تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

(فصل العين) المهملة مع الجيم

صفحة 444 - الجزء 3

  وعَاجَ ناقَتَه، وعَوَّجَهَا، فانْعَاجتْ وتَعَوَّجَتْ: عَطَفها، أَنشد ابن الأَعرابيّ:

  عُوجُوا عليّ وعَوِّجوا صَحْبِي ... عَوْجاً ولا كَتَعوُّجِ النَّحْبِ

  عَوْجاً متعلّق بعُوجُوا لا بعَوِّجُوا، يقول: عُوجُوا مُشَارِكينَ لا مُتفارِدين⁣(⁣١) متكارِهِين كما يَتكارَهُ صاحبُ النَّحْبِ على قَضَائِه. وفي اللسان: والعَوْجُ: عَطْفُ رأْسِ البَعِيرِ بالزِّمَامِ أَو الخِطَامِ. تقول: عُجْتُ رأْسَه أَعُوجُه عَوْجاً. قال: والمرأَةُ تَعُوجُ رأْسَها إِلى ضَجِيعها. وعاج عُنُقَه عَوْجاً: عَطَفَه. قال ذو الرُّمّة يصف جَوارِيَ قد عُجْنَ إِليه رُؤُوسَهنّ يومَ ظَعْنِهنّ:

  حَتَّى إِذا عُجْنَ من أَعناقهنّ لَنَا⁣(⁣٢) ... عَوْجَ الأَخِشَّةِ أَعناقَ العَنَاجِيجِ

  أَراد بالعَنَاجِيج هنا جِيَادَ الرِّكَابِ، وَاحِدُهَا عُنْجُوجٌ.

  ويقال لجِيَادِ الخيلِ: عَنَاجِيجُ أَيضاً، وقد تقدّم.

  وعاجِ مبنيّةً بالكسر على التّعْرِيفِ: زَجْرٌ للنّاقة وينوّن على التنكير. قال الأَزهريّ: يقال للناقَة في الزَّجْر: عاجِ، بلا تنوينٍ فإِنْ شِئتَ جزمْت على تَوَهُّمِ الوُقوفِ. يقال: عَجْعَجْتُ بالناقَة: إِذا قلت لها: عاجِ عاجِ. قال أَبو عُبَيْدٍ: ويقال للنّاقَة: عاجٍ وجَاهٍ، بالتنوين. قال الشاعر:

  كأَنِّيَ لم أَزْجُرْ بِعَاجٍ نَجِيبةً ... ولم أَلْقَ عن شَحْطٍ خَليلاً مُصَافِيَا

  قال الأَزهريّ: قال أبو الهيثم فيما قرأْتُ بخطّه: كلُّ صَوْتٍ يُزْجَر به الإِبلُ فإِنه يَخْرُجُ مجزوماً، إِلّا أَن يَقعَ في قافيةٍ فيُحَرَّك⁣(⁣٣) إِلى الخفض، تقول في زَجرِ البعير: حَلْ حَوْبْ، وفي زجْر السَّبُعِ: هَجْ هَجْ، وجَهْ جَهْ، وجاهْ جاهْ، فإِذا حَكَيْت ذلك قلت للبعير: حَوْبْ أَو حَوْب، وقلت للناقة⁣(⁣٤): حَلْ أَو حَلِ.

  وقال شَمِرٌ: يقال للمَسَكِ: عاجٌ. قال: وأَنشدني ابنُ الأَعرابيّ:

  وفي العاجِ والحِنّاءِ كَفُّ بَنَانِهَا ... كَشَحْمِ القَنَا لمْ يُعْطِهَا الزَّنْدَ قَادِحُ⁣(⁣٥)

  قال الأَزهريّ: والدّليل على صِحَّة ما قال شَمِرٌ في العاج أَنه المَسَكُ ما جاءَ في حديثٍ مرفوعٍ: «أَن النبيّ قال لثَوْبانَ: اشْتَر لفاطِمَةَ سِوَارَيْنِ من عاجٍ».

  لم يُرِد بالعَاجِ ما يُخْرَط من أَنْيَابِ الفِيَلَةِ لأَنّ أَنيابَها ميتة، وإِنما العَاجُ: الذَّبْلُ، وهو ظَهْرُ السُّلْحَفاةِ البَحْرِيّة.

  وفي الحديث: «أَنه كان له مُشْطٌ من العاجِ». العاجُ: الذَّبْلُ وقيل: شيْءٌ يُتَّخَذ من ظَهْرِ السُّلَحْفَاةِ البَحْرِيّة. فأَمّا العاجُ الذي هو للفِيل فنَجِس عند الشّافِعِيّ، وطاهِرٌ عند أَبي حنيفة؛ كذا في اللسان. قلت: والحَدِيث حُجَّةٌ لنا. وقال ابنُ قتيبةَ والخَطّابيّ: الذَّبْل: هو عَظْمُ السُّلَحْفَاةِ البَرِّيّة والبَحْريّة.

  وقيل: كلُّ عَظْمٍ عند العَرَبِ عاجٌ. وقال ابنُ شُمَيلٍ: المَسَكُ من الذَّبْلِ ومن العَاجِ كهيئةِ السِّوَارِ تَجْعَلُه المرأَةُ في يَدَيْهَا، فذلك المَسَكُ. قال والذَّبْلُ: القَرْنُ⁣(⁣٦)، فإِذا كان من عاجٍ فهو مسَكٌ وعاجٌ ووَقْفٌ، وإِذا كان من ذَبْلٍ فهو مَسَكٌ لا غيرُ. وقال الهُذَليّ:

  فَجَاءَتْ كخاصِي العَيْرِ لم تَحْلَ عاجَةً ... ولا جَاجَةً منها تَلُوحُ عَلَى وَشْمِ

  فالعَاجَة: الذَّبْلَةُ. والجَاجَة: خَرَزَةٌ لا تُسَاوي فَلْساً، وقد تقدّم.

  والعَاجُ: النّاقَةُ اللَّيِّنَةُ الأَعْطَافِ هكذا في النُّسخ، وفي أُخرَى: اللَّيِّنَةُ الانْعِطَافِ⁣(⁣٧). وفي اللسان: عاجٌ: مِذْعَانٌ لا نَظِيرَ لها في سُقُوطِ الهَاءِ كانت فَعْلاً، أَو فَاعِلاً ذهبَتْ عينُه.

  قال الأَزهَرِيّ: ومنه قولُ الشاعر:


(١) في اللسان: متفاذين.

(٢) في التهذيب والمحكم: «من أجيادهن». وبعده: صوادي الهام والأحشاء خافقة تناول الهيم أرشاني الصهاريج.

(٣) في التهذيب: فيحول. وفي اللسان فكالأصل.

(٤) في التهذيب: «وقلت للناقة: حَلْ حَلْ، وقلت لها: حَلٍ». وفي اللسان فكالأصل.

(٥) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله كشحم القنا اراد به دوابّ يقال لها: الحلك ويقال لها نبات النقا يشبه بها بنان الجواري للينها ونعمتها أفاده في اللسان» وردت في التهذيب: «بنات النقا» بدل «نبات النقا» ومثله في اللسان وقد وردت خطأ في هامش المطبوعة.

(٦) في التهذيب واللسان: القرون.

(٧) ومثلها في التهذيب والتكملة.