تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

(فصل الخاء) المعجمة مع المثلثة

صفحة 204 - الجزء 3

  قال أَبو عُبَيْد: وأُخْبِرْتُ⁣(⁣١) عن أَبي الهَيْثَم أَنّه كان يَرْوِيه «من الخُبُث» بضمّ الباءِ، [وهو جمع الخَبيث]⁣(⁣٢) وهو الشّيطانُ الذَّكَرُ، ويَجْعَلُ الخَبَائِثَ جَمْعاً للخَبِيثِ⁣(⁣٣) من الشّيَاطِينِ، قال أَبو منصور: وهذا عندي أَشْبَهُ بالصَّوابِ.

  وقال ابن الأَثير - في تفسير الحديث -: الخُبُثُ بضم الباءِ: جَمْعُ الخَبِيثِ، والخَبَائِثُ: جمعُ الخَبِيثَة أَي من ذُكورِ الشَّيَاطِينِ وإِناثِها.

  وقيل: هو الخُبْثُ بسكون الباءِ، وهو خِلافُ طَيِّبِ الفِعْلِ من فُجُورٍ وغيرِهِ، والخَبَائِثُ يُرِيدُ بها الأَفْعالَ المَذْمُومَةَ والخِصَالَ الرَّدِيئةَ، وقال الخَطَّابِيّ: تسكين باءِ الخُبثِ من غَلَطَ المُحَدِّثين، وردَّه النَّوَوِيّ في شرْحِ مُسْلِم.

  وفي المِصْباحِ: أَعُوذ بِكَ من الخُبُثِ والخَبَائِثِ، بضم الباءِ والإِسْكَانُ جائزٌ على لغَةِ تَميم، قيل: من ذُكْرانِ الشّيَاطِينِ وإِناثِهِم، وقيل: من الكُفْرِ والمَعَاصِي.

  وقوله ø: {وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ}⁣(⁣٤) الشجَرةُ الخَبِيثَةُ قيل: إِنَّها الحَنْظَلُ، أَوٌ إِنها الكُشُوث⁣(⁣٥)، وهي عُرُوقٌ صُفْر تَلْصَق بالشَّجَرِ.

  والمَخْبَثَةُ؛ المَفْسَدَة، جَمْعُه مَخابِثُ. قال عَنترةُ:

  نُبِّئْتُ عَمْراً غيْرَ شاكِرِ نِعْمةٍ ... والكُفْرُ مَخْبَثَةٌ لِنَفْسِ المُنْعِمِ

  أَي مَفْسدَةٌ.

  * ومما يستدرك عليه:

  المُخْبِثُ: الذي يُعَلِّمُ الناسَ الخُبْثَ، وأَجاز بعضُهم أَن يُقال للذي يَنْسُبُ النّاسَ إِلى الخُبْثِ: مُخْبِثٌ. قال الكُمَيْتُ:

  فطَائِفَةٌ أَكْفَرُونِي بِحُبِّكُمْ

  أَي نَسَبُوني إِلى الكُفْر.

  وتَخَابَثَ: أَظْهَرَ الخُبْثَ.

  وأَخْبَثَهُ غيرُه: عَلَّمَهُ الخُبْثَ، وأَفْسَدَهُ.

  وهو يَتَخَبَّثُ، ويَتَخَابَثُ.

  وهو من الأَخَابِثِ: جمْع الأَخْبَثِ، يقال: هم أَخَابِثُ النّاسِ.

  والخَبِيثُ: نَعْتُ كلِّ شَيْءٍ فاسِد. يقال هو خَبيثُ الطَّعْمِ، خَبِيثُ اللَّوْنِ، خَبِيثُ الفِعْلِ.

  والحَرَامُ السُّحْتُ⁣(⁣٦) يُسَمَّى خَبِيثاً مثل: الزِّنا، والمالِ الحَرامِ، والدَّمِ وما أَشْبَهَها مما حَرّمه الله تَعَالى.

  يقال في الشَّيْءِ⁣(⁣٧) الكَرِيهِ الطَّعْمِ والرّائِحَةِ: خَبِيثٌ، مثل: الثُّومِ والبَصَلِ والكُرَّاثِ؛ ولذلك قال سيِّدُنا رسولُ الله : «من أَكَلَ من هذِه الشَّجَرَةِ الخَبِيثَةِ فلا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا».

  والخَبَائِثُ: ما كَانَت العَرَبُ تَسْتَقْذِرُه ولا تَأْكُلُه، مثل: الأَفَاعِي والعَقَارِبِ والبِرَصَة⁣(⁣٨) والخَنَافِسِ والوِرْلانِ والفَأْرِ⁣(⁣٩).

  وقال ابنُ الأَعْرَابِيّ: أَصلُ الخُبْثِ⁣(⁣١٠) في كَلَامِ العَرَبِ: المَكْرُوهُ، فإِن كانَ من الكلامِ فهو الشَّتْمُ، وإِن كانَ من المِلَلِ⁣(⁣١١) فهو الكُفْرُ، وإِن كَانَ من الطَّعَامِ فهو الحَرَامُ، وإِن كان من الشَّرَابِ فهو الضَّارّ، ومنه قيل - لما يُرْمَى⁣(⁣١٢) من مَنْفِيِّ الحَدِيدِ -: الخَبَثُ، ومنه الحديث: «إِنَّ الحُمَّى تَنْفِي الذُّنُوبَ كما يَنْفِي الكِيرُ الخَبَثَ».

  وخَبَثُ الحَدِيدِ والفِضّة، مُحَرّكة: ما نَفَاه الكِيرُ إِذا أُذِيبَا، وهو ما لا خَيْرَ فيهِ، ويُكْنَى به عن ذِي البَطْنِ.

  وفي الحديث: «نَهَى عن كُلِّ دواءٍ خَبِيثٍ» قال ابنُ


(١) الأصل واللسان، وفي التهذيب: وأفادونا.

(٢) زيادة عن التهذيب واللسان.

(٣) في اللسان: «للخبيثة» وفي التهذيب: والخبائث جمع الخبيثة، وهي الأنثى من الشياطين.

(٤) سورة إبراهيم الآية ٢٦.

(٥) الكشوت: في القاموس، بفتح الكاف ويضم والكشوتي بفتح التاء ويمد، والأكشوت بالضم وهذه خلف بفتح فسكون: نبت يتعلق بالأغصان ولا عرق له في الأرض.

(٦) في التهذيب واللسان: البحت.

(٧) الأصل واللسان، وفي التهذيب: يقال للشيء.

(٨) عن التهذيب واللسان، وفي الأصل «البرص».

(٩) زيد في التهذيب: والحرابى والجعلان» ولم نتبع في ذكرهما ترتيب الأزهري.

(١٠) الأصل واللسان، وفي التهذيب «الخبيث».

(١١) عن اللسان، وبالأصل الملك وبهامش المطبوعة المصرية: «قوله الملك كذا بخطه ولعله الملة فليحرر».

(١٢) عن التهذيب واللسان، وبالأصل «يرى».