تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[سحج]:

صفحة 399 - الجزء 3

  هَلْ هَيَّجَتْكَ طُلولُ الحَيِّ مُقْفرةً ... تَعْفُو مَعارِفَها النُّكْبُ السَّجَاسِيجُ

  احتاج فكَسَّر سَجْسجاً على سجاسِيج.

  والسَّجْسَجُ: الأَرْضُ ليستْ بصُلْبة ولا سَهْلَةٍ. وقيل: هي الأَرْضُ الواسعةُ، وفي الحديث: «أَنَّه مَرَّ بِوَادٍ بين المَسْجِدَيْنِ فقال: هذِه سَجاسِجُ مَرَّ بها موسى #». هي جمعُ سَجْسَجٍ بهذا المَعْنَى.

  والسَّجْسَجُ: ما بين طُلوعِ الفَجْرِ إِلى طُلُوعِ الشَّمْسِ، كما أَن من الزَّوال إِلى العَصْر يقال له: الهَجِير والهاجِرَة، ومن غُروب الشّمس إِلى وَقت اللَّيل: الجُنْحُ⁣(⁣١) ثم السَّدَف والمَلَث والمَلَس؛ كلّ ذلك قولُ ابنِ الأَعرابيّ.

  ومنه أَي ما تقدَّم من المعنى في أَوَّل الترجمةِ

  حديثُ الحَبْرِ سيِّدِنا عبدِ الله بنِ عَبَّاسٍ، ® في صفة الجَنّة: «وهَوَاؤُها السَّجْسَجُ».

  أَي المعتدِلُ بين الحَرِّ والبَرد، وغَلِطَ الجوهريُّ في قوله: الجَنَّةُ سَجْسَجٌ. ويحتمل أَن يكون على حَذْفِ مُضَافٍ.

  وفي روايةٍ أُخرى: «نَهَارُ الجَنَّةِ سَجْسَجٌ»، وفي أُخرى: «ظِلُّ الجَنَّةِ سَجْسَجٌ».

  وقالوا: لا ظُلمةَ فيه ولا شَمْسَ. وقيل إِن قَدْرَ نُورِهِ كالنُّور الّذي بين الفَجرِ وطلوعِ الشَّمْس.

  قلت: وبهذا يَصِحُّ إِرجاعُ الضميرِ إِلى أَقربِ مَذكورٍ، خلافا لشيخِنا.

  * ومِمّا يُسْتَدرَكُ عَليْه:

  عن أَبي عمرو: جَسَّ: إِذا اخْتَبَر. وسَجَّ: إِذا طَلَعَ، كذا في اللسان.

  [سحج]: سَحَجَه الحائطُ كمنَعَهُ يَسْحَجُه سَحْجاً: خَدَشَه. وسَحَجَ جِلْدَه: إِذا قَشَرَه فانْسَحَجَ: انْقَشَر.

  والسَّحْجُ: أَن يُصِيبَ الشيءُ الشيءَ فيَسْحَجَه، أَي يَقْشِرَ منه شيئاً قليلاً، كما يُصيبُ الحافِرَ قَبْلَ الوَجَى سَحْجٌ. وانْسَحَجَ جِلْدُه من شيْءٍ مَرَّ به: إِذا تَقَشَّرَ الجِلدُ الأَعلَى. ويقال: أَصابه شيْءٌ فسَحَجَ وَجْهَه، وبه سَحْجٌ.

  وسَحَجَ الشيءَ بالشيْءِ سَحْجاً، فهو مَسْحُوجٌ وسَحِيجُ: حَاكَّه⁣(⁣٢) فقَشَره. قال أَبو ذُؤَيب:

  فَجَاءَ بِهَا بَعْدَ الكَلَالِ كَأَنَّه ... مِنَ الأَيْنِ مِخْرَاشٌ أَقَذُّ سَحِيجُ

  وسَحَّجَه⁣(⁣٣) تَسحيجاً فَتَسَحَّجَ، شُدِّد للكَثرة.

  وحِمَارٌ مُسَحَّج كمُعَظَّم، هكذا في سائر الأُمهات اللغوية، وفي نسختنا: مُسْتَحَجٌ، على مُفْتَعَل، والأَوّل هو الصوابُ: مُعَضَّض مُكَدَّح⁣(⁣٤)، هو من سَحْجِ الجِلْدِ، قال أَبو حاتم: قرأْتُ على الأَصْمَعيّ في جِيميّة العَجّاج:

  جَأْباً تَرَى بِلِيتِه مُسَحَّجا⁣(⁣٥)

  فقال: «تَلِيلَه». فقلْت: بلِيتِه. فقال: هذَا لا يكون.

  قلت: أَخبرني به مَن سَمِعه من فَلْقِ فِي رُؤْبَةَ⁣(⁣٦)، أَعنى أَبا زَيد الأَنصاريّ. قال: هذا لا يكون، فقلت: جعله مصدراً، أَراد تَسحيجاً، فقال: هذا لا يكون. قلت: فقد قال جَريرٌ:

  أَلَمْ تَعْلَمْ مُسَرَّحِيَ القَوافِي ... فَلَا عِيّاً بِهِنَّ ولا اجْتِلابَا

  أَي تَسْرِيحِي، فكأَنَّه أَراد أَن يَدفعه فقلت له: فقد قال الله تعالى: {وَمَزَّقْناهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ}⁣(⁣٧) فأَمْسَك.

  قال الأَزهريّ: كأَنه أَراد: تَرَى بِلِيتِه تَسْحيجاً، فجعلَ مُسَحَّجاً مَصدراً.

  وبَعِيرٌ سَحّاجٌ: يَسْحَج الأَرضَ بخُفِّه، أَي يَقْشِرُهَا فلا يَلْبَثُ أَن يَحْفَى. وناقةٌ مِسْحاجٌ، كذلك.

  والسَّحْج - كالمَنْع - تَسْريحٌ لَيِّنٌ على فَرْوَةِ الرَّأْسِ.

  يقال: سَحَجَ شَعرَه بالمُشْطِ سَحْجاً: إِذا سَرَّحه تسريحاً لَيِّناً.


(١) الجنح بضم الجيم وكسرها كما في اللسان، واقتصر في التهذيب على الكسر، وجميعها ضبط قلم.

(٢) في المطبوعة الكويتية: «حاكّة» تحريف.

(٣) الأصل والقاموس واللسان، وضبطت في الصحاح بتخفيف الحاء المفتوحة ضبط قلم.

(٤) الأصل والقاموس والصحاح، وفي اللسان: مكدَّم.

(٥) نسب في اللسان إِلى رؤبة، وهو في ديوان العجاج ص ٩ برواية:

جأبا ترى تليله مسحجا

(٦) بهامش المطبوعةِ المصرية: «قوله من فلق في رؤبة. من بكسر الميم، وفلق: بفتح الفاء، وفي بمعنى فم.

(٧) سورة سبأ الآية ١٩.