(فصل الفاء) مع الجيم
  لضرورة الشِّعْر، والأَصل فيه: «وإِنّ الّذِين» فحَذَفَ النّونَ ضرورةً.
  والفِلْج، بالكسْر: مِكْيَالٌ ضَخْمٌ م أَي معروف يُقْسَم به، ويقال له: الفَالِجُ. وقِيل: هو القَفِيزُ. وأَصلُه بالسُّرْيانِيَّة «فالِغَاءُ» فعُرِّبَ. قال الجَعْدِيّ يَصف الخَمْر:
  أُلْقِيَ فيها فِلْجَانِ من مِسْكِ دَا ... رِينَ وفِلْجٌ مِن فُلْفُلٍ ضَرِمِ
  قلت: ومن هنا يُؤْخَذ قولهم للظَّرْف المُعَدِّ لشُرْبِ القَهْوَةِ وغيرِهَا «فِلْجَان» والعَامّة تقول: فِنْجَان، وفِنْجَال، ولا يصحّانِ.
  والفِلْج من كل شيْءٍ: النِّصْفُ، وقد فَلَجَه: جعلَه نِصْفَين. ويُفْتَح في هذه، ويقال: هُمَا فِلْجَانِ. وقال سِيبويه: الفِلْج: الصِّنْف من الناس، يُقَال: الناسُ فِلْجَانِ: أَي صِنْفَانِ من داخلٍ وخارجٍ. وقال السِّيرَافيّ الفَلْج: الّذي هو النِّصْف والصِّنْف مُشْتَقّ من الفِلْج الّذي هو القَفيز، فالفلْج على هذا القَوْل عربيّ، لأَنّ سيبويه إِنما حَكَى الفلْج على أَنه عربيّ، غير مشتقّ من هذا الأَعجميّ: كذا في اللسان.
  والفَلَجُ، بالتحريك: تَبَاعُدُ ما بين القَدَمَيْنِ أُخُراً. وقيل: الفَلَجُ اعْوجاجُ اليَدَيْن، وهو أَفْلَجُ، فإِن كان في الرِّجْلَيْن فهو أَفْحَجُ، وقال ابن سيده: الفَلَجُ: تَبَاعُدُ ما بين السّاقَيْن، وهو الفَحَجُ، وهو أَيضاً تَبَاعُدُ ما بينَ الأَسنانِ، فَلِجَ فَلَجاً وهو أَفْلَجُ، وثَغْرٌ مُفَلَّجُ أَفْلَجُ، ورجُلٌ أَفْلَجُ: إِذا كان في أَسنانِه تَفرُّقٌ، وهو التَّفْليجُ أَيضاً. وفي التّهذيب والصّحاح: الفَلَجُ في الأَسنانِ: تَباعُدُ ما بينَ الثَّنَايَا والرَّبَاعِيَاتِ خِلْقةً، فإِنْ تُكُلِّفَ فهو التَّفْليج. وهو أَفْلَجُ الأَسنانِ وامرأَةٌ فَلْجَاءُ الأَسنان. قال ابن دُريد: لا بُدَّ من ذِكْر الأَسنانِ، نقله الجوهَرِيّ.
  وقد جاءَ في وَصْفه ﷺ: «كان أَفْلَجَ الثَّنِيَّتَيْنِ» وفي روايةٍ «مُفَلَّجَ الأَسنانِ»، كما في الشَّمائل. وفي الشِّفَاءِ «كان أَفْلَجَ أَبْلَجَ» قال شيخنا: وإِذا عَرفتَ هذا، ظهرَ لك أَن ما قالَه ابنُ دُرَيْدٍ: إِنْ أَراد لا بُدّ من ذكر الأَسنان وما بمعناها كالثَّنَايَا كان على طريقِ التَّوْصيف، أَو لأَخفّ الأَمرِ، ولكنه غيرُ مسلَّم أَيضاً، لمَا ذَكَره أَهلُ اللّغَة من أَن في الجمهرة أُموراً غير مُسلَّمة. وبما ذُكِرَ تَبَيَّن أَنه لا اعتراضَ على ما في الشّفاءِ، ولا يَأْبَاه كونُ أَفلَجَ له معنًى آخَرُ، لأَن القَرِينَةَ مُصَحِّحةٌ للاستعمال.
  انتهى. ثم إِن الفَلَجَ في الأَسنان إِن كَانَ المرادُ تَباعُدَ ما بينها وتَفْرِيقَها كلَّهَا فهو مذمومٌ، ليس من الحُسْنِ في شَيْءٍ، وإِنما يَحْسُن بين الثنايا، لتفصيلِه بين ما ارْتَصَّ من بَقِيَّة الأَسنان وتَنفُّسِ المتكلِّم الفَصِيح منه، فَلْيُحَقَّقْ كلامُ ابن دُرَيْدٍ في الجمهرةِ.
  وفي الأَساس: استَقَيْتُ الماءَ من الفَلَجِ: أَي الجَدْوَلِ.
  قال السُّهَيْليّ في الرَّوْض: الفَلَجُ: العَيْنُ الجارِيَةُ، والماءُ الجارِي، يقال ماءٌ فَلَجٌ، وعَيْنٌ فَلَجٌ، والجمع فَلَجَاتٌ وقال ابن السِّيد في الفَرْق: الفَلَج: الجارِي من العين. والفَلَجِ: البِئرُ الكبيرة، عن ابن كُنَاسة. وماءٌ فَلَجٌ: جارٍ. وذكره أَبو حنيفة الدِّينَوريّ بالحاءِ المهملة، وقال في موضع آخَر: سُمِّيَ الماءُ الجاري فَلَجاً، لأَنه قد حَفَر في الأَرضِ وفَرَّقَ بينَ جانِبَيْهَا، مأْخُوذٌ من فَلَجِ الأَسنانِ.
  قلتُ: فهو إِذنْ من المجاز.
  وفي اللسان: الفَلَج، بالتَّحْرِيك: النَّهْرُ، عن أَبي عُبَيْدٍ.
  وقيل: هو النَّهْرُ الصَّغِيرُ، وقيل: هو الماءُ الجَارِي. قال عَبِيدٌ:
  أَو فَلَج ببَطْنِ وادٍ ... للماءِ من تَحْتِه قَسِيبُ(١)
  قال الجوهريّ: «ولو رُوِيَ: في بطون وادٍ»، لاسْتَقَامَ وَزْنُ البيتِ. والجمعُ أَفلاجٌ. وقال الأَعشى:
  فما فَلَجٌ يَسْقِي جَدَاوِلَ صَعْنَبَى ... له مَشْرَعٌ سَهْلٌ إِلى كُلِّ مَوْرِدِ
  وغَلِطَ الجوهَريّ في تسكين لامه. نَصُّه في صحاحه:
  والفَلْج: نَهرٌ صغيرٌ. قال العَجّاج:
  فَصَبَّحَا عَيْناً رِوىً وفَلْجَا
  قال: والفَلَجُ، بالتحريك، لغة فيه. قال ابن بَرِّيّ: صوابُ إِنشادِه:
(١) البيت غير مستقيم الوزن. وفي الديوان: «أو فلج ما ببطن» والقسيب: صوت الماء.