تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[خرج]:

صفحة 339 - الجزء 3

  خذلج، نقلَ الأَزهَرِيُّ عن النوادِرِ: فُلانٌ يَتَخَذْلَجُ في مِشْيَتِه. وذَكره المُصنِّف في خ ز ل ج، بالزاي، كما سيأْتِي، وهنا ذَكره ابنُ منظورٍ، فليُعْرَفْ.

  [خرج]: خَرَجَ خُرُوجاً، نقيض دَخَلَ دُخُولاً ومَخْرَجاً بالفتح مَصدرٌ أَيضاً، فهو خارِجٌ، وخَرُوجٌ، وخَرَّاجٌ، وقد أَخْرَجَه، وخَرَجَ به.

  والمَخْرَجُ أَيضاً: مَوْضِعُه أَي الخُرُوجِ يقال: خَرَجَ مَخْرَجاً حَسَناً، وهذا مَخْرَجُه ويكون مَكاناً وزَماناً، فإِن القاعدة أَنّ كلَّ فِعْلٍ ثُلاثيٍّ يكون مُضارعُه غيرَ مكسورٍ يأْتي منه المصدر والمَكَان والزَّمَان على المَفْعَل، بالفَتْح إِلّا ما شَذَّ كالمَطْلِع والمَشْرِقِ، مما جاءَ بالوَجْهَيْنِ، وما كان مضارِعُه مكسوراً ففيه تفصيلٌ: المَصْدَر بالفتح، والزّمانُ والمكانُ بالكسر، وما عدَاهُ شَذَّ، كما بُسِط في الصَّرْف ونَقلَه شيخنا.

  والمُخْرَجُ بالضَّمِّ، قد يكون مَصْدَر قولِكَ أَخْرَجَهُ، أَي المصدر المِيميّ، وقد يكون اسْم المَفْعُولِ به على الأَصل واسْم المَكَانِ، أَي يَدُلُّ عليه، والزّمان أَيضاً، دالًّا على الوقْتِ، كما نَبَّه عليه الجوهريُّ وغيرُه وصرَّحَ به أَئمَّةُ الصّرْف، ومنه {أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ}⁣(⁣١) وقيل في {بِسْمِ اللهِ مَجْراها وَمُرْساها}⁣(⁣٢) بالضَّمّ إِنّه مصدَرٌ أَو زَمانٌ أَو مَكَانٌ والأَوّل هو الأَوْجَهُ لِأَنَّ الفِعْلَ إِذَا جَاوَزَ الثَّلاثةَ رُبَاعِيًّا كان أَو خُمَاسِيًّا أَو سُداسيًّا فالمِيمُ منه مَضْمُومٌ، هكذا في النُّسخ، وفي نُسخ الصّحاح⁣(⁣٣)، وذلك الفِعْلُ المُتَجَاوِزُ عن الثَّلاثةِ سَوَاءٌ كان تجاوُزُه على جِهَةِ الأَصالةِ كدَحْرَج تَقُولُ هذا مُدَحْرَجُنَا أَو بالزّيادة كأَكْرَم وباقي أَبْنِيَةِ المَزِيد، فإِن ما زَاد على الثَّلاثةِ مَفعولُه بصيغةِ مُضارِعه المبنيِّ للمجهولِ، ويكون مَصْدَراً ومكاناً وزماناً قِيَاسِيًّا فاسمُ المَفْعولِ ممّا زادَ على الثَّلاثةِ بجميعِ أَنواعِه يُسْتَعْمَلُ على أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ: مَفْعُولاً على الأَصْلِ، ومَصدراً، وظَرْفاً بنَوعَيه، على ما قُرِّرَ في الصَّرْف.

  والخَرْجُ: الإِتَاوَةُ تُؤْخذُ من أَموالِ النّاسِ كالخَرَاج، وهما واحدٌ لِشَيءٍ يُخْرِجُه القَوْمُ في السَّنَةِ من مالِهم بقَدْرٍ مَعلومٍ.

  وقال الزَّجَّاجُ: الخَرْجُ المَصْدَرُ. والخَرَاجُ اسْمٌ لِمَا يُخْرَجُ، وقد وَرَدَا معاً في القرآن، ويُضَمَّانِ، والفتح فيهما أَشهرُ، قال الله تعالى: {أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً فَخَراجُ رَبِّكَ خَيْرٌ}⁣(⁣٤) قال الزَّجّاج: الخَرَاجُ: الْفَيْءُ، والخَرْجُ: الضَّرِيبَةُ والجِزْيَةُ، وقُرِئَ «أَمْ تَسْأَلُهُمُ خَرَاجاً» وقال الفَرَّاءُ: معناه أَم تَسأَلهم أَجْراً على ما جِئْتَ به، فأَجْرُ رَبِّكَ وثَوابُه خَيْرٌ. وهذا الذي أَنكره شيخُنا في شَرْحِه وقال: ما إِخَالُه عَرَبيّاً، ثم قال: وأَمّا الخَرَاجُ الذي وَظَّفَه سيِّدُنا عُمَرُ بنُ الخَطّابِ ¥، علَى السَّواد وأَرْضِ الفَيْءِ، فإِن مَعناه الغَلَّةُ أَيضاً، لأَنه أَمَرَ بِمَساحةِ السَّوَادِ ودَفْعِها⁣(⁣٥) إِلى الفَلَّاحِين الذي كانُوا فيه على غَلَّة يُؤَدُّونَها كُلَّ سَنَةٍ، ولذلك سُمِّي خَرَاجاً، ثمّ قِيلَ بعدَ ذلك للبلادِ التي افتُتحَتْ صُلْحاً ووُظِّفَ ما صُولِحُوا علَيْه على أَراضِيهِم⁣(⁣٦): خَرَاجِيَّةٌ، لأَن تلك الوَظِيفةَ أَشبَهَتِ الخَرَاجَ الذي أُلْزِمَ الفَلَّاحُونَ، وهو الغَلَّةُ، لأَن جُمْلَةَ مَعْنَى الخَراجِ الغَلَّةُ، وقيل لِلْجِزْيَةِ التي ضُرِبَتْ علَى رِقَابِ أَهلِ الذِّمَّة: خَرَاجٌ، لأَنه كالغَلَّة الوَاجبةِ عليهم.

  وفي الأَساس: ويقال للجِزْيَةِ: الخَرَاجُ، فيقال: أَدَّى خَراجَ أَرْضِه، والذِّمِّيُ خَرَاجَ رَأْسِه⁣(⁣٧).

  وعن ابن الأَعْرَابيّ: الخَرْجُ على الرؤُوس، والخَرَاجُ، على الأَرضينَ.

  وقال الرَّافِعيّ: أَصلُ الخَراجِ ما يَضْربُه السَّيِّدُ على عَبده ضَرِيبَةً يُؤَدِّيها إِليه، فيُسَمَّى الحاصلُ منه خَرَاجاً.

  وقال القاضي: الخَراجُ اسمُ ما يَخْرُجُ من الأَرْض، ثم استُعْمل في مَنَافِع الأَملاك، كرَيع الأَرَضينَ وغَلَّةِ العَبِيدِ والحَيَوانات.

  ومن المَجَاز: في حديث أَبي مُوسى «مثلُ الأُتْرُجَّةِ طَيِّبٌ


(١) سورة الإسراء الآية ٨٠.

(٢) سورة هود الآية ٤١.

(٣) نص الصحاح: لأَن الفعل إِذا جاوز الثلاث فالميم منه مضمومة. مثل دحرج وهذا مُدحرَجنا، فشبه مُخرَجٌ ببنات الأربعة.

(٤) سورة «المؤمنون» الآية ٧١.

(٥) أي الغلّة.

(٦) الأصل واللسان، وفي التهذيب: أرضهم.

(٧) في الأساس: «وأدى أهل الذمة خراج رؤوسهم».