[برح]:
  يقولون: كان كذا وكذا الليلةَ، إِلى ارتفاعِ الضُّحَى، وإِذا جاوزَ ذلك قالوا: كان البارحةَ. والعرب يقولون(١): «ما أَشْبَهَ اللّيلةَ بالبارِحَةِ»: أَي ما أَشبهَ اللَّيلةَ الّتي نَحنُ فيها باللَّيلةِ الأُولَى التي قد بَرِحَتْ وزَالَتْ(٢) ومَضَتْ.
  والبُرَحاءُ، كنُفَساءَ: الشِّدَّةُ والمَشَقَّةُ، وبُرَحاءُ الحُمَّى، خَصَّ بها بعضُهم، ومنهم من أَطلقَ فقال: بُرَحاءُ الحُمَّى وغيرِها، ومثلُه في الصحّاح: شِدّةُ الأَذَى. ويقال للمحمومِ الشَّديدِ الحُمَّى: أَصابَتْه البُرَحاءُ. وقال الأَصمعيّ: إِذا تَمدّدَ المَحمومُ للحُمَّى فذلك المطّوي(٣)، فإِذا ثَابَ عليها فهي الرُّحَضاءُ(٤)، فإِذا اشتدَّت الحُمَّى فهي البُرَحاءُ.
  وفي الحديث: «بَرَّحَت بي الحُمَّى»، أَي أَصابني منها البُرَحَاءُ، وهو شِدَّتُها. وحديث الإِفْك: «فأَخَذه البُرَحاءُ»، وهو شِدّةُ الكَرْبِ من ثِقَلِ الوَحْيِ.
  ومنه تقول بَرَّحَ به الأَمرُ تَبْرِيحاً: أَي جَهَده.
  وفي حديث قتْلِ أَبي رافعٍ اليَهوديّ: «بَرَّحَتْ بنا امرأَتُه بالصِّياحِ».
  وفي الصّحاح: وبَرَّحَ بي: أَلَحَّ عَليَّ بالأَذَى. وأَنا مُبَرَّحٌ بي.
  وبه تَبارِيحُ الشَّوْقِ، أَي تَوَهُّجُه. والتَّبارِيحُ: الشَّدائِدُ.
  وقيل: هي كُلَفُ المعيشةِ في مَشَقَّة.
  قال شيخُنا: وهو من الجموع التي لا مُفردَ لها. وقيل: تَبْرِيحٌ. واستعمله المُحْدَثون، وليس بثَبتٍ.
  والبَرَاحُ كَسَحَابٍ: المُتَّسِعُ من الأَرض لا زَرْعَ بها، وفي الصّحاح: فيه ولا شَجَرَ. ويقال: أَرضٌ بَرَاحٌ: واسعةٌ ظاهرةٌ لا نباتَ فيها ولا عُمْرانَ.
  والبَرَاحَ: الرَّأْيُ المُنْكَرُ.
  والبَرَاحُ من الأَمْرِ: البَيِّنُ الواضحُ الظاهِرُ.
  وفي الحديث: «وجاءَ بالكُفْر بَرَاحاً»: أَي بَيِّناً. وقيل: جِهَاراً.
  وبَرَاحُ: اسمُ أُمّ عُثْوارَةَ(٥)، بالضّمِّ، ابنِ عامِر بنِ لَيْثٍ.
  والبَرَاحُ: مصدرُ بَرِحَ مكانَه كسَمِعَ: زالَ عنه، وصار في البَرَاحِ، وقد بَرِحَ بَرَحاً وبُرُوحاً.
  وقولُهم: لا بَرَاحَ، مَنصوبٌ، كقولِهم: لا رَيْبَ، ويجوز رفعُه فتكون لا بمنزلَةِ ليسَ، كما قال سَعْدُ بن ناشِبٍ في قصيدة مرفوعة:
  مَنْ فَرَّ عَنْ نِيرانِهَا
  فأَنَا ابنُ قَيْس لا بَراحُ
  قال ابن الأَثير: البيت لسعدِ بنِ مالكٍ يُعرِّض بالحارِث بنِ عَبّاد، وقد كان اعتزلَ حَرْبَ تَغْلِبَ وبَكْرٍ ابنَيْ وائِلٍ، ولهذا يقول:
  بِئْسَ الخَلائِفُ بَعْدَنا
  أَولادُ يَشْكُرَ واللِّقاحُ
  وأَرادَ باللِّقاحِ بني حَنيفةَ، سُمُّوا بذلك لأَنّهم لا يَدِينُونَ بالطّاعةِ للمُلوك، وكانوا قد اعتزلوا حَرْبَ بكْرٍ وتَغْلِبَ إِلَّا الفِنْدَ الزِّمّانيَّ.
  ومن المجاز قولهم: بَرِحَ الخَفَاءُ، كسَمِعَ ونَصَرَ، الأَخيرة عن ابن الأَعرابيّ، وذكرَه الزّمخشريّ أَيضاً، فهو مستدرَك على المصنّف: إِذا وَضَحَ الأَمْرُ، كأَنه ذَهَب السِّرُّ وزَالَ. وفي المستقصى: أَي زَالَت الخُفْيَةُ. وأَوَّلُ مَن تكلّم به شِقٌّ الكاهِنُ، قاله ابنُ دريد. وقال حسّان:
  أَلا أَبْلِغْ أَبا سُفْيانَ عَنِّي
  مُغَلْغَلةً فقد بَرِحَ الخَفاءُ
  وقال الأَزهريّ: معناه زالَ الخَفاءُ. وقيل: معناه ظهَر ما كان خافياً وانكشف، مأْخوذٌ من بَرَاحِ الأَرضِ، وهو البارِزُ الظاهِرُ(٦). وقيل: معناه: ظَهَرَ ما كُنْتُ أُخْفِي.
  وبَرَحَ كنَصَرَ يَبْرُحُ بَرْحاً: إِذا غَضِبَ. في اللسان: إِذا غَضِب الإِنسانُ على صاحبه قيل: ما أَشَدّ ما بَرَحَ(٧) عليه.
  وبَرَحَ الظَّبْيُ بُرُوحاً: إِذا وَلَّاك مَياسِرَه ومَرَّ مِن مَيامِنِكَ إِلى مَياسِرِك.
(١) التهذيب واللسان: تقول.
(٢) الأصل واللسان، وفي التهذيب: أو زالت.
(٣) الأصل واللسان، وفي التهذيب: المطواء وهو يناسب الرحضاء والبرحاء.
(٤) الأصل واللسان، وفي التهذيب: فإِذا تثاءب عليها فهي الثُّؤباء، فإِذا عرق عليها فهي الرحضاء.
(٥) في إِحدى نسخ القاموس: «أم عتوارة» ومثلها في التكملة.
(٦) الأصل واللسان، وفي التهذيب: الظاهر البارز.
(٧) هذا ضبط اللسان، وضبطت في التهذيب بكسر الراء.