تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[بحح]:

صفحة 6 - الجزء 4

  الأَزهريّ. وقال أَبو عُبيدَةَ: بَحَحْتُ أَبَحُّ - بفتحهما - بَحّاً وبَحَحاً محرَّكةً وبَحَاحاً كسَحَاب وبُحوحاً، بالضّمّ، وبُحوحَةً، بزيادةِ الهاءِ وبَحَاحَةً كسَحَابَة، وهي لغةٌ فيه. وقد أَطلقَه أَهلُ التَّجنيس: بَحَّ يَبَحُّ ويَبُحّ: إِذا أَخذَتْهُ بُحَّةٌ، بالضّمّ وخُشونةٌ وغِلَظٌ في صَوْته، وربما كان خِلْقةً. ويقال: البُحَّةُ، بالضّمّ: غِلَظٌ في الصَّوْت، وإِن كان من داءٍ فهو البُحَاحُ بالضّمّ.

  وهو أَبَحُّ بَيِّنُ البَحَحِ. ولا يقال: باحٌّ، نَبَّهَ عليه الجوهريّ.

  وهي بَحَّةٌ وبَحّاءُ بَيِّنَةُ البَحَحِ. قال ابن سيده: وأُرَى اللِّحْيَانيّ حَكَى بَحِحْتَ تَبْحَحُ، وهي نادِرَة، لأَن مِثْل هذا إِنّمَا يُدْغَمُ ولا يُفَكّ.

  وأَبحَّه الصِّيَاحُ، يقال ما زِلْتُ أَصِيح حتّى أَبَحَّني ذلك.

  وتَبَحْبَح الرَّجلُ: إِذا تَمَكَّنَ في المُقَام والحُلُولِ وتَوسَّطَ المَنزِلَ. ومنه حديثُ غِناءِ الأَنْصَاريَّةِ:

  وأَهْدَى لها أَكبُشاً

  تَبَحْبَحُ في المِرْبَدِ

  وزوجُك في النّادي

  ويَعْلَمُ ما في غَدِ⁣(⁣١)

  أَي مُتَمَكِّنَة في المِرْبَد. وتَبَحْبَحَ في المَجْدِ: أَي أَنّه في مَجْدٍ واسِعٍ - وجعلَ الفَرَّاءُ التَّبَحْبُحَ من الباحَةِ، ولم يَجْعله من المُضَاعف - كبَحْبَحَ.

  وتَبَحْبَحَ الدَّارَ وبَحْبَحها: إِذا تَوَسَّطَها وتَمَكَّنَ منها.

  ومن المجاز: بُحْبُوحةُ المَكَانِ أَي وَسَطُه. والبُحْبُوحَةُ وَسَطُ المَحَلَّةِ قال جَرير:

  قَوْمِي تَمِيمٌ هُمُ القَومُ الّذين همُ

  يَنْفُون تَغْلِبَ عن بُحْبُوحَةِ الدَّار

  وفي الحديث أَنه ÷ قال: «مَنْ سَرَّه أَن يَسْكُنَ بُحْبُوحَةَ الجَنَّةِ فَلْيَلْزَم الجَمَاعةَ».

  قال أَبو عُبَيْدٍ: أَراد ببُحْبوحَة الجَنَّةِ وَسَطَهَا. قال: وبُحْبُوحَةُ كلِّ شْئٍ: وَسَطُه وخِيارُه.

  ويقال: هم في ابْتِحاحٍ، أَي في سَعَةٍ وخِصْبِ.

  وفي حديث خُزَيْمَةَ: «تَفَطَّرَ اللِّحَاءُ، وتَبَحْبَحَ الحَيَاءُ»، أَي اتَّسَعَ الغَيْثُ وتَمَكَّنَ من الأَرض. قال الأَزهريّ: وقال أَعرابيّ في امرأَةٍ ضَرَبَهَا الطَّلْقُ: تَرَكْتُهَا تَبَحْبَحُ على أَيْدِي القَوَابِل.

  وقال الفَرَّاءُ: البَحْبَحِيّ: الوَاسعُ في النَّفَقَة، والوَاسعُ في المَنْزِل.

  وبَحْبَحٌ القَصّابُ، كَفَدْفَدٍ: تابِعِيّ.

  والبَحْبَحَةُ: الجَمَاعَةُ.

  ومن المَجَاز الأَبَحُّ: الدِّينارُ قال الجَعْديّ يَصِفه:

  وأَبَحَّ جُنْدِيٍّ وثاقِبةٍ

  سُبِكَتْ كثاقبةٍ من الجَمْرِ

  أَراد بالأَبَحّ دِيناراً أَبَحَّ في صَوْتِه. جُنْدِيّ: ضُرِبَ بأَجْنادِ الشَّأْمِ. والثَّاقِبَة: سَبِيكَةٌ مِن ذَهبٍ تَثْقُبُ أَي تَتَّقِدُ.

  والأَبَحُّ: السَّمينُ. والأَبَحُّ من العِيدانِ: الغَليظُ، يقال: عُودٌ أَبَحُّ: إِذا كان غليظَ الصَّوْتِ. والبَمُّ يُدْعَى الأَبَحَّ لِغلَظِ صَوْتِه، وهو مَجاز، كما بَعْدَه، لأَنّ الزَّمَخْشريّ قال: ومن المَجَاز وَصْفُ الجَمَاد بذلك. والأَبَحُّ: القِدْحُ، بالكسر، التي يُسْتَقْسَم بها ج، بُحٌّ، بالضّمّ، قال خُفافُ بن نُدْبَةَ:

  قَرَوْا أَضْيافَهُمْ رَبَحاً بِبُحٍّ

  يَعِيشُ بفَضْلِهنَّ الحَيُّ سُسْرِ

  هُمُ الأَيْسَارُ إِنْ قَحَطَتْ جُمَادَى⁣(⁣٢)

  بكُلِّ صَبيرِ غادِيةٍ وقَطْرِ

  أَراد بالبُحِّ القِدَاحَ الّتي لا أَصواتَ لها. والرَّبَحُ، بفتح الرَّاءِ: الشَّحْمُ. وكِسْرُ أَبَحّ: كثيرُ الشَّحمِ⁣(⁣٣). قال:

  وعَاذِلةٍ هَبَّتْ بِلَيْلٍ تَلُومُني

  وفي كَفِّهَا كِسْرٌ أَبَحُّ رَذُومُ


(١) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله وزوجك الخ كذا بالأصل كاللسان وهو غير مستقيم الوزن إلّا أن تحرك الياء من النادي وتشبع الحركة، فليحرر».

(٢) بالأصل: «قطت جمادى» وما أثبت عن اللسان. والصبير: من السحاب الذي يصير بعضه فوق بعض درجاً.

(٣) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله كثير الشحم الذي في اللسان: كثير المخ».