تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

(فصل الفاء) مع الجيم

صفحة 460 - الجزء 3

  تَذَكَّرَا عَيْناً رِوًى وفَلَجَا⁣(⁣١)

  بتحريك الّلام. وبعده:

  فرَاحَ يَحْدُوهَا وبَاتَ نَيْرَجَا

  والجمع أَفْلَاجٌ. قال امرؤ القَيْس:

  بعَيْنَيّ ظُعْنُ الحَيِّ لمَّا تَحَمَّلوا ... لَدَى جانِبِ الأَفْلَاجِ مِن جَنْب تَيْمَرَا

  وقد يُوصَف به، فيقال: ماءٌ فَلَجٌ، وعَيْنٌ فَلَجٌ. وقيل:

  الفَلَج: الماءُ الجارِي من العَين؛ قاله اللّيْث. وقال ياقوت في معجم البلدان: الفَلَجُ⁣(⁣٢): مدينةٌ بأَرضِ اليَمَامة لبنِي جَعْدَةَ وقُشَيْرٍ ابْنَيْ⁣(⁣٣) كَعْبِ بنِ رَبيعَةَ بنِ عامِرِ بنِ عامِرِ بنِ صَعْصَعةَ، كما أَن حَجْراً مدينةٌ لبني رَبِيعَةَ بنِ نِزارِ بنِ مَعَدّ بنِ عَدْنَانَ، قال الجَعْديّ:

  نَحْنُ بنُو جَعْدَةَ أَصحابُ الفَلَجْ

  قلت: وأَنشد ابنُ هِشَام في المُغْني قول الرّاجز:

  نحن بنو ضَبَّةَ أَصحابُ الفَلَجْ

  قال البَدْرُ الدَّمامِينيّ في شرْحه: إِنّ التحريكَ غيرُ معروف، وإِنه وقعَ للرَاجز على جِهة الضرورة والإِتباع للفَتْحة. قال شيخُنا: وهذا منه قُصورُ وعدمُ اطّلاع، واغترارٌ بما في القَامُوس والصّحاح من الاقتصار الّذي يُنافي دَعْوَى الإِحاطَةِ والاتّساع، ثم قال: وما قَاله الدّمامينيّ مَبْنَيٌّ على شَرْح الفَلْج بالظَّفَرِ، وشَرَحه غيرُهُ بأَنّه اسمُ مَوضعٍ. انتهى.

  والأَفْلَج: البَعيدُ ما بين اليَدَيْنِ.

  وفي اللسان: وقيل الأَفلجُ: الّذي اعْوِجاجُه في يَدَيْه، فإِن كان في رِجْليه فهو أَفْحَجُ.

  وغَلِطَ الجوهريّ في قوله: البعيدُ ما بين الثَّدْيَيْنِ.

  وفي اللسان: الأَفلجُ أَيضاً من الرجال: البَعيدُ ما بين الثَّدْيَينِ. قال شيخُنا: وقد تَعَقَّبوه بأَنّ المعنى واحدٌ، وهو المقصود من التعبير، وقالوا: يَلزمُ عادَةً من تَبَاعُدِ ما بينِ الثَّدْيَين تباعُدُ ما بَيْن اليَدَينِ، والثَّدْيُ عامٌّ في الرِّجال والنِّسَاءِ، كما تقدّم، فلا غلطَ.

  والفَلْجُ والفَالِجُ: البَعِيرُ ذو السَّنامَيْن، وهو الّذي بين البُخْتِيّ والعَرَبيّ، سُمِّيَ بذلك لأَن سَنامه نِصْفَانِ، والجمع الفَوالِجُ. وفي الصّحَاح: الفالِجُ: الجَمَلُ الضَّخْمُ ذو السَّنامَيْن يُحْمَل من السِّنْدِ البلادِ المعروفةِ للفِحْلَةِ، بالكسر.

  وقد ورد في الحديث: «أَنّ فالِجاً تَردَّى في بِئرٍ».

  وقيل: سُمِّيَ بذلك لأَن سَنَامَيْه يَخْتِلف مَيْلُهما.

  والفَلْج والفُلْج: القَمْر.

  والفَالِجُ في حديث عليّ ¥: «إِن المُسلِمَ ما لَمْ يَغْشَ دنَاءَةً يَخْشَعُ لها إِذا ذُكِرَتْ وتُغْرِي به⁣(⁣٤) لِئامَ النّاسِ كاليَاسِرِ الفالِجِ» اليَاسِرُ المُقَامِرُ والفالِجُ: الفائزُ من السِّهَام. سَهْمٌ فَالِجٌ: فائزٌ. وقد فَلَجَ أَصحابَه وعلى أَصحابه، إِذا غَلَبَهُم.

  وفي حديثٍ آخَرَ: «أَيُّنَا [فَلَجَ]⁣(⁣٥) فَلَجَ أَصحابَه».

  وفي حديث سعدٍ: «فأَخذْتُ سَهْمي الفالِجَ»: أَي القامِرَ الغالِبَ. قال⁣(⁣٦): ويجوز أَن يكون السّهْمَ الّذي سَبَقَ به في النِّضَال.

  والفالِجُ: مَرَضٌ من الأَمراضِ يَتَكوَّنُ من اسْتِرْخَاءِ أَحدِ شِقَّيِ البَدَنِ طُولاً؛ هذا نَصُّ الزَّمَخْشَريّ في الأَسَاس⁣(⁣٧).

  وزاد في شَرْحِ نَظْم الفصيح: فيَبْطُلُ إِحساسُه وحَرَكَتُه، وربما كان في عُضْوٍ واحدٍ. وفي اللسان هو رِيحٌ يأْخُذُ الإِنسانَ فَيَذْهَب بشِقِّه. ومثلُه قول الخَليل في كتاب العَين.

  وقد يَعْرِض ذلك لأَحَدِ شِقَّيِ البَدَنِ ويَحْدُث بَغْتةً لانْصِبابِ خِلْطٍ بَلْغَمِيّ، فأَوّلُ ما يُورِث إِنه تَنْسَدّ منه مَسالِكُ الرُّوحِ، وهو حاصلُ كلامِ الأَطباءِ.

  وفي حديث أَبي هُرَيْرَةَ ¥: «الفالِجُ داءُ الأَنبياءِ».

  وقال التَّدْمُريّ في شرح الفصيح: الفالِج: داءٌ يُصيب الإِنسانَ عند امتلاءِ بُطُون الدِّماغ من بعضِ الرُّطوبات، فيَبْطُل منه الحِسُّ وحَركاتُ الأَعضاءِ، ويَبْقَى العَليلُ كالمَيتِ لا يَعْقِل شيئاً.


(١) ويروى:

تذكر أعيناً رَوَاءً فَلَجا

(معجم البلدان - التكملة)

(٢) في معجم البلدان: وفَلَج بدون ال التعريف.

(٣) في معجم البلدان: «وقشير وكعب» بسقوط «ابنيّ».

(٤) عن النهاية وبالأصل بها.

(٥) زيادة عن النهاية واللسان.

(٦) أي ابن الأثير، انظر عبارته في النهاية.

(٧) لم ترد هذه العبارة في الأساس. ولعله يريد المصباح فالعبارة فيه قريبة.