تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[حمأ]:

صفحة 140 - الجزء 1

  وفي العُباب: التِّحْلِئُ: ما أَفْسَدَه السِّكِّين مِنَ الجِلْدِ إِذا قُشِرَ تقول منه حَلِئَ الأَدِيمُ، بالكسر، حَلأً، بالتحريك، إِذا صار فيه التِّحْلِئُ.

  والحَلأُ مُحركَةً أَيضاً: العُقْبُولُ، وتقول من ذلك حَلِئَ الرجلُ كَفَرِح إِذا صَارَ فيه التِّحْلِئُ هكذا في سائر النسخ، والأَوْلَى: إِذا صار فيه الحَلأُ ويقال: حَلِأَتِ الشَّفَةُ إِذا بَثُرَتْ بعد المَرَضِ⁣(⁣١) قال الأَزهريّ: وبعضهم لا يَهمزِ فيقول: حَلِيَتْ شَفَتُه حَلًى، مقصور، وقال ابن السكّيت في باب المقصور والمهموز: الحَلأُ هو الحَرُّ الذي يَخْرُج على شَفةِ الرجُلِ غِبَّ الحُمَّى والمِحْلأَةُ بالكسر اسم ما حُلِئَ، بِهِ الأَديم أَي قُشِر وقال شَمِرٌ: الحَالِئَةُ: حَيَّةٌ خَبيثةٌ تَحْلأُ مَنْ تَلْسَعه السَّمَّ، كما يَحْلأُ الكَحَّالُ الأَرْمَدَ حُكَاكَةً فيكْحُلُه بها، وبه فُسِّر المَثلُ المُتقدِّم.

  ومن المجاز: رَجُلٌ تِحْلِئَةٌ إِذا كان ثقيلاً يَلْزَقُ بالإِنسان فَيَغُمُّه.

  ومن الأَمثال: حَلُوءَةٌ تُحَكَّ بِالذَّرَارِيحِ يُضْرَب لمن قولُه حسن وفِعله قبيح والتركيب يدلُّ على تنحية الشيء.

  [حمأ]: الحَمْأَةُ بفتح فسكون: الطِّين الأَسود المُنْتِن كالحَمَإِ مُحَرَّكَةً قال الله تعالى: {مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ}⁣(⁣٢) وفي كتاب المقصور والممدود لأَبي عليٍّ القالي: الحَمَأُ: الطين المُتَغَيِّر، مَقصورٌ مهموزٌ، وهو جَمْعُ حَمَأَةٍ، كما يقال قَصَبَةٌ وقَصَبٌ، ومثله قال أَبو عبيدة، وقال أَبو جعفر: وقد تُسَكَّن الميمُ للضرورة في الضرورة، وهو قولُ ابنِ الأَنبارِيّ.

  وحَمِئَ الماءُ كَفَرِح حَمْأً بفتح فسكون وحَمَأً محركةً: خالَطَتْه الحَمْأَة فكَدِر تغيَّرت رائحتُه وحَمِئَ زَيْدٌ عليه: غَضِبَ، عن الأُمويّ، ونقل اللِّحيانيُّ فيه عَدَم الهَمْزِ ويقال: أَحْمَأْتُ البِئْرَ إِحماءً إِذا أَلْقَيْتُهَا أَي الحَمْأَة فيها.

  ويقال حَمَأْتُها كمنَعْتُ إِذا نَزَعْتُ حَمْأَتَهَا عن ابن السكيت.

  اعلم أَن المشهور أَن الفِعل المُجَرَّد يَرِد لإِثباتِ شيءٍ، وتزاد الهمزةُ لإِفادة سَلْبِ ذلك المعنى، نحو شَكَى إِليَّ زَيْدٌ فأَشْكَيْتُه، أَي أَزَلْت شَكْوَاه وما هُنا جاءَ على العكس، قال في الأَساس: ونَظِيره قَذَيْتَ العَيْنَ وَأَقْذَيْتَها. وفي التهذيب: أَحْمَأْتُها أَنَا إِحماءً إِذا نَقَّيْتُها من حَمْأَتِها، وحَمَأْتُها إِذا أَلْقَيتُ فيها الحَمْأَة، ذكر هذا الأَصمعيُّ في كتاب الأَجناس كما أَوردَه الليثُ، قال: وما أَرَاه محفوظاً. ويقال: حَمِئَت البئْرُ حَمَأً فهي حَمِئَةٌ إِذا صارت فيها الحَمْأَة وكَثُرَتْ، وَعَيْنٌ حَمِئَةٌ. وفي التنزيل: {تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ}⁣(⁣٣) وقرأَ ابنُ مسعود وابن الزُّبَيْر فِي عَيْنٍ حَامِئَةٍ ومن قَرأَ حَامِيَةٍ بغير هَمْزٍ أَراد حَارَّة، وقد تكون حارّةً ذاتَ حَمْأَةٍ.

  والحَمْءُ بالهمز ويُحَرَّك والحَمَا كَقَفاً، ومن ضبطه بالمدّ فقد أَخطأَ والحَمُو مثل أَبو، كذا هو مَضبوطٌ في النُّسخ الصحيحة. وضبطه شيخُنا كدَلْوٍ والحَمُ محذوفُ الأَخيرِ كَيَدٍ ودَمٍ وهؤلاءِ الثلاثةُ الأَخيرة محلُّها باب المعتَلّ: أَبو زَوْجِ المرأَةِ خاصَّةً، وهي الحَماةُ أَو الواحدُ مِن أَقارِب الزَّوْجِ والزَّوْجة، ونقل الخليلُ عن بعضِ العربِ أَن الحَمُو يكون من الجانِبيْنِ، كالصِّهرِ، وفي الصحاح والعُباب: الحَمْءُ: كلُّ مَن كان مِنْ قبَلِ الزوْجِ، مثلُ الأَخِ والأَبِ والعَمِّ، وأَنشد أَبو عمرٍو في اللغة الأُولى:⁣(⁣٤)

  قُلْتُ لِبَوَّابٍ لَدَيْهِ دَارُهَا ... تِيذَنْ فَإِنِّي حَمْؤُهَا وجَارُهَا

  ج أَحْمَاءٌ كشَخْصٍ وأَشخاصٍ وأَمَّا الحديث المتّفَق على صِحَّته، الذي رواه عُقبةُ بن عامرٍ الجُهَنِيُّ ¥، عن النبيّ ÷ أَنه قال «إِيّاكُمْ والدُّخولَ عَلَى النِّساءِ» فقال رجلٌ من الأَنصار: يا رسولَ الله أَفرَأَيْتَ الحَمْءَ؟ فقال: «الحَمْءُ المَوْتُ» فمعناه أَن حَمَاهَا الغَايَةُ في الشَّرِّ والفَسَادِ، فشبَّهه بالموْتِ⁣(⁣٥)، لأَنه قُصَارَى كلِّ بلاءٍ وشِدَّة، وذلك أَنه شَرٌّ من الغَرِيبِ مِن حيثُ إِنه آمِنٌ مُدلّ والأَجنبيُّ مُتَخوِّفٌ مُتَرقِّبٌ، كذا في العُباب.


(١) أي خرج فيها غبّ الحمى بثورها.

(٢) سورة الحجر: الآيات ٢٦، ٢٨، ٣٣. وفي المطبوعة المصرية «ألحما» دون همز في الموضعين.

(٣) سورة الكهف الآية ٨٦.

(٤) كذا بالأصل، وقد ورد في الصحاح أن في الحمء أربع لغات.

وفي العين: وفي الحمو ثلاث لغات: حماها مثل (عصاها)، وحموها مثل (أبوها). رحمؤها - مقصور مهموز - مثل (كمؤها).

(٥) وهذه كلمة تقولها العرب، كما تقول الأسد الموت، والسلطان النار، أي لقاؤهما مثل الموت والنار. (النهاية).