.

  وفي الحَدِيث: «لا يُصَلِّي الرَّجُلُ⁣(⁣١) وهو يُدَافِعُ الأَخْبَثَيْنِ» الأَخْبَثَانِ عَنَى بهما البَوْل والغَائِط كذا في الصّحاح، وفي الأَساس: الرَّجِيعُ والبَوْلُ.

  أَو البَخَر والسَّهَر وبه فسّر الصّاغَانِيّ قولَهُم: نَزَلَ بهِ الأَخْبَثانِ.

  أَو السَّهَر والضَّجَر.

  وعن الفرّاءِ: الأَخْبَثَانِ: القَيْءُ والسُّلَاحُ، هكذا وجَدْتُ كلَّ ذلك قد وَرَدَ⁣(⁣٢).

  ومن المجاز: الخُبْثُ بالضَّمّ: الزِّنا.

  وقد خَبُثَ بها، ككَرُمَ أَي فَجَرَ، وفي الحديث: «إِذا كَثُرَ الخُبْثُ كَانَ كَذا وكَذَا» أَرادَ الفِسْقَ والفُجُورَ، ومنه حديثُ سَعْدِ بنِ عُبَادَةَ «أَنّهُ أُتِيَ النَّبِيُّ بِرَجُلٍ مُخْدَجٍ سَقِيمٍ وُجِدَ مَعَ أَمَةٍ⁣(⁣٣) يَخْبُثُ بِهَا» أَي يَزْنِي.

  والخَابثَةُ: الخَبَاثَةُ.

  والخِبْثَةُ، بالكَسْرِ: في عُهْدَةِ الرَّقِيقِ وهو قولُهُم: لا داءَ ولا خِبْثَةَ ولا غَائِلَةَ. فالدَّاءُ: ما دُلِّسَ به [للمشتري]⁣(⁣٤) من عَيْبٍ مَخْفِيٍّ أَو عِلَّةٍ [باطِنَة] لا تُرَى، والخِبْثَةُ أَنْ لا يَكُونَ طِيبَةً بكسر الطّاءِ وفتح التحتيّة المخفّفة، أَي لأَنّه سُبِيَ من قَوْمٍ لا يَحِلُّ اسْتِرْقَاقُهُم، لعهدٍ تَقَدَّمَ لهم، أَو حُرِّيّةٍ في الأصلِ ثَبَتَتْ لهم، والغَائِلَةُ: أَن يسْتَحِقَّهُ مُسْتَحِقُّ بِمِلْكٍ صَحّ له⁣(⁣٥)، فيجبُ على بائِعه رَدُّ الثمنِ إِلى المُشْتَرِيّ⁣(⁣٦).

  وكُلُّ مَنْ أَهلَكَ⁣(⁣٧) شيئاً فقد غَالَه واغْتَالَهُ، فكأَنّ استِحْقَاقَ المَالِكِ [إِيّاه]⁣(⁣٨) صارَ سَبباً لهلاكِ الثَّمَنِ الذي أَدّاه المُشْتَرِي إِلى البائِعِ.

  والخِبِّيثُ، كَسِكِّيتٍ: الرَّجُلُ الكَثِيرُ الخُبْثِ، وهذا هو المَعْرُوفُ من صِيَغِ المُبَالَغَةِ، غير أَنّه عبّر في اللِّسَانِ بالخَبِيثِ من غير زيادةِ الكَثْرةِ، وقال ج خِبِّيثُونَ.

  والخِبِّيثَى بكسر وتشديد الموحّدة: اسمُ الخُبْث، من أَخْبَثَ، إِذا كان أَهْلُه خُبَثَاءَ.

  ويقال: وقَعَ فلانٌ في وَادِي تُخُبِّثَ بضم الأَول والثّاني وتشديد الموحدة المكسورة والمفتوحة معاً ممنوعاً، عن الكسائيّ، أَي الباطل كوادِي تُخُيِّبَ⁣(⁣٩) بالموحّدة وليس بتَصْحِيف له، كما نَبَّه عليه الصاغانيّ.

  وفي حديث أَنس: «أَنّ النَّبِيَّ كان إِذا أَرادَ الخَلَاءَ قال: أَعُوذُ باللهِ من الخُبْثِ والخَبَائِثِ» وَرَوَاه الزُّهْرِيّ⁣(⁣١٠) بسنَدِه عن زيدِ بنِ أَرْقَمَ. قال: قال رسول الله : «إِنّ هذه الحُشُوشَ مُحْتَضَرَةٌ، فإِذا دَخَلَ أَحدُكُم فَلْيَقُلْ: اللهُمَّ إِنّي أَعوذُ بِكَ من الخُبْثِ والخَبَائِثِ» قال أَبو منصور: أرادَ بقولِه: مُحْتَضَرَة، أَي تَحْضُرُهَا⁣(⁣١١) الشَّيَاطِينُ ذُكُورُهَا وإِناثُها، والحُشُوشُ: مواضِعُ الغَائِطِ، وقال أَبو بكر: الخُبْثُ: الكُفْرُ، والخَبائِثُ: الشَّيَاطِينُ.

  وفي حديث آخَرَ: «اللهُمَّ إِنّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الرِّجْسِ النَّجِسِ الخَبِيثُ المُخْبِثِ» قال أَبو عُبَيْد: الخَبِيثُ: ذُو الخُبْثِ في نَفْسِهِ، قال: والمُخْبِثُ: الذي أَصْحَابُه وأَعْوَانُه خُبَثَاءُ، وهو مثلُ قَوْلهم: فلانٌ ضَعِيفٌ مُضْعِفٌ، [و] قَوِيٌّ مُقْوٍ، فالقَوِيّ في بَدَنِه والمُقَوِي: الذي تَكُون دَابَّتُهُ⁣(⁣١٢) قَوِيَّةً، يُرِيدُ: هو الذي يُعَلِّمُهُم الخُبْثَ، ويُوقِعُهم فِيهِ.

  وفي حديثِ قَتْلَى بَدْرٍ: «فأُلْقُوا في قَلِيبٍ خَبِيثٍ مُخْبِثٍ» أَي فاسِدٍ مُفْسِدٍ لِمَا يَقَعُ فيهِ. قال⁣(⁣١٣): وأَمّا قولُه في الحَدِيثِ «من الخُبْثِ والخَبَائِثِ» فإِنَّهُ أَرادَ بالخُبْثِ الشَّرَّ، وبالخَبَائِثِ الشَّيَاطِينَ.


(١) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله لا يصلي، الذي في النهاية لا يصلين ولعلهما روايتان».

(٢) زيد في التهذيب: وقيل: البول والعذرة.

(٣) عن النهاية واللسان، وبالأصل: امرأة.

(٤) زيادة عن التهذيب.

(٥) الأصل واللسان، وفي التهذيب: ثبت له عليه.

(٦) الأصل واللسان، وفي التهذيب: على من اشتراه.

(٧) عن التهذيب واللسان، وبالأصل: وكل شيء.

(٨) زيادة عن التهذيب واللسان.

(٩) في القاموس: تُخُثِّبَ.

(١٠) في اللسان: «الأزهري» وهو في التهذيب، من حديث أنس كالأصل. ولم ترد فيه هذه الرواية الآتية بسنده عند زيد بن أرقم. ولا قول أبي منصور: أراد بقوله: محتضرة.

(١١) في اللسان: أي يحتضرها.

(١٢) عن التهذيب واللسان، وبالأصل: ذاته.

(١٣) يعني أبا عبيد كما في التهذيب.