[دلج]:
  [دلج]: الدَّلَجُ، مُحَرَّكَةً، والدُّلْجَةُ، بالضّمّ والفَتْحِ: السَّيْرُ مِن أَوَّلِ اللَّيْلِ، وقد أَدْلَجُوا، كأَخْرَجُوا.
  فإِن سَارُوا مِن آخِرُه، فادَّلَّجُوا، بالتّشديد، من باب الافتعال، وهذه، التَّفرقةُ قَولُ أَهلِ اللُّغةِ جميعاً إِلَّا الفارسيَّ إِنه حَكَى أَدْلَجْت وادَّلَجْت لُغتانِ في المَعْنَيَيْنِ جميعاً، وإِلى هذا يَنبغِي أَن يُذْهَب في قولِ الشّمُّاخِ الآتي ذِكْرُه(١)، وفي الحديث «عليكم بالدُّلْجَة».
  قال ابن الأَثير(٢): هو سَيْرُ اللَّيْلِ، ومنهم من يَجْعَل الإِدْلاجَ لِلَّيْلِ كلِّه قال: وكأَنَّه المرادُ في [هَذَا](٣) الحدِيثِ لأَنَّه عَقَّبَه بقولِه «إِن الأَرْضَ تُطْوَى باللَّيْلِ» ولم يُفَرّق بين أَوَّله وآخرِه.
  قال الأَعشى:
  وادِّلاجٍ بَعْدَ المَنَامِ وتَهْجِي ... رٍ وقُفٍّ وسَبْسَبٍ ورِمَال
  وقال زُهَيْر:
  بَكَرْنَ بُكُوراً وادَّلَجْنَ بِسُحْرَةٍ ... فَهُنَّ لِوَادِي الرَّسِّ كالْيَدِ لِلْفَمِ
  قال ابنُ دُرُسْتَوَيْهِ: احْتَجَّ بهما أَئمَّةُ اللُّغةِ على اختصاصِ الادِّلاج بسَيْرِ آخرِ الليلِ. انتهى.
  فبينَ الإِدلاجِ والادّلاجِ(٤) العُمُومُ والخُصُوص من وَجْهٍ، يَشْتَرِكَانِ في مُطْلَقِ سَيْرِ اللّيلِ، ويَنْفَرِدُ الإِدلاجُ المخفَّفُ بالسّيرِ في أَوَّله، وينفرِدُ الادِّلاجُ، المشدَّد، بالسيرِ في آخرِه.
  وعند بعضِهم أَنّ الإِدْلاج المخفَّفَ أَعمُّ من المشدَّد، فمعنى المخفَّفِ عندهم سَيْرُ اللَّيْلِ كلَّه، ومعنى المشدَّدِ السَّيْرُ في آخرِه، وعليه فبَيْنَهما العُمُومُ المُطلَق، إِذ كلّ إِدْلاجٍ، بالتخفيف(٥)، ادِّلاجٌ بالتشديد، ولا عَكْسَ، وعلى هذا اقتصَر الزُّبَيْدِيّ في مُختصرِ العَين، والقاضي عياضٌ في المشارِق وغيرُهما، والمصنّف ذَهَبَ إِلى ما جرى عليه ثعلبٌ في الفصيح وغيرُه من أَئمَّةِ اللُّغةِ، وجعلوه من تحقيقاتِ أَسرارِ العرب.
  وقال بعضُهم: الإِدْلاج: سيرُ اللّيلِ كلِّه، والاسم منه الدُّلْجَة بالضّمّ.
  وقال ابنُ سِيده: الدَّلْجَة(٦)، بالفتح والإِسكان: سَيْرُ السَّحَرِ، والدَّلْجَة أَيضاً: سَيْرُ اللَّيْلِ كُلِّه والدَّلْجَة والدُّلْجَة، بالفتح والضّمّ مع إِسكان اللام، والدَّلَجُ والدَّلَجَةُ، بالفتح والتحريك فيهما: الساعةُ من آخرِ الليلِ، وأَدْلَجوا: سَارُوا مِن آخرِه، وادَّلَجُوا: ساروا اللَّيْلَ كُلَّه.
  وقيل: الدَّلَجُ: اللَّيْلُ كُلُّه(٧) من أَوَّلهِ إِلى آخرِه، حكاه ثعلبٌ عن أَبي سُليمانَ الأَعْرَابيِّ، وقال: أَيَّ ساعةٍ سرْتَ من أَوّلِ اللّيلِ إِلى آخرِه فقد أَدْلَجْتَ، على مِثالِ أَخْرَجْتَ.
  وأَنكر ابنُ دُرُسْتَوَيهِ التَّفْرِقَةَ من أَصلِهَا، وزَعمَ أَنَّ معناهما معاً سَيرُ اللّيلِ مُطلقاً دونَ تَخصيصٍ بأَوَّلِه أَو آخرِه، وغَلَّطَ ثَعلباً في تَخْصيصه المُخَفَّفَ بأَوّلِ الّليلِ، والمشدَّدَ بآخرِه، وقال: بل هُما جميعاً عندنا سيرُ اللّيْلِ في كلِّ وَقتِ من أَوّلِه ووَسَطه وآخرِه، وهو إِفْعَال وافْتِعَال من الدَّلَجِ، والدَّلَجُ: سَيْرُ الّليلِ، بمنزلَة السُّرَى، وليس واحدٌ مِن هذين المِثالَيْنِ بدليل على شَيْءٍ من الأَوقَات، ولو كان المِثال دَليلاً على الوَقْت لكانَ قوْلُ القائلِ الاسْتدْلَاج على الاستفعالِ دَليلاً أَيضاً لِوَقْتٍ آخَرَ، وكان الانْدِلاج لوقتٍ آخرَ، وهذا كلُّه فاسدٌ. ولكنّ الأَمثلةَ عندَ جَمِيعهم موضوعَةٌ لاختلاف معَانِي الأَفعالِ في أَنْفسنا لَا لِاختلاف أَوقاتِهَا.
  قال: فأَما وَسَطُ الليلِ وآخِرُه وأَوَّلُه وسَحَرُه وقَبْلَ النَّوْمِ وبعْدَه فممّا لا تَدُلُّ عليه الأَفعالُ ولا مصادِرُها، ولذلك
(١) يريد قوله:
وتشكو بعين ما أكلّ ركابها ... وقيل المنادى أصبح القوم أدلجي
(٢) بالأصل «قال الجوهري» ولم يرد في الصحاح، وهو ما جاء في النهاية في سياق شرح ابن الأثير للحديث.
(٣) عن النهاية.
(٤) في المطبوعة الكويتية: «والأدّج» تصحيف.
(٥) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله إذ كل ادلاح الخ لعل الصواب العكس فليتأمل».
(٦) في اللسان بضم الدال.
(٧) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله الليل كله هي عبارة اللسان، ولعل الظاهر: سير الليل كله بدليل بقية العبارة».