تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[خبعث]:

صفحة 205 - الجزء 3

  الأَثِيرِ: هو من جِهَتَيْنِ: إِحْدَاهُمَا: النَّجَاسَةُ وهو الحَرَامُ كالخَمْرِ والأَرْواثِ والأَبْوالِ، كُلّها نَجِسَةٌ خَبِيثَة، وتَناوُلُها حرامٌ إِلا ما خَصَّتْه السُّنّة من أَبوالِ الإِبِل، عند بعضهم، وروثُ ما يُؤكَلُ لحمُه عند آخَرِين، والجهة الأُخْرَى: من طَرِيقِ الطَّعْمِ والمَذَاقِ قال: ولا يُنْكَرُ أَن يكون⁣(⁣١) كَرِهَ ذلك لما فيه من المَشَقَّةِ على الطِّبَاع، وكَرَاهِيَةِ النُّفُوسِ لها، ومنه قوله عليه الصّلاةُ والسّلام: «من أَكَلَ [من هذه]⁣(⁣٢) الشَّجَرَةِ الخَبِيثَةِ لا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا» يريدُ الثُّومَ والبَصَلَ والكُرّاتَ، وخُبْثُها من جِهَةِ كَرَاهَةِ طَعْمِها ورائِحَتِها؛ لأَنّها طاهرةٌ.

  وفي الحديث: «مَهْرُ البَغِيِّ خَبِيثٌ، وثَمَنُ الكَلْبِ خَبِيثٌ، وكَسْبُ الحَجَّامِ خَبِيثٌ» قال الخَطّابِيّ: قد يَجْمَع الكلامُ بينَ القَرائِنِ في اللَّفْظِ، ويُفْرَقُ بينَهَا في المَعْنَى، ويُعْرَفُ ذلك من الأَغْرَاضِ والمَقَاصِدِ، فأَمّا مَهْرُ البَغِيِّ وثَمَنُ الكَلْبِ، فيريد بالخَبِيثِ فيهما الحَرامَ؛ لأَنَّ الكلبَ نَجِسٌ والزّنا حرامٌ، وبذْلُ العِوَضِ عليهِ، وأَخْذُه حرامٌ، وأَما كَسْبُ الحَجّامِ فيُريدُ بالخَبِيثِ فيهِ الكَرَاهِيَةَ؛ لأَنّ الحجَامَةَ مُبَاحَةٌ، وقد يكون الكَلامُ في الفَصْلِ الواحِدِ بَعْضُه على الوُجُوبِ، وبعْضُه على النَّدْبِ، وبعضُه على الحَقِيقَةِ، وبعضُه على المَجَازِ، ويُفْرَقُ بينها بدَلائِلِ الأُصُولِ، واعتبارِ معانِيها.

  وفي الحديثِ «إِذا بَلَغَ الماءُ قُلَّتَيْنِ لم يَحْمِلْ خَبَثاً» الخَبَثُ بفتحتين: النَّجَسُ.

  ومن المجاز - في حَدِيثِ هِرَقْل -: «فَأَصْبَحَ يَوْماً وهو خَبِيثُ النَّفْسِ» أَي ثَقِيلُها كَرِيهُ الحَالِ.

  ومن المجَاز أَيضاً في الحَدِيث: «لا يَقُولَنَّ أَحَدُكُم خَبُثَتْ نَفْسِي، أَي ثَقُلَتْ وغَثَتْ، كأَنَّه كَرِهَ اسمَ الخُبْثِ.

  وطَعَامٌ مَخْبَثَةٌ: تَخْبُثُ عنه النَّفْسُ، وقيل: هو الّذِي من غَيْرِ حِلِّه.

  ومن المجاز: هذا مما يُخْبِثُ النَّفْسَ.

  وليْسَ الإِبْرِيزُ كالخَبَثِ، [أَي ليس الجيّد كالرَّديءِ]⁣(⁣٣).

  وخَبُثَتْ رائِحَتُه، وخَبُثَ طَعْمُه.

  وكلَامٌ خَبِيثٌ. وهي أَخْبَثُ اللُّغَتَيْنِ، يراد الرَّداءَةُ والفَسادُ. وأَنا اسْتَخْبَثْتُ»⁣(⁣٤) هذه اللُّغَةَ. وكُلُّ ذلك من المَجَازِ، كذا في الأَساس.

  ومن المجاز أَيضاً يقال: وُلِد فلانٌ لِخِبْثَةٍ، أَي وُلِدَ لغَيْرِ رِشْدَةٍ، كذا في اللسان⁣(⁣٥).

  وأَبُو الطَّيّبِ الخَبِيثُ بنُ رَبِيعَةَ بنِ عَبْسِ بنِ شحارة، بَطْن من العَرَبِ يقالُ لِوَلَدِه الخُبَثاءُ، وهم سَكَنَةُ الوادِيَيْنِ باليَمن، ومن ولده الخَبِيثُ ابن محق بن لبيدةَ بن عبيْدة بن الخَبِيث، ذَكرهم النَّاشِرِيُّ نَسّابَةُ اليَمَنِ.

  وقال الفَرّاءُ: تقولُ العربُ: لعنَ الله أَخْبَثِي وأَخْبَثَكَ، أَي الأَخْبَثَ منّا، نقلَه الصّاغَانيّ.

  والأَخَابِثُ: كأَنَّه جَمْعُ أَخْبَث، كانَتْ بَنُو عَكِّ بن عدنان قد ارْتَدَّتْ بعدَ وفاةِ النَّبِيّ، ، بالأَعْلابِ من أَرْضِهِمْ، بين الطَّائِفِ والسّاحِلِ، فخَرَجَ إِليهم الطَّاهِرُ بنُ أَبي هَالَةَ بأَمْرِ الصِّدِّيق، ¥، فوافَقَهم بالأَعْلابِ، فقَتَلَهُمْ شَرَّ قِتْلة، فسُمِّيَتْ تلك الجِمَاعُ من عَكّ، ومن تَأَشَّبَ إِليهَا: الأَخَابِثَ إِلى اليَوْمِ، وسُمِّيت تلك الطّرِيقُ إِلى اليوم طرِيقَ الأَخَابِثِ، وفيه يقولُ الطَّاهِرُ بن أَبي هَالَةَ:

  فلم تَرَ عَيْنِي مثلَ جَمْعٍ رَأَيْتُه. ... بِجَنْبِ⁣(⁣٦) مَجَازٍ في جُموعِ الأَخَابِثِ

  [خبعث]: اخْبَعَثَّ اخْبِعْثاثاً، أَهمله الجوهريُّ، وقالَ اللّيْثُ: اخْبَعَثَّ الرَّجُلُ في مِشْيَتِه إِذا مَشَى مِشْيَةَ الأَسَدِ مُتَبَخْتِراً.

  * وزاد في اللسان:

  الخُنْبَعْثَةُ، والخُنْبَعْثَةُ: النّاقةُ الغَزِيرَةُ اللَّبَنِ، وهو مذكُورٌ أَيضاً في خثعب، فهو مُستدرَكٌ على المصنّف.


(١) العبارة في الأصل: «قال: ولا يمكن كره ذلك» وما أثبت عن اللسان.

(٢) الزيادة عن النهاية، وبهامش المطبوعة المصرية: «قوله من أكل الشجرة كذا بخطه، والذي في النهاية: من أكل من هذه الشجرة، وذكره الشارح قريباً، كذلك قال فيها: وليس أكلها من الأعذار المذكورة في الانقطاع عن المساجد، وإنما أمرهم بالاعتزال عقوبة ونكالا، لأنه كان يتأذى بريحها».

(٣) زيادة عن الأساس.

(٤) في الأساس: «أستخبث».

(٥) ومثله في التهذيب.

(٦) عن معجم البلدان، وبالأصل «بجمع».