(فصل الباء) مع الحاء المهملة
  وما أَبْرَحَه: أَي ما أَعْجَبَه. قال الأَعشى:
  أَقولُ لها حينَ جَدَّ الرَّحي
  لُ أَبْرَحْتِ رَبّاً وأَبْرَحْتِ جَارَا
  أَي أَعْجَبْتِ وبالَغْتِ. وأَبْرَحَه: بمعنى أَكْرَمَه وعَظَّمَه.
  وقيل: صَادَفَه كَريماً. وبه فَسَّر بعضُهم البَيتَ. وقال الأَصمعيّ: أَبْرَحْتِ: بالَغْتِ. ويقال: أَبْرَحْتَ لُؤْماً، وأَبْرَحْتَ كَرَماً: أَي جئْتَ بأَمرٍ مُفْرِط. وأَبْرَحَ رجلٌ فُلاناً: إِذا فَضَّلَه، وكذلك كلُّ شيءٍ تفَضِّلُه.
  ويقال للأَسِد وكذا للشَّجاعِ: حَبِيلُ - كأَمير - بَراحٍ كسَحابٍ، كأَنَّ كُلَّا منهما قد شُدَّ بالحِبالِ فلا يَبْرَحُ. وفي المثل «إِنّما هو كبَارِح الأَرْوَى، قليلاً ما يُرَى» مَثَلٌ يُضْرَب للنّادِر، والرّجلِ إِذا أَبطأَ عن الزِّيارة، وذلك لأَنها تَسْكُن قُنَنَ الجِبالِ فلا تَكادُ تُرَى بارِحةً ولا سانِحةً إِلّا في الدُّهور مَرَّةً. وتقييد شيخِنا النادرَ بقليل الإِحسان مَحَلَّ نظرٍ.
  واليَبْرُوحُ(١) الصَّنَمِيّ، بتقديم التَّحتيّة على الموحَّدة على الصَّواب، وقد أَخطأَ شيخنا في ضبطه: أَصْلُ اللُّفّاح كرُمّان البَرِّيّ، وهو المعروف بالفَاوَانيَا وعُودِ الصَّلِيب. وقد عرَّفه شيخُنا بتُفّاحِ البَرِّ، ونسَبه للعامّة، وهو شَبيهٌ بصُورةِ الإِنسان(٢) ومنه ذَكَرٌ وأُنثَى، ويُسمّيه أَهلُ الرُّوم: عبد السّلام. ومن خواصّه أَنه يُسْبِت ويُقَوِّي الشَّهوتَينِ وإِذا طُبخَ به العَاجُ سِتّ ساعات لَيَّنَه ويُدْلَك بوَرَقِه البَرَشُ، محرَّكَةً، أُسبوعاً من غير تَخلُّلٍ فيُذْهِبُه بلا تَقْريحٍ. ومَحلُّ هذه المنافعِ كُتبُ الطِّبِّ.
  وبَيْرَحُ بنُ أَسَدٍ: تابِعيٌّ.
  وبَيْرَحَى، كفَيْعَلَى، أَي بفتْح الفاءِ والعين: أَرْضٌ بالمدينةِ المُشرّفة، على ساكنها أَفضلُ الصَّلاة والسَّلام، أَو مالٌ بها. قال الزّمخشريّ في الفائق: إِنها فَيْعَلَى(٣) من البَراحِ، وهي الأَرض الظاهرة.
  وفي حديث أَبي طَلْحةَ: «أَحَبُّ أَمْوالي إِليَّ بيرحاء».
  قال ابن الأَثير: هذه اللّفظةُ كثيراً ما تختلف أَلفاظُ المُحدِّثين فيها، فيقولون بيرحاء، بفتح الباءِ وكسرها، وبفتح الرّاءِ وضمّها، والمدّ فيهما، وبِفَتحهما والقصر، ويُصحِّفها المُحدِّثون فيقولون: بِئْرُحاءٍ، بالكسر بإِضافة البِئر إِلى الحاءِ. وسيأْتي في آخر الكتاب للمصنّف: حاءٌ: اسمُ رجلٍ نُسِبَ إِليه بئْرٌ بالمدينة، وقد يُقْصَر. والّذي حَقّقه السّيّد السَّمْهُوديّ في تواريخه أَنّ طريقة المُحدِّثين أَتْقَنُ وأَضْبَط.
  وأَمْرٌ بِرَحٌ كعِنَبٍ: مُبَرِّحٌ، بكسر الرّاءِ المشّددة: أَي شديدٌ.
  وبارِحُ بنُ أَحمدَ بنِ بارحٍ الهَرَوِيّ: مُحدِّث.
  وسَوَادَةُ بنُ زِيادٍ البُرْحِيّ بالضّمّ(٤) الحِمْصيّ، وجدْته في تاريخ البخاريّ، بالجيم، وفي هامشه بخطّ أَبي ذَرٍّ: وفي أُخرَى بالمهملة.
  والقاسم بن عبد الله بن ثَعْلبةَ البَرَحِيُّ، مُحرَّكةً، إِلى بَرِيح(٥)، بطْنٍ من كِنْدة، من بني الحارث بن معاويةَ، مِصريّ، مُحدِّثانِ. رَوى الأَوّلُ عن خالدِ بن مَعْدانَ، وعنه إِسماعيلُ بنُ عَيّاشٍ، قاله الذَّهَبيّ. وروى الثّاني عن ابنِ عمرو(٦)، وعنه جَعفرُ بنُ رَبيعةَ.
  وابنُ بَرِيحٍ وأُمّ بَريحٍ كأمير: اسم الغُراب مَعْرِفة، سُمِّيَ به لصَوته. وهُنَّ بناتُ بَرِيحٍ. والّذي في الصّحاح: «أُمّ بَرِيحٍ»، بدل «ابن بريح». قال ابن بَرِّيّ: صوابه أَن يقول: ابن بَريحٍ ووجدْت في هامشه بخطّ أَبي زكريّا: ليس كما ذَكَرَ، إِنما هو ابنُ بَريحٍ، فلا تحريفَ في نُسخة الصّاغانيّ(٧)، كما زعمه شيخنا. وقال ابن بَرِّي: وقد يستعمل ابن بَرِيح أَيضاً في الشِّدَّةِ، يقال: لَقِيت منه ابنَ
(١) في القاموس: البيروح. ومثله في التكملة.
وبهامش المطبوعة المصرية: «يبروح: الصنم، لفظ سرياني معناه ذو الصورتين، كذا بهامش المطبوعة». وفي تذكرة داود: يبروح سريانية معناها: عاوز روح.
(٢) القاموس: «بصورة إِنسان» ومثله في التكملة. وفي التذكرة للأنطاكي: وغلط من جعله اللفاح غير أن هذا الاسم يطلق على كل نبت ذي صورة إِنسانية وإِن لم تكتمل.
(٣) الأصل واللسان «فيعل» وما أثبت عن الفائق.
(٤) في اللباب: بفتح الراء وفي اخرها الحاء المهملة. ومثله في إِكمال ابن ماكولا. ووقع في كتاب الثقات: البرجمي. وفي التاريخ الكبير للبخاري: البرجي.
(٥) عن اللباب وبالأصل «برح».
(٦) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله ابن عمرو كذا بالنسخ بالواو فليحرر».
(٧) عبارة الصاغاني في التكملة: وقال الجوهري: أم بريح: اسم للغراب، والصواب: ابن بريح.